واقع المشاركة السياسية للمرأة
شيماء عباد : طالبة
ينص الفصل 19 من الدستور على ما يلي:
• يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
المشاركة السياسية للمرأة موضوع سلطت عليه الأضواء كثيرا خاصة بعد دستور 2011 لما جاء به من حمولة إيجابية في ما يتعلق بالحقوق السياسية الممنوحة للمرأة محليا ووطنيا، حيث تم التنصيص في إطار الكوطا النسائية على تخصيص ثلث المقاعد على الأقل للنساء في كل دائرة انتخابية، وعلى تخصيص 60 مقعدا للنساء في إطار اللائحة الوطنية الخاصة بمجلس النواب، واعتماد مبدأ التناوب بين الجنسين بالنسبة للوائح الترشيح المقدمة من طرف الهيئات الناخبة الممثلة في مجلس المستشارين.
فهل ساهمت المرأة بحد السوالم كنموذج للمرأة المغربية في تنزيل مقتضيات هذا الباب من الدستور وتفعيل مشاركتها السياسية إلى جانب الرجل أم أنها اكتفت بثأتيث الشبيبات والمكاتب المحلية للأحزاب دون أن تشكل أية إضافة ؟
إن أول مايقف عليه المتمعن في مكونات الساحة السياسية بحد السوالم، هو غياب المكاتب المحلية للأحزاب أو غياب نشاطها إذا ما وجدت .
لكن ومن باب الإنصاف يمكننا أن نأخذ على سبيل الاستثناء الذي لايقاس عليه شبيبتي العدالة والتنمية والاستقلال اللتين كانتا تنشطان بشكل موسمي إلى حدود الانتخابات 2016، وبالتالي فإن هذا الغياب الذي لا يغيب إلا بحلول محطة من المحطات الانتخابية، يحيلنا بالضرورة على تحول الأحزاب بالمنطقة إلى دكاكين انتخابية محضة، ثم إلى غياب رؤية واضحة لعمل المتحزبين بالمدينة ومنه غياب برامج طويلة المدى تحث الشباب والنساء على وجه الخصوص على الانضمام إلى الحياة السياسية، لذلك فإن وكلاء اللوائح الانتخابية يصطدمون بواقع صعوبة إيجاد عدد المرشحات المطلوب لإتمام اللائحة النسائية، وذلك راجع لأسباب كثيرة متشعبة سبق وأن ذكرنا منها على سبيل المثال، غياب النشاط المستمر للمكاتب المحلية للأحزاب كما يمكننا إسنادها إلى العقلية الذكورية المهيمنة، واعتبار كثيرات العمل السياسي عملا ذكوريا أوفعلا له عواقبه الوخيمة على سمعتهن إلى جانب الصورة المشوهة التي تطبع معها كثير من المغاربة والتي يعود تشكلها إلى سنوات الجمر والرصاص حيث يربط العمل السياسي عند كثيرين بعصيان «المخزن» وبالتالي بالاعتقال، كل هذا يجعلنا أمام مرشحات لا يفقهن شيئا في دواليب السياسة سوى ما أخبرن به وقد لا يتجاوز في أغلب الأحيان إخبارا برمز الحزب واسم وكيل لائحته المحلية .
المرأة بحد السوالم غائب عنها التأطير الحزبي ومغيبة عن النقاش العمومي، والمساهمة في اتخاذ القرار داخل دورات المجلس الجماعي، إذ يلاحظ المتتبع للشأن العام المحلي أن تواجد جل المستشارات الجماعيات داخل تشكيلة هذا الأخير لا يتعدى أن يكون واجبا وبرتوكولا رتيبا وجب ممارسته حيث يلخص في فعل التصويت أو الامتناع عن النقط المدرجة بالاجتماعات الدورية، تصويت قد لا يكون مبنيا في أحيان كثيرة على قناعات شخصية خاصة إذا ما استحضرنا القرابات العائلية التي تربط بعضهن ببعض المستشارين الجماعيين وسيادة العمل بمبدأ «شاورها ولادير بريها»، إضافة إلى انعدام التكوين في المجالات التي ترتبط بالتسيير، وهذا مشكل يعانيه أغلب المستشارين الجماعيين، خاصة الذين يشتغلون داخل لجان حساسة تستوجب تكوينا دقيقا، كاللجنة الدائمة للتهيئة والتعمير .
عودة إلى الحديث عن إشارات الاستهانة بتواجد المرأة كعنصر فعال داخل الساحة السياسية أو بالأحرى اعتبار وجودها ترفا لايؤثر في جودة القرار السياسي، يحضرني مشهد حدث بالدورة العادية لشهر ماي 2019 حيث منعت إحدى المستشارات الجماعيات من دخول الدورة من طرف رجل الأمن الخاص بعد أن ابتدأت أشغالها لتستجيب له بهدوء لولا تدخل بعض المستشارين بالقول «خليها تدخل راه مستشارة» .
هذا الغياب الواضح للعنصر النسوي في الساحة السياسية يكسره حضور واضحة معالمه في الحملات الانتخابية التي تشكل المرأة محركا رئيسيا فيها، كما في كواليس التدبير وتشكيل المكتب، وقد تبين ذلك جليا من خلال حدث إعادة انتخاب رئيس جديد للمجلس الجماعي بمدينة حد السوالم بعد توقيف الرئيس السابق سنة 2017، حيث شكلت مرشحة التقدم والاشتراكية وإحدى مرشحات البام الفيصل لتحديد الحزب الذي سيقود الأغلبية .
يقول أحد الحكماء:» النساء أسرع وسيلة لنشر الأخبار بعد وسائل الإعلام»، لذا فالمرأة السالمية حاضرة أيضا وبقوة في الحملات الانتخابية، السابقة لأوانها أو مايصطلح عليه عندنا بـ «تسخان الطرح» إذ تتفنن مجموعة من النساء الذائع صيتهن بقدرتهن على التأثير داخل محيطهن، في إبراز محاسن مرشحهن المفضل داخل التجمعات النسائية بالأحياء الشعبية، ولعب دور الوساطة بين المرشح والمواطن لحل مشاكل هذا الأخير أو إعانته، سواء ماديا أو في إطار بعض الحملات الإحسانية المنظمة بدوافع انتخابية .
إنه في الوقت الذي تسعى نساء كثيرات إلى تحصين المكتسبات التي جاء بها الدستور على مستوى المشاركة السياسية للمرأة لا تزال كثيرات من النساء بحد السوالم يعشن جهلا بالمستجدات القانونية المتعلقة بقوانين الانتخابات، فهل ستكون انتخابات 2021 محطة فارقة تبرهن فيها المرأة السالمية عن وعيها بضرورة المساهمة في تحقيق التنمية المحلية ودعم البناء الديمقراطي بالبلد أم أنها ستساهم في اتساع شرخ اللاوعي بأهمية المشاركة السياسية ؟
الكاتب : شيماء عباد : طالبة - بتاريخ : 30/08/2019