هل يعلم وزير الشباب والثقافة والتواصل كيف توزع (مستحقات) المكتب المغربي لحقوق المؤلفين

محمد أكيام(*)

لا أحد ينكر المجهود الذي بذله وتبذله إدارة وأطر المكتب المغربي لحقوق المؤلفين من أجل تجويد خدماته كهيئة للتدبير الجماعي عبر استخلاص وتوزيع الحقوق على ذويها، ساعد في هذه الدينامية التشريع الوطني الذي عرف تطورا منذ تأسيسه بمقتضى 08 مارس 1965 إلى يومنا هذا، والذي استمد شرعيته من التشريعات الدولية خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تنص المادة 27 منه أن «لكل شخص حق في حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة عن أي إنتاج علمي أو أدبي أو فنِي من صنعه». كما ساهم المكتب في تقريب خدماته من خلال انتشاره على الجهات الإثنى عشر المشكلة للمملكة في إطار تقريب الخدمات من المؤلفات والمؤلفين. كما قام المكتب، خاصة خلال فترة الجائحة حينما توقفت جميع الأنشطة، بدور مهم في مجال التحسيس عبر التنقل الوطني لمختلف المدن الكبرى بهدف تشجيع المؤلفين والفنانين والمبدعين من أجل الانخراط بالمكتب حتى يتحصلوا على حقوق. كل هذا المجهود وجب أن يحظى بالاهتمام اللازم والتنويه المستحق. لكن السؤال الجوهري الذي يظل دون إجابة هو: ما هي المعايير التي يعتمد عليها المكتب المغربي لحقوق المؤلفين من أجل تحصيل ذوي الحقوق لستحقاتهم؟
هل يعلم السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل أن مداخيل المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، من المفروض أن تحصل من استغلالات واستعمالات المصنفات الأدبية والفنية المحمية من الإذاعات والتلفزات والشبكات الفندقية والقاعات السينمائية والمسارح ومنظمي المهرجانات والحفلات الموسيقية والمركبات الترفيهية وشركات إنتاج الأشرطة السمعية والسمعية البصرية والنوادي الليلية والمقاهي والمطاعم وغيرها. لكن الواقع غير ذلك، إذ لا يتم تحصيل سوى نسبة ضئيلة من هذه الاستعمالات التي تعتبر حقوق تأليف أصلية. وأن المبالغ الهائلة التي يتم استخلاصها فهي مداخيل المكافأة على النسخة الخاصة التي تقتطع من منبع السلع المستوردة كالأقراص المدمجة والهواتف النقالة والكاميرات وأجهزة التلفاز وغيرها من الحوامل السمعية البصرية. طبعا نتخيل حجم هذه الموارد المستخلصة من طرف المكتب. لكن السؤال الذي يظل عالقا: كيف يتم توزيعها؟ ومن المستفيدين من حصة الأسد في هذه الغنيمة؟
ثم هل يعلم السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل أن المكتب المغربي لحقوق المؤلفين قد فرض على المبدعين من أجل إيداع مصنفاتهم الإبداعية الإدلاء ب «شهادة البث» التي تسلم من «الإذاعة الوطنية بالرباط»، فبعيدا عن المعاناة التي يتكبدها المبدع للوصول لهذه المدينة، فالمشرفين على هذا القسم يطلبون منه تقديم العمل ك «هدية» للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، دون وصل بالإيداع، مما يضع أمام المؤلف حاجزا للمطالبة بحقوقه. ومن جهة أخرى، هل «شهادة البث» تعتبر معيارا للاستخلاص؟ وإذا افترضنا ذلك، لما لا يتم طلب شهادة من إذاعة خاصة أو تلفزيون أو موقع اخباري وغيرها؟ ثم لماذا تم الرجوع لهذه الشهادة بعدما تم إلغاؤها؟ وما علاقة أعضاء لجنة الإذاعة الوطنية لاختيار الأغاني ومنح الشهادة، بالحرس القديم بالمكتب؟ هذا بالنسبة لحقوق المؤلف، أما للفنانين الراغبين في الحقوق المجاورة، فعليهم الإدلاء بتصريح بالشرف ووثيقة من طرف المنتج (في ظل غياب المنتجين والاعتماد على الإنتاج الذاتي) والمغني (الذي بدوره يحتاج لوثائق من أجل الاستفادة من الحقوق المجاورة) إضافة إلى شهادة استوديو التسجيل (الذي غالبا لا يتوفر على رخصة مسلمة من المصالح الجماعية لأنها لا تتدخل ضمن اختصاصات الرخص التجارية). وبهذا يظل المؤلف والمبدع ضحية بيروقراطية تخدم فقط لوبي مستفيد من الوضع، حيث يتم تكبيد المؤلف والمبدع تقديم أعمال فنية رغم قلة الدعم، فيجدان أنفسهما أمام مطبات إدارية تحول دول إيداع إبداعاتهما بالمكتب. وحتى إن تم ذلك، فيصدمان من تحصيل بعض الفنانين لمبالغ خيالية، في حين لا يصلهما سوى الفتات. فعلى أي معيار يتم التوزيع؟
وهل يعلم السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل أن هذه الممارسات تنخر الجسم الإبداعي وتهدد مستقبل الفن بالمغرب. أولا، لأنه لا يتم إصدار لوائح المستفيدات والمستفيدين من الحقوق، في إطار الحق في المعلومة. ثانيا، هناك فقط نخبة محظوظة تستفيد من مبالغ مهمة من صندوق المكتب. ثالثا، فنانون مغاربة (خاصة أمازيغ منهم) لهم شهرة ومكانة عالية وأصدروا ما يزيد عن 100 أغنية إضافة إلى أن أغانيهم يتم ترديدها من طرف مجموعة من الفرق الموسيقية بالحفلات والمهرجانات، ورغم ذلك لا يستفيدون سوى من مبالغ هزيلة. رابعا، غياب المعايير الموضوعية وسيادة الغموض الذي يغطي شفافية التحصيل والتوزيع على غرار المكتب الدولي الذي يجرد الإذاعات. خامسا، غياب آلية الكترونية للاطلاع على أعداد ونسب استعمال المصنفات الأصلية بمجموع الوسائط عل الصعيد الوطني، حتى تعتمد كآلية لتحديد درجة الاستغلال وبالتالي يكون توزيع الحقوق عادلا بين المستحقين.
هل يعلم السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل أن ذوي الحقوق بالمكتب المغربي لحقوق المؤلفين يتكونون من مؤلفين ومبدعين، سواء تعلق الأمر بصنف حقوق المؤلف الذي يضم قسم الموسيقى من كتاب كلمات وملحنين وموزعين موسيقيين، أو قسم الدراما الذي يضم كتاب السيناريو والمخرجين، أو قسم الأدب الذي يضم معدي البرامج الإذاعية والتلفزية. أم تعلق الأمر بصنف الحقوق المجاورة الذي يشتمل على قسم فناني الأداء من مغنيين وموسيقيين ورؤساء أجواق وممثلين، وأيضا قسم منتجي الفونوغرامات والفيديوغرامات وغيرهم. أعتقد أن الذي يجمعهم هو الرغبة في حفظ الذاكرة الوطنية إضافة إلى التحصيل على حقوق مادية على استغلال مصنفاتهم الأدبية والفنية (وهذا هو الهدف من تأسيس هذا المكتب).
أعتقد السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل، أنه قد حان الوقت أولا لتطبيق القانون عبر إصدار نتائج الترشيح لشغل منصب مدير/ة المكتب المغربي لحقوق المؤلفين الذي تم فتح باب الترشيح له عبر قرار وزاري رقم 021/19 صادر بتاريخ 05 أبريل 2019 ولم تعلن نتائجه بعد. ثم المساهمة في دعم الجهود المبذولة من طرف أطر المشرفة على المكتب. مع وضع آليات حكاماتية من شأنها إنصاف ذوي الحقوق من مؤلفين ومبدعين وفنانين. وتبني الفكر الحقوقي بدل الفكر الإحساني الذي يتحجج به الحرس القديم عند تعيين كل وزير جديد للثقافة.

فاعل ثقافي

الكاتب : محمد أكيام(*) - بتاريخ : 24/01/2022

التعليقات مغلقة.