وسائط الاتصال الاجتماعية والصراع السياسي والاجتماعي 

عبد السلام المساوي

في كل المعارك النضالية التي أجد نفسي مدعوا لها، لا أكتفي بتفحص شرعية موضوع المعركة… بل أطرح بالضرورة سؤالين :
من صاحب المبادرة؟ وما دلالة التوقيت؟
لا أستطيع التغاضي عن ذلك…
صدقا، ليس في الأمر من جهتي أي تذاكي أو تعالم… ولا هو بأعراض بارانويا موسوسة..
لكن أنا متأكد- بالتجربة المتكررة وبدروس التاريخ- أن المعارك لا تتحدد فقط بشعاراتها، وفي غير ما مرة كان الناس حطب معارك لا تعنيهم- هذا إن لم تكن ضد مصالحهم- فقط لأنهم لم يهتموا للمحرك المجيش في علاقة بالتوقيت (مثالين فاقعين: حقوق الإنسان كما استعملتها الدول الغربية في صراعات مصالح استراتيجية ضد دول بعينها… وما سمي بالربيع العربي)…
القاعدة الاحتراسية هذه، أحاول أن ألتزم بها دوما…فما بالك إن تعلق الأمر بوسائط التواصل الاجتماعي، حيث الظلام الدامس و الذباب و الكتائب التي لا وجه لها…
لا زلت لحد الآن، مقتنع بأن الساحة الحقيقية لاستواء فضاء عمومي حقيقي هي الفضاء الواقعي بفاعليه المكشوفي الوجوه، المعروفي الهوية، حيث يتوفر حد أدنى من المسؤولية. أما وسائط الاتصال الاجتماعية فاستعمالها الحميد في نظري يقتصر على التنوير بمعناه العام: توفير المعارف والمعلومات والمعطيات التي تسمح لكل فرد أن يكون قناعته.. أما أن تتحول إلى محددة لأجندة الصراع السياسي و الاجتماعي والقيمي، فمجرد حطب بليل..و ذاك في أحسن الأحوال.
يفترض في وسائل التواصل الاجتماعي أن تلعب دورا في تعريف الناس بعدد من القضايا لم تكن وسائل الاعلام التقليدية تغطيها الا ما ندر. خاصة أن سرعة التواصل التي تميزها تجعل منها أداة فعالة في نقل المعلومة ونشرها على أوسع نطاق وفي اللحظة ذاتها.
وإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب فعلا هذا الدور في البلدان المتقدمة، فإنها تقوم بالعكس، في الأغلب الأعم، في بلداننا المتخلفة. حيث أصبحت أداة للدجل والكذب الصراح والافتراءات على الأشخاص وعلى المؤسسات على حد سواء إلى درجة تحولت معها إلى أدوات للتضليل والتعمية باسم الإثارة هنا وتحقيق السبق الاعلامي الزائف هناك .
وللأسف الشديد، فهناك من يعتبر نشر الأخبار الكاذبة تعبيرا عن الرأي، وهناك من يرى في الافتراء على المؤسسات والأشخاص مجرد إثارة ولفت للانتباه، وكأننا عدنا إلى زمن قانون الغاب حيث يحق كل شيء لكل من استطاع اليه سبيلا خارج كل أخلاق وموضوعية واحترام للإنسان بما هو كذلك.

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 09/10/2024

التعليقات مغلقة.