قيادة الجزائر تفتري على المغرب.. ولو في أندونيسيا
طالع السعود الأطلسي
قيادةُ الجزائر ليست مثل القيادات الجادّة لدُوَل العالم تواجه مشكلات تدبيرها للبلاد باعتبارها مشكلاتها الخاصَّة، قيادة الجزائر، المسكونة بالعداء للمغرب، تضع المغرب أوَّلاً مُنتِجًا لمُشكلاتها ومُسبِّبًا لها، فتستريح من عناء الدِّراسة الموضوعية لقضاياها ومُعضلاتها ونسبها لعوامل داخلية وذاتية.
سبق لتلك القيادة أن اتّهمت المغرب بإشعال النار في بعض غابات البلاد، بَلْ واتّهمَت المُخابرات المغربية بالإضْرَار بعُشب مَلاعب في الجزائر العاصمة، واليومَ، من أندونيسيا في المنتدى العالمي للماء، السيد طه دَرْبال وزير الرّي الجزائري “شَكا” للعالَم المغربَ الذي “يُضرُّ” بالتوازن البيئي مُحدِثًا أضرارًا للحيوَان والنَّبات والإنسان، بسبب التجفيف المقصود لبعض السُّدود وبعض المناطق، من جهة الحُدود الغربية للجزائر.
هكذا إذن، حتى الجفاف الذي ألَمَّ بالمغرب وظَّفَهُ الوزير الجزائري مؤامرة مغربية ضِد الجزائر.
الجفاف الذي عمَّ المغربَ، له آثارٌ ملموسةٌ في الجهة الشَّرْقية للمغرب، كما باقي جهات المملكة، ونهض العاهل المغربي الملك محمد السادس بكل فعاليات الدولة لمُوَاجهة آثاره، بتدابير عملية، ولا “أظن” أنه بفعل فاعل مُغرضٍ ضد المغاربة وضد جيرانِهم. وهو من جِنس الجفاف الذي أصاب الجزائر، وكانت له آثارٌ بادية في حقول وسدود الجهة الغربية الجزائرية.
التَّمَاس الجغرافي بين المغرب والجزائر يُؤدِّي إلى اشتراك البَلَدان في مثل هذه الكوارث الطبيعية. والحمد لله، أن ذلك يبقى محصورًا في السَّماء المُشتركة بيْنهما، تُمطر أو لا تُمطر لهما معا. أما الكوارث الاجتماعية والسياسية الجزائرية فيبْقى المغربُ معقّما ضِدَّها.
سأتَحمَّل وِزْر المُشاركة في البُهتان إذا ما ناقشت، بِجدِّية، السيد دربال في تصريحه العابث بالواقع والمنطق وبالسياسة، مثل ذلك الكلام يُوصَف في المغرب، وحتى في الجزائر، بأنه مُجرد “تْخَرْبِيقْ”، نَحشُره في السِّجِل الضَّخم من “تْخَرْبِيقْ” قيادة الجزائر، وإعلامِها ضد المغرب؛ أي سجل الكلام أو الفعل الفاقديْن للْمعنى وللصَّواب وللحقيقة.
تْخَرْبِيقْ الوزير الجزائري هو تفريعٌ من تْخَرْبِيقٍ بِنيوي في السياسات الجزائرية ضد المغرب. كلُّ وزير له تْخَرْبِيقُه الخاص ضد المغرب، اقتداءً برئيسهم السيد عبد المجيد تبون، والذي جعل من «التخربيق» سياسته الرسمية حتى ضد الجزائر، بل وضد الجزائر أساسًا، ولو حين «يُخربِق» ضد المغرب.
تمادي حكام الجزائر في رعاية الجماعة الانْفصالية ضِد المغرب، هو من نوع العبث بمصالح الشعب الجزائري، حين يُبدَّد المال العام ويستهلَك الجهد الدبلوماسي للجزائر في مُكابَرَةٍ خاسرةٍ، فقط إرضاءً لنزعةِ العداء للمغرب. مجلس الأمن الدولي مُقفَل في وجه الدفع الانْفصالي لحكام الجزائر. مقترح الحكم الذاتي المغربي لحل المنازعة الجزائرية حول الصحراء المغربية اكْتسح العقلَ الدبلوماسي الدولي، بمضمونه وبمفرداته وبمنطلقاته السلمية والواقعية. وعَبَثًا تُكابر قيادة الجزائر في الصُّراخ بأطروحتها.. صُراخها إنما يُحْرجُ أطْرافَ علاقاتها الدبلوماسية ويُفْقدُها الإفادَة منَ التعاوُن معها، ويجعلُها في وضع توتر مُفتعل مع دول عربية وإفريقية ومتوسطية لا مَكْسَب لها من وراء اسْتعدائها، تُحَمِّل دبلوماسيتَها أعْباء لا حاجة لها بها، وتفتح على نفسها معارك غير مُبررة، وهي فيها خاسرة بالطول والعرض.
محاولات خلق مُعارضين للمغرب ودعمهم وتحريكهم، مَيِّتَةٌ من أصلها. لعب بمرتزقة بلا طعم وبرائحة مؤذية تكوّنوا في مُسْتَنْقعات الخيانة، بحيث أدْمَنوا التسوُّل لدى مخابرات عدة دول، وكلها لفظتهم لعجزهم عن إفادتها بأيِّ شيْء؛ من نوع تلك العصابة، التي لا تمثل الريفَ المغربيَ لا في مغربيته ولا في ذاكرته التحريرية الوطنية المغربية ولا في قيم الكرامة والعزة التي يرمُز لها. هي عصابة مرتزقة، أرهقهم التناحر بينهم على احتمالات الغنيمة، قبل أن تُحَمِّلهم مُخابرات الجزائر مهمة “الإغارَة” على المغرب بسخافة ادِّعاء المطالبة بجمهورية في الريف المغربي. ستتْعب قيادة الجزائر معهم ومع غيرهم من أفراد لا يملأ جوفهم إلا “الدولار”، ولن تجني منهم النيل من المغرب لا من قريب ولا من بعيد ولا ما يُبرد عطشها للإضرار به.. ذلك مجرد «تْخَرْبٍيقْ» يَستهلك من قيادة الجزائر أموالَ الشّعب الجزائري وجُهد مؤسساته العامة وبلا جدْوَى.
إعلام قيادة الجزائر يفْتعل المُبرِّرات لمهاجمة ملك المغرب، الملك محمد السادس. إعلام يكْذِب، يَزوِّر، يُلَفِّق في حملات مُوَجّهة مُباشرة ضد الملك المغربي. هدْرٌ للجهد وتدفُّق في العداوة لا يُفيد إلا المُتَحامِلين بما يَغنِمونه من علاوات سادَتهم وإطرائهم. أما ملك المغرب فهو قامةٌ شامخةٌ في التاريخ لا تطالها خَشْخَشَة حشرات ولا نُباح حاقدين. هي مجرد حملات شاردة وبطلقات باردة، تنطق بعداوة قيادة الجزائر لتكرِّس جَفاءها ضد المغرب ولن تجني منه أي ضرَرٍ له. مَضْيَعة لجُهدها ومالها وتضيِيعٌ لمصلحتها في كسب المغرب وملك المغرب إلى جانبها، في تدافُعات دولية وقارية تتَّجه فيها إلى عُزْلة ستُؤذِيها وتنال منها.
مَن يُفهم الوزير الجزائري أنّ التجفيف المتعمد والضار بالجزائر هو ما لحق بالعقل القيادي الجزائري؛ القيادة هي من حجبت عن عقلها رَيّه بفهم مصلحتها بعيدة المدى، وليس مجرد الانتفاع اللحظي والمؤقت. وهي من يَهدر مقدرات الجزائر في ما لا ينفع شعب الجزائر.. وحتما لن يضر بالمغرب.
الكاتب : طالع السعود الأطلسي - بتاريخ : 28/05/2024