مدرس المرحلة الراهنة

خليل البخاري (*)

إن تقدم الدول وقدراتها على مواجهة التحديات والإكراهات يرتكز على موضوع أساسي وجوهري، وهو إعداد المدرس لمواكبة التطورات العالمية واللحاق بركب الأمم المتقدمة.
إن عديدا من المدرسين ببلادنا يتبعون طرقا تقليدية في التدريس في ضوء التغير المتسارع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعولمة النشاط الإنساني. فالمدرس هو الركيزة الأساسية الحاسمة في مدى نجاح جهود عملية التربية في تشكيل اتجاهات الأفراد ونظرتهم إلى الحياة، فهو يأتي في موضع القلب من منظومة العناصر المتفاعلة في عملية التربية.
يواجه المدرس في الوقت الحالي مجموعة من التحديات أبرزها التحدي الثقافي، فالعصر الحالي يشهد صراعا ثقافيا يهدد سلوكيات وقيم المجتمع، لذا فالمدرس مطالب بدوره بتعميق شعور تلامذته بمجتمعهم وتوضيح القيم من الرخيص لهم مما ينقل عبر وسائل الإعلام والأدوات التكنولوجية. أما التحدي الثاني فهو التربية المستدامة، فالمدرس مطالب بمراعاة مجموعة من الجوانب لتحقيق التنمية والتربية المستدامة، وهي التعلم للمعرفة، ويتضمن كيفية البحث عن مصادر المعلومات وتعلم كيفية التعلم للإفادة من فرص التعلم مدى الحياة، والتعلم للعمل، أي إكساب التلميذ الكفايات التي تؤهله، بشكل عام، لمواجهة المواقف، وأخيرا التعلم للتعايش مع الآخرين، وذلك بإكساب التلميذ مهارات فهم ذواته وإدراك أوجه التكافل في ما بين التلاميذ وإزالة الصراع وتسوية الخلافات.
ومن بين التحديات الأخرى التي يواجهها المدرس في الوقت الراهن تحدي قيادة التغيير. فالمدرس هو القائد الفعلي للتغييرالجوهري في المجتمع، ومهنة المدرس في المستقبل أصبحت مزيجا من مهام القائد لمشروع وناقد وموجه ومساعد اجتماعي.
وهناك تحد آخر يتعلق بثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فالمدرس لم يعد مطلوبا منه الاقتصار على نقل المعلومات بل أصبح المطلوب منه تنمية القدرات والكفايات. وبخصوص تحدي تمهين التعليم، فنحن بحاجة إلى ثورة في هذا الاتجاه، وذلك باتخاذ السبل الكفيلة بجعل التعليم مهنة ترقى لمصاف المهن المتميزة كالمهندس والطبيب والمقاولاتي والإعلامي…ويتطلب التمهين توافر ثقافة واسعة وقدرات متميزة لدى المدرس كالحرية في الاختيار واستخدام التكنولوجيا والتحول إلى مصمم محترف لبيئة التعليم وأدواتها.
إذا كان التعليم له نموذجه الخاص، وإذا كانت هناك مهارات ينبغي أن يتقنها المدرس، فماهي هذه المهارات التدريسية، والتي من شأنها أن تنعكس على درجة تعلم التلميذ وتحصيله وفهمه وترجع عليه بالفائدة؟ من أبرز هذه المهارات: مهارات فن التدريس وتدبير الفصل الدراسي /مهارة التواصل والتكنولوجيا /مهارات روح المبادرة والتفكير المتضامن.
وعلى مدرس المرحلة الراهنة أن يكون نموذجا وقدوة لزملائه في العمل، وكذلك في المثابرة، وقائدا يدبر تلامذته من حيث قدراتهم وأنماطهم ومكوناتهم الثقافية. كماعلى مدرس الوقت الراهن أن يكون محاورا يهيئ الفصل الدراسي، يحاور تلامذته ويشجع روح المبادرة لديهم.
كما على المدرس إدارة التفاعل الصفي المتمثل في أنماط التواصل بين مكونات العملية التعليمية. فالتفاعل الصفي له دور كبير في أداء التلاميذ التحصيلي وفي أنماط سلوكهم. فهو وسيلة التعليم والتعلم وسبيل تطور روح الفريق والطريق إلى إنشاء علاقات يسودها التفاهم بين المدرس والتلميذ وبين التلاميذ أنفسهم. ومن بين عوامل التفاعل الصفي والتواصل الفعال: الإصغاء، المشاركة في النقاش، وهي فرصة للمدرس لتنظيم المناخ الصفي الذي يحفز التلاميذ على طرح الأسئلة وإيجاد أجوبة لها /الاستجابة أي استجابة المدرس لمكونات الوضع التعليمي.
وصفوة القول إذا كانت هناك إرادة قوية ورغبة في الارتقاء بمستوى المنظومة التعليمية فعلى الجهات الوصية على قطاع التربية والتعليم التركيز على تكوين الموارد البشرية باعتبارها الرأسمال الحقيقي واللامادي، فالاهتمام بتكوين العنصر البشري سيساعد على تخريج مواطنين ملتزمين بقضايا المجتمع والوطن قادرين على المساهمة بحيوية وإبداع في اخراج بلدنا من المشاكل التي يتخبط فيها قطاع التربية والتعليم.

باحث تربوي(*)

الكاتب : خليل البخاري (*) - بتاريخ : 14/04/2022

التعليقات مغلقة.