ممارسة الكذب والخداع وأدوات التضليل الإعلامي

سري القدوة

صناعة الكذب والتضليل الإعلامي له عدة صور منها قلب الحقائق، أو التضليل بالمعلومات التي ليس لها علاقة بالحدث، ويمارس الإعلام دوراً خطيراً في حياة الأمم، ليس في نقل الأخبار والأحداث فقط وإنما في صياغة وتحديد توجهات الرأي العام، ومن هنا يصبح التضليل الإعلامي الذي يمارسه الإعلام حالياً بمثابة حرب نفسية تمارس بحق المتلقي لأحداث تترك أكبر قدر من التأثير السلبي وبات من المهم أن نلاحظ بأن التغيب الإعلامي وإغلاق المحطات الدولية ومواقع الانترنيت والتحكم في ما يتم بثه للجمهور يشكل تدهورا خطيرا في حرية الرأي والممارسة المهنية الإعلامية، ويتنافى مع ميثاق الإعلام الدولي ويتناقض مع مادة 19 من مواد الميثاق الدولي وحرية الصحافة .
هذا الأمر يعني ممارسة قطبية الرأي الواحد وتكريس لغة القمع والإرهاب وفرض الرأي الواحد في هذا العالم المتناقض وبات يواجه العالم ما يعرف بشرطة الفكر الجديد وأدوات الرقابة وجيش الهكر والتحكم في قنوات البث المرئية والمسموعة وخطوط الإمداد لشبكات الانترنت الممتدة عبر العالم، مما يشكل أدوات للسيطرة تحول دون تقدم حرية الرأي والممارسة الديمقراطية، وبالتالي أصبح واقع التزوير والتضليل الإعلامي بأشكاله وصوره المختلفة هو السائد في هذا العالم، الذي تغيب فيه العدالة ويلهث الجميع فيه إلى تطبيق وفرض وجهة النظر بالقوة عبر التحكم بما يتم بثه وتلقيه .
مهام التضليل الإعلامي تتلخص في قلب الحقائق، أو التضليل بالمعلومات التي ليس لها علاقة بالحدث، أو باستخدام مفردات معينة تؤدي إلى إصدار أحكام بالإدانة أو بالانتقائية المتحيزة التي تنتقي بعض الكلمات والحقائق والمصادر وتهمل الأخرى مما يعزز ممارسة قطبية العالم الأوحد وتسخير الرقابة لكتم الصوت الآخر .
ومن خلال تتبع حالة الإعلام الغربي وخاصة بعد تفجر الصراع الروسي الأوكراني، وما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي نجد أن هناك حالة من الفوضى ونشر أكاذيب مضحكة يقوم بها الإعلام المضلل عبر تصريحات مفبركة تنستهدف الرأي العام الدولي وخداع المتلقي، وخاصة في المنطقة العربية، تشمل غسيل الأدمغة للشعوب العربية، وقلب الحقائق وتغيير القناعات وضرب القيم الوطنية، وتكذيب الصادق، وتصديق الكاذب، ونجد الاستغلال الواضح لوسائل الإعلام لتنفيذ مهمة السيطرة وممارسة تفريغ المحتوى الواقعي ومضامين الرسائل الإعلامية وحقيقة ما يجري من صراع التكتلات العالمية حيث يسود العالم لغة جديدة لشرطة الفكر القمعي، والتي برزت من خلال التحكم في آليات البث الدولي حيث يقع الإعلام في قبضة شرطة الفكر الجديد ليحول دون ممارسة الحرية ويتناقض مع التشريعات الإعلامية وحقوق نقل المعلومات التي نتعلمها ونقرؤها ولم نمارسها على أرض الواقع، ويكشف حقيقة وزيف المنظومة الإعلامية الدولية وتطورها الهائل وسيطرة وهيمنة القوى الاستعمارية عليها لخدمة أفكارهم وبث الرعب والخوف من أجل ضمان الهيمنة والسيطرة في عالم أصبحت فيه العدالة مجرد شعارات جميلة تزين مواد الأمم المتحدة ومؤتمراتها .
ويمكن أن نلخص تلك الوقائع التي يمارسها الإعلام لصناعة التضليل الإعلامي وصناعة الكذب في الدور الذي يقوم به الإعلام الغربي، والذي يعكس طبيعة التناقض بالمواقف الدولية وما يتم استخدامه من مصطلحات لقلب الحقائق وتوزيع صكوك غفران للمسؤولين الإسرائيليين للتغطية على انتهاكاتهم وجرائمهم وتلك المجازر، التي يتم ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني بالرغم من معرفة الأمم المتحدة وتوثيقها لذلك، لكن هذا العالم الصامت لم يتحرك ولم يفعل أي شيء .

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com

الكاتب : سري القدوة - بتاريخ : 09/03/2022

التعليقات مغلقة.