كورونا السلاح الذي أرعب العالم
بقلم الطيب الشكري
هي أزمة وتمر، جائحة وتمضي بإذن المولى، وستبقى مجرد ذكرى حتى وإن كانت أليمة ومكلفة بشريا واقتصاديا. سنتذكر مارس بكل الحزن والخوف الذي هز الكرة الأرضية قاطبة، مارس هذا الذي تحول من ربيع مزهر ومخضر إلى خريف مقرف بإصابات وجثث وضحايا ذنبهم الوحيد أنهم كانوا ضحية لعبة خسيسة من قادة الإمبريالية الرأسمالية المتوحشة. وأنا أطلع على الأخبار التي تحملها قصاصات وكالة الأنباء العالمية حول أعداد المصابين والموتى من ضحايا الفيروس اللعين، عادت بي الذاكرة إلى حكايات الآباء والأجداد بتسمياتها المفزعة ك»عام البون»، «عام لحريرة»، «عام الجوع» وغيرها من المسميات التي كانت بالنسبة لنا مجرد حكايات ليس إلا ،رغم كل الفظاعات التي كانت تحملها، فمن كان يا ترى يعتقد ولو للحظة واحدة أن العالم المتقدم المتحضر المتمدن، عالم الاختراعات والاكتشافات الطبية والعلمية، عالم الأسلحة النووية والعسكرية المتطورة سيقف عاجزا أمام امتحان الكرورنا؟
من كان يظن أن أعتى الأنظمة التي كانت تسوق لنا قوتها وجبروتها من خلال ترسانتها العسكرية والاقتصادية والعلمية المتقدمة والمتطورة وفتوحاتها الدونكيشودية ستفشل في حماية مواطنيها بل الأفظع من هذا، تجبرهم على الموت مقابل إنقاذ شبابها؟
من كان يخال أن يقف أقوى رؤساء الدول أمام شاشات التلفاز معلنين عن استسلامهم للأمر الواقع وعن ضعفهم أمام زحف الداء ؟
لا يهم كيف ظهر الوباء فجأة ودون سابق إنذار، ولا تهم السجالات ولا حتى الاتهامات التي انطلقت هنا وهناك، بقدر ما يهمنا كإنسانية جمعاء التغلب على زحف الوباء وانتشاره المخيف، ونسابق الزمن من أجل جرعة أمل نهتدي بها إلى اكتشاف الدواء. فالوضع لم يعد يحتمل، والإصابات تتزايد يوما بعد يوم، وعدد الموتى في ارتفاع، وبؤر الوباء تزداد وتتوسع عبر العالم، ومنسوب الخوف يتزايد هو الآخر كيف لا والعالم بأسره من أقصاه إلى أقصاه يعمل ليل نهار ودون توقف، ليس من أجل اكتشاف دواء للفيروس القاتل فحسب، بل الأكثر من هذا من أجل الحد من انتشاره وتفشيه، وتفادي إصابات جديدة لأن الوضع لم يعد يحتمل: فالمستشفيات امتلأت عن آخرها، ولم تعد تتسع لمزيد من الإصابات، والتوابيت استنفدت مع ارتفاع أعداد الوفيات فلم يعد لنا من حل سوى حجر صحي لملايين الناس عبر العالم، وعزل مدن عن مدن أخرى، علنا نوقف تفشي الداء وهو أكبر تحد يعيشه العالم، بعد أن استهان بالفيروس في مراحله الأولى ولم يتعامل معه بحزم من منطلق الخطر الذي يسببه، هو تحد كبير يعيشه العالم في أقصى امتحان خلال الألفية الثالثة التي ستؤشر لا محالة لعالم جديد ما بعد الكورونا .
الكاتب : بقلم الطيب الشكري - بتاريخ : 23/04/2020