وريه خليه : مرشحو الحركة الاتحادية في الجنوب المغربي أمام خيار السجن.. أو خدمة فاشلة لأجندات انتخابية لحزب معلوم

محمد الوحداني

الجزء الثاني:
هامش قبل البدء:

في مرحلة فاصلة وحاسمة، من تاريخ الحياة السياسية والانتخابية، أوائل هذا القرن، وبعد وفاة المرحوم الحسن الثاني، وعزل إدريس البصري و بداية العهد الجديد ، عادت القوة الضاربة للحركة الاتحادية في الجنوب المغربي.
1 – اكتشاف القصر لمؤامرات التيار الثالث في الصحراء، ساهم في فك الحصار على الحركة الاتحادية في الجنوب المغربي:
كان الملك الشاب محمد السادس يواصل في هدوء وسرعة مسلسل انتقال سلس للسلطة، مرحلة تأسست على تفاوضات وأفق انتظار تم بين القصر في شخص الملك الراحل الحسن الثاني، والحركة الوطنية في شخص الراحل عبد الرحمان اليوسفي ممثل الحركة الاتحادية
وكان أول امتحانات العهد الجديد، هو أحداث الجنوب المغربي، ممثلة في أحداث العيون 1999، ومرة أخرى تكون الصحراء ميدانا للي ذراع القصر والدولة المغربية العميقة… فلول التيار الثالث كما عهدناها وصيرورتها التاريخية، افتعلت أحداثا سياسية شعبية… في عاصمة المناطق الجنوبية الصحراوية المتنازع عليها دوليا، مدينة العيون، ووضعت في ظاهر الصورة جماهير المنطقة، وفي باطنها جبهة البوليساريو الشعبية وجينرالات الجزائر! لكن تاريخا من توتر العلاقات بين زعيم التيار الثالث وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري والملك محمد السادس، فوت الفرصة هذه المرة على هذا التيار، ولم تنطل الحيلة الخسيسة على ملك البلاد، وأرسل فريق تحقيق يشرف عليه أحد مقربيه الثقاة، السيد ياسين المنصوري مسؤول لادجيد الحالي، ليكتشف الجميع فظاعة المؤامرة! إن الوزير القوي سيد أم الوزارات إدريس البصري، رجل ثقة الحسن الثاني، هو من يقف وراء تلك الأحداث !!! كان الوزير القوي يريد أن يصنع دوامة إرباك أمني تفقد الملك محمد السادس توازنه، كي يلجأ إليه، ويطفئ هو تلك الأحداث بعد ذلك، كي يقنع الملك الجديد بأن النظام العام و الدولة لا يمكن أن يستمرا دون اللجوء إليه، ألم يقل المرحوم الحسن الثاني ذات عام تسعيني للمرحوم امحمد بوستة و من خلاله للحركة الوطنية، و لعموم الشعب المغربي عبر بلاغ للديوان الملكي ما معناه: أنه لا يمكن أن تتشكل حكومة في المغرب دون وجود إدريس البصري… درس بليغ كان عنوانه : في الحاجة الأمنية الدائمة للبصري.
معطيات وحقائق لم تكن جديدة على علم الحركة الاتحادية و عموم الحركة الوطنية في المغربية، فلطالما كان زعماؤها و إعلامها، يكتبون ويصرحون بأن من يزعزع أمن الدولة وينظم الانقلابات هم المقربون من القصر، أولئك المقربون المنعم عليهم بالثقة، والذين يحظون بالمسؤوليات ومراكز القرار، والذين كي يحموا أنفسهم، ويبعدوا عنهم التهم، ويفشلوا أي محاولة إصلاح أو تنسيق بين القصر والحركة الوطنية، فإنهم يتهمون هذه الأخيرة وفي طليعتها الحركة الاتحادية، بالخيانة العظمى، ويقنعون الملوك بأنها خطر على استمرار الملكية والنظام، و لمدة ستين عاما والقصر والشعب يكتشف بأن بعض المقربين هم من نظم انقلابا ما، أو من صنع أحداثا ما ! (أوفقير والبصري والدليمي والمذبوح واعبابو…..) فلا القصر تعلم أن يأخذ حذره كما يجب من بعض المقربين، ولا التيار الثالث يئس من تكرار خطة اتهام الحركة الوطنية والشعب بالخيانة ! وبالمحصلة، لا يعقل أن تتكرر هذه المهزلة ومنذ ستة عقود متواصلة على هذا الشكل !
وكي نكون منطقيين، عبر قراءة مفيدة، ونقد علمي لما وقع وما يقع في التاريخ السياسي المغربي عموما، وفي الجنوب المغربي خصوصا، علينا أن نعترف بأنه ليس فقط القصر من يقع في أفخاخ التيار الثالث وسادتهم الخارجيين، بل أيضا بعض أبناء الحركة الاتحادية في الجنوب المغربي، مرغمين أو بحسن نية، و كذلك بسوء تقدير، يعود أحيانا إلى الطموح،و حينا إلى الجموح…
وهذا ما يمكن أن نستخلصه تحديدا في تجربة أبناء آيت باعمران، ونحن كنخب جنوبية تعود أصولها إلى هذه الجهات، يجب أن نتحلى بالشجاعة الأدبية، وأن نتجرأ بتقديم نقد ذاتي لذواتنا، و نتحمل مسؤوليتنا التاريخية في ما وصل إليه الوضع .
ولنقر أولا، بأننا لم نستفد مما وقع لرمح الحركة الاتحادية في الجنوب المغربي في مدينة سيدي افني، حيث إن ترحال مناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي، تحت مبرر ادعاء بعضهم لهم بأن هذين الحزبين هما حزبا الملك! وأن حل تنمية المنطقة هو في الانتماء لهذين الحزبين!
لم يعد تغيير الجلد الانتمائي لا على مستقبل المنطقة، ولا على المستقبل السياسي والانتخابي لأولئك الرحل، إلا بالوبال والهزيمة والفشل…
التاريخ ببساطة، ودروسه عبر كل القرون والتجارب، لا يبنى بأنصاف الحلول، وبالتنازلات المخزية، و لا بالتفاوض مع أمثال إدريس البصري، رجل دولة مستعد لخيانة وطنه وملكه، كيف لنا أن نصدق وعوده في مجرد لعبة انتخابات؟ ألم يغير جلد كلامه السياسي ووطنيته؟ وبدأ يتكلم في الإعلام الدولي عن الصحراء المغربية وكأنها بمجرد عزله أمست غربية ؟!
2/ فشل البصري منذ انتخابات 1992 في وقف الربيع الاتحادي في جهات الجنوب المغربي:
وإذا كان البصري و التيار الثالث قد نجحا في أن يقطعا الطريق الانتخابي على الحركة الاتحادية، في ثمانينيات القرن الماضي، خصوصا في الجنوب،و تحديدا في آيت باعمران، ويستبقان الأحداث والنتائج، وبنفس الأسلوب المتكرر دوما وأبدا، وبنفس الأسطوانة التي نسمعها هذه الأيام الأخيرة كذلك وبقوة:
كي تحصل آيت باعمران على صكوك الغفران المخزني! وكي ينجح أي مرشح في الانتخابات، هناك أمر واجب التنفيذ ولا محيد عنه:
– الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رهان أحمر .
– وجوب الترشح باسم حزب يدعى بأنه حزب الملك! وفي حالة الرفض هناك مصائر محددة:
– الفشل الانتخابي.
– فتح ملفات قضائية والسجن.
– مصادرة الأموال من خلال سحب الرخص وسياسة الضرائب.
لكن تسعينيات القرن الماضي وما بعدها، كانت رسالة واضحة له و لكل من يهمه الأمر، اذ أن مرشحي حزب القوات الشعبية عادوا يحصدون نتائج مبهرة في صناديق الاقتراع وعلى الميدان، وانطلاقا من سيدي افني و آيت باعمران، حيث إن مجموعة المرحوم مولاي الحسن البوجرفاوي والأستاذ عبد الحق بهوش اكتسحت مقاعد بلدية عاصمة ايت باعمران، كما أن المرحوم بكا عضو المجلس الوطني للمقاومة وجيش التحرير، والقيادي الاتحادي، حقق نتائج مذهلة أمام مرشح حزب الأحرار: حسن الدرهم إبن شهيد الحركة الاتحادية سي حماد الدرهم، الإبن كان ضحية استقطابه من طرف التيار الثالث والراحل البصري، إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، أوهموه أن في ترشحه بإسم حزب اداري مصلحة له ولايت باعمران! وكان ثمن مغادرته لحزب الاتحاد الاشتراكي: خسارة مدوية للانتخابات، سمع صداها المغرب كله بما فيها قبائل الصحراء برمتها، و داخل عقر داره وبين أبناء قبيلته….
يتبع…

الكاتب : محمد الوحداني - بتاريخ : 04/02/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *