هلوسات كورونية: جدلية «التولّد والاستتباع»

عبدالله راكيز

 

1/تمهيد لابد منه:

هل تغيّر مضمون التربية الأولية (تربية الأم)،هل ركزت استمراريتها وتأبيدها للوضع الجديد،يقول العروي بهذا الصدد التالي: «كلامنا هذا ماكان يتوقعه الكثيرون قبل ثلاثين سنة أو أربعين»، رغم ماحدث في القرن الماضي من انهيار للنظام البلشفي في روسيا والدول التابعة له (أوروبا الشرقية وغيرها) مع بقائه ظاهريا بالصين بالرغم من ماو وثورته الثقافية العام 68.
وبالرغم مما قيل في شأنها(=التربية الأولية)،لا أحد يستطيع البتّة، وبحق،أن يقول إن مانشاهده اليوم من تقدم علمي وتَقاني اليوم من جهة، وازدهار متواصل في البلدان الغنية، مع وجود أزمة مستعصية في نظام الديموقراطية التمثيلية ذاتها، يخضع لمعايير محددة بهذا الصدد.

2/ الأهم .. ثم الأهم:

لكن ما القول في مجتمع رأسمالي/استهلاكي(كمجتمعنا)، متطور بثقافته التقليدية، بتربيته الأولى الغالية(هنا تكمن أهمية طرح العروي وتاريخانيته)، بوعي أعضائه الحاد بما يميز بعضهم عن بعض.
انصهار الهيئات في الطبقة (مالكة أو عاملة) ربما حلم مجيد(هو هكذا عند العروي مثلا)…لكنه اليوم خادع،(انظروا لوضع الأحزاب، النقابات/الزوايا، وبعض من يسمون أنفسهم بهيئات المجتمع المدني؟).
لاسبيل اليوم بعد الذي جرى(ويجري)إلى تذويب الهيئات المختلفة إلى طبقة أعلى.حتى عندما نسمي الهيئة طبقة(وهو غير ممكن في إطار الوضع المجتمعي/الإنتاجي) فإنها لا تزال للأسف تتصرف عمليا كهيئة.
«الشريف اليوم ملاك، لكنه لايزال يتصرف كشريف، والشيخ شيخ والقائد قائد. ورغم أنه أجير (وهذه مفارقة) فإن المزارع يتصرف كفلاح والصانع كصنايعي والتاجر كبقال».(التربية الأولية؟؟).ومعنى هذا بالنهاية أن شعار القوات الشعبية مازالت لديه قابلية في التعاطي إلى الآن.

3/ جدلية «التّولد والاستتباع «؟؟

في جدلية «التّولد والاستتباع» عند العروي ومجايليه فكريا ونظريا التالي: قد نتصور بسهولة أن حكم الواحد الصالح، حيث الفضل كله مجسّد في فرد(=العادل المستبد )، يتلوه بالضرورة حكم القلة بعد أن يتكاثر عدد الفضلاء(الفضلاء الديموقراطيون؟؟) وينتهي بحكم الجمهور (الجمهور وليس الجماهير الهلامية؟؟؟)،عندما تعم «الفضيلة» الجميع.متى؟ وكيف؟ هذا هو الإشكال/التيمة غير المُنْصفة.
كما أن حكم الواحد الفاسد يعمل بدون ضجر على إفساد البطانة، تستولي على الحكم طمعا وغرورا، وتُحوّله إلى حكم العسكر(=السيسي بمصر)، أو الأغنياء أو الدجالين المتلاعبين بالدين (=الحالة العربية التونسية على عهد حكم النهضة، والمغربية على عهد تدبير حكومة الب.ج.د الراهنة؟؟)
الحكم الصحيح يعمّم الفضيلة والحكم الفاسد ينشر الرذيلة. هذا ما يوحي به النظر. أما التاريخ فإنه يكشف عن جدلية متأصّلة، جدلية الفضيلة (المفتقدة مع الفساد وبه) والرذيلة السياسية، من تتبّعها ورصدها نشأت فكرة الدورة المعروفة في مجال العلوم السياسية(وهي دورة العلامة ابن خلدون ).

هامش ضروري:

بعد انهيار الحماية، ظن الكثيرون أن الوقت حان لإعادة بناء الدولة المغربية على أسس منطقية واضحة، ولابأس أن يكون اللباس على غير مقاس،إذ جميع الدساتير تصبو نحو الأمثل. (كما لايجب أن ننسى بهذا الصدد مراجعات المرحوم المهدي بن بركة بهذا الصدد :الاختيار الثوري).

الكاتب : عبدالله راكيز - بتاريخ : 25/08/2020