موضوعتان مُفترضتان حول الواقع السياسي بالمغرب

عبد الله راكز

الموضوعة الأولى:
لعل في الواقع السياسي/الاجتماعي العام بالمغرب، بالشروط والحيثيات التي تؤطره، المُعتملة فيه وبه، مايثير انتباه أي مراقب أو باحث حول سؤال الشرعية؟وهو سؤال مشروع بالنظر إلى الفراغ(أو شبه الفراغ) السياسي/التّنظيمي الذي يَسِم الواقع المغربي…فهو أمر واقع لا مجال لنفي سيادته، أو مُحايدة اقتضائه. وهذا (أيضا) بحسبان ما يشهده ذات الواقع المذكور من تكثّر وسيادة العديد من الحركات ذات الطابع السياسي/الاستيعاري المُدّعية أو الطامحة ملء الفراغ المذكور بالرغم من التباس مقصدها، وطموحها السياسي بالأساس. إننا هنا، ننطلق من النظر والرأي الديموقراطيين الهادفين تكريس التعدد والاختلاف وما إلى ذلك كمُقتضى..وكل ذلك في سياق تجذير انتقال ديموقراطي حقيقي يسمح بفتح الأوراش الكبرى: أوراش الإصلاح الوطني!!، على أننا نقصد أيضا الاعتراف بدور هيئات وجمعيات المجتمع المدني (على ضآلتها وضعف إمكاناتها) بما حقّقته من تراكم على هذا المستوى أو ذاك في الإطار المذكور، وبماساهمت به فعليا على هذا المستوى أو ذاك في الدفع بالاعتراف بحقوق المواطنة خطوات غير قابلة للطعن أو الجدل . إن الظروف الوطنية/السياسية التي تبلورت على وجه التّخصيص والتّحديد،بعد 2012(في ظل حكومتين كارثيتين ) كان ويُفترض فيها أن تشكل رافعة للنهوض ديموقراطي عام (ومنه المدني/الثقافي/المواطني بالتخصيص) بل وإسناد(=للنهوض) له في تقوية نفوذه وحظوظ انتشاره.
وإذن،فإن هذه القراءة/الموضوعة تقترح كضرورة حتمية!! أو تكتيك مؤقت بل كواقع متّسق (ويجب أن يكون)مع صيرورة التّطور الطبيعي للمجتمع،أن تنفتح فعاليات المجتمع المدني على الواقع المذكور،بصفة تأسيسية غير جاهزة أو مُكتملة تدعي الكمال والتمام …بل تراعي لوازم المرحلة التاريخية في استدلالاتها المقروءة، وفق برنامج ينظَّم لأشواطها ويمنحها معناها وجوهرها، ضمن هدفية خلق مجتمع مدني يساهم بالأول والأخير في الإعداد للوعي الديموقراطي المُتوخى.
الموضوعة الثانية :
«إن الوحدة هي إرادة تعبير مكتمل عما يتخطى الأهواء والشيع السياسوية، الفئة والمصالح، فهي ذروة الديموقراطية ، بل وإنها الفعل التاريخي الذي تجد في الديموقراطية فرصة فريدة تتجسد فيها وتتألق «(وضاح شرارة).
أين هو بيان من سمّت نفسها معارضة، من هذا؟؟؟ لا غرابة أن تحارب الدولة(أيا كانت) التوحدات الحقيقية المَوْضعية،لأن في قيامها تضييقا على هامش تصرفها بالتّكتلات والقوى الأخرى، ضبطا لها ومنعا لها من الانفلات من شرنقة حساب التوازنات السياسية والاجتماعية داخل المجتمع، وعليه تبدو الوحدة وبالمقابل-وهذه مفارقة- أداة سيطرة على التوازنات المذكورة ، بل آلة سحق وضبط للقوى المعارضة على نحو من الأنحاء وهو الحاصل الآن من خلال ما نشهده من دعوة مبتذلة تستهدف تجميعا!!(=تكتل أحزاب المعارضة الهُلامية؟؟)..هذا في ما يُفترض في المجتمع المدعو لانتقال ديموقراطي أن يتعهّد تنوعه بما يستوجبه ذلك من إصلاحات سياسية ودستورية وغيرها .. دون تردد، ممهدا لتنافر سلمي وحراك اجتماعي موفّق.
ولا غرابة أيضا أن تكون الأحزاب الديموقراطية الداعية إلى الوحدة والقطبية اليسارية، أو حكومة الوحدة الوطنية الآن أوغيرها(ونعني حزب الاتحاد ش.ق.ش) على أحقية هذه الرغبة،وتلك الدعوة ، قد نشأت ردّا مجزأ وانشقاقيا،غير أن هذا لايعفيها بالمرة من مجانبة التبرير القاتل في كل مرة تنطرح فيها قضية الوحدة أو القطب اليساري على بساط البحث والعمل…وإذا ما اعتبرنا هذا التشديد خارج ما يمكن أن نعتبره «وصايا متجاوزة «، فهو بالتأكيد(وهذا اعتقادنا) يندرج في سياق أو منظور يسعى إلى ربط الوحدة اليسارية بالتاريخ(وهو ذات المطلب الذي ناضل من أجله هذا الحزب أيام محنته العصيبة بالسبعينيات، من دون أن يتوسّل القضية هاته، أداة غلبة سياسية ووقاية داخلية.

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 12/08/2020