نحو علاقات متوازنة بين عمان ودمشق
حمادة فراعنة
تطورات الوضع العسكري والأمني والشعبي في جنوب سوريا تسير بالاتجاه الإيجابي ليس فقط خدمة للمصالح الوطنية السورية بإنهاء المعارضة المسلحة وذيولها وتداعياتها وعودة الجيش السوري لتولي زمام المبادرة والأمن وفرض سيادته على المحافظات الجنوبية السويداء ودرعا والقنيطرة، بل تسير هذه التطورات خدمة للمصالح الحيوية للدولة الأردنية لأكثر من سبب :
أولاً : أنهت حالة القلق والاستنفار الأردني خشية تسرب قواعد أو خلايا إرهابية متطرفة إلى أراضينا عبر النازحين واللاجئين السوريين، امتداداً للمحاولات الفاشلة التي أحبطتها قوات حرس الحدود والجيش العربي طوال الأزمة السورية، لتسود بعد الآن حالة الأمن والاستقرار التي سيفرضها الجيش السوري المحكوم بسياسة الدولة السورية المعلنة.
ثانياً : أعادت النازحين السوريين العالقين على حدودنا الشمالية إلى قراهم وبلداتهم التي هربوا منها، وتتوقف بالتالي موجات الهجرة التي كانت متدفقة نحو الحدود التي سببت حرجاً للسياسة الإجرائية الاحترازية التي اتخذتها الحكومة حرصاً على مصالح الدولة الأردنية ومواطنينا في تحمل المزيد من تبعات التهجير السوري الطارئ لبلادنا.
ثالثاً : ستفتح هذه النتائج مجتمعة بوابات البحث لأوضاع السوريين الذين تدفقوا إلى أراضينا ومعالجتها بعد أن أقاموا مؤقتاً على أراضينا، والعمل نحو عودتهم مُكرمين إلى بلدهم كما يستحقون بعد إزالة الأسباب التي دفعتهم نحو الرحيل القسري من بلدهم إلى الأردن.
نتطلع إلى مستقبل تعلوه العلاقات الندية المتكافئة بين عمان ودمشق تكون معتمدة على عوامل قائمة تحتاج للتظهير والتعميق والتوسع وهي :
أولاً : لم نقبل بقرار الجامعة العربية تعليق الاعتراف بالنظام السوري أو قطع العلاقات معه، إذ بقيت السفارة السورية صامدة في عمان بقرار سياسي وأمني أردني ممثلة للدولة السورية ولنظام الرئيس بشار الأسد.
ثانياً : بقيت الدولة الأردنية ممسكة بشعارها السياسي منذ بداية الأزمة والأحداث السورية، ولم تُراهن على المجموعات المسلحة المدعومة أميركياً وتركياً وإسرائيلياً وخليجياً، لتغيير النظام، وحافظت على شعارها وعنوانه «الحل السياسي للأزمة السورية» الذي كانت عمان منفردة ترفعه حتى تحول إلى شعار كل الأطراف الدولية الأساسية بعد فشل المعارضة المسلحة في برنامجها، وبقيت عاجزة حتى فقدت زمام المبادرة بعد أن تولى الإمساك بها الجيش السوري المدعوم من حلفائه الثلاثة روسيا وإيران وحزب الله اللبناني.
ثالثاً : رغم الخلافات والتباينات وربما الملاحظات المحقة نحو بعض القضايا أو العناوين التفصيلية، والتي لم يكن لها شأن أو قيمة، وتم تسويقها وإعلانها نتيجة ضغوط أميركية وخليجية، ولكن ثبت فشلها وعدم تورط الدولة الأردنية أو تمادي أي من أذرعتها في عمل يستهدف الدولة السورية، ومع ذلك تبقى المصالح الحيوية للطرفين وللدولتين أقوى من التجاوزات المسجلة إذا تمت حقيقة، فالعوامل الضاغطة نحو ترطيب الأجواء بين عمان ودمشق وتحسين العلاقات وعودتها إلى قنواتها الطبيعة هي أقوى من العوامل الطارئة التي فشلت وستفشل في منع عودة العلاقات الأخوية السوية إلى ما يجب أن تكون عليه بين البلدين.
الكاتب : حمادة فراعنة - بتاريخ : 13/07/2018