وللوطنية حضور موشوم في مسار الاتحاد الاشتراكي
عبد السلام المساوي
إن الإعلام الوطني بمختلف تلاوينه لم يقم باللازم للتعريف بتطور مدينة العيون، أو على الأقل، فإن الأساليب المعتمدة لا تفي بالغرض،
مدينة لا تحتاج لكلماتٍ أو جُمَل عامة، من قبيل “وقد عرفت المدينة تطورا مهما على صعيد البنيات التحتية والمرافق الإدارية “، كلام عام ينفر من قراءته كل وطني غيور يُحِسُّ أن المجهود الذي تم بتعليمات ملكية أكبر من مجرد “بنيات تحتية” أو “مرافق إدارية”.
إن ما تم إنجازه هو بعث الروح في أطلال تركها الاستعمار الإسباني، وتحويلها لمدينة بمواصفات عصرية، أطلال لو استمر “الزمن الاستعماري” لكانت الآن مجموعة مآثر تصلح فقط لزيارة هواة “الأركيولوجيا” تتناثر حولها دواوير وأفخاذ وعشائر يجمعها الانتماء القبلي.
تلك كانت السياسة الاستعمارية التي كَبَّلَتِ طاقات الساكنة.
لذا، لم يَعد مفاجئا إبداع هذه الساكنة في كل المجالات، تحول في وظيفة المدينة، لأنها لم تعد هي السكن لوحده، بل السكن والعمل، والوظيفة العمومية، والاستحقاقات الانتخابية، والاستثمار، والثقافة، والرياضة، والسياحة، والترفيه، وكان ذلك بتعليمات ملكية مباشرة،
وتحول في بنية المدينة، فلم تعد جماعة فقط، بل جهةوعمالات وأقاليم وجماعات، وغُرَف مهنية، وتمثيلية بمجلسي البرلمان.
تحول وظيفي بنيوي لأن العيون أصبحت الآن حاضرة، مدينة، وعاصمة على غرار عواصم أخرى، من قبيل أكادير، مراكش، وجدة، بني ملال، فاس، طنجة، وتتميز عنهم بوجود قنصليات .
تكتسي العيون،تكتسي حاضرتها لدى المغاربة أجمعهم، من كل المدن والمناطق والجهات، أهمية خاصة، لموقعها الجغرافي التميز كله ، لتجذرها التاريخي والحضاري التميز كله، لوطنية أهاليها عزة الوطن كله،ولفخر الانتماء لذلك المكان الجميل جمال الوجود شيء ما يستعصي على الوصف وإن كان الواصف عالم كلام، لعله السبب الذي جعل كل المغاربة يعشقون هذه المدينة، يعشقون الصحراء المغربية،يعشقون الوطن .
للعيون في القلب المكان كله، ولها في الوجدان رحابة انتمائنا لها وشساعة انتمائها لنا، للعيون كل دعوات الاستمرار في مسيرة التنمية والحداثة التي تعني كل الحياة.
العيون بؤرة وطنية، العيون ولادة للوطنية، العيون قلعة النضال والصمود.
في اللحظة التي يصر فيها الانفصال على المضي قدما في نهج المغالطات وتزوير الحقائق واتباع سياسة تضليلية مكشوفة ومفضوحة، فإن المغرب ماض في نهجه التنموي الثابت، ولن توقف مسيرته تلك الاستفزازات والتحرشات والحركات البهلوانية لنظام فقد كل فرامله وأصبح يخبط خبط عشواء .
لا مجال ولا وقت لدينا لنهدره على نظام غير متزن همه الوحيد ومبتغاه الفريد هو إيقاف قطار التنمية ببلادنا بأي طريقة خشنة، فنحن دولة أفعال لا دولة بهلوانيات .
ان خيار التنمية والمزيد من التنمية يظل هو الحل الحاسم في ما يجري على الأرض ، ثم بعد ذلك تأتي القوة الدبلوماسية والعسكرية لضمان الدفاع عن ما تحقق في انتظار المزيد.
لقد كانت الصحراء المغربية العنوان الأبرز للتنمية في بلادنا، وكان من الواضح أن التعبئة من أجل خدمة الساكنة، خطة تأمين الوحدة عبر الإنسان لقيت ترحيبا دوليا، وأعطت للمغرب فرصة لا تتاح للدول في كل حين، لإعادة النظر في نموذجه التنموي، واعادة النظر في الطبيعة الترابية الجديدة للدولة من خلال خدمة الجهوية المتقدمة، ويجدر بنا أن نحيي أبناءنا في الأقاليم الصحراوية على غيرتهم الوحدوية، وانخراطهم الواسع في التعبئة السياسية لإنجاح هذه الجهوية في أفق الحكم الذاتي.
خمسون سنة لم تكن ضائعة ولا متهاونة وللذي قد يشكك في بعض هذا الكلام ما عليه سوى زيارة العيون أو الداخلة أو السمارة ليقف على ما تحقق من منجزات .
إن المملكة المغربية اشتغلت وتشتغل على الأرض بكل الجد المطلوب، إن الأقاليم الجنوبية اليوم تشهد بالقائم من الإنجازات على مستوى التنمية البشرية والمجالية، طرق مشيدة أو في طريق التشييد، بنيات تحتية بمواصفات عالية، تنظيم إداري ومؤسساتي، حياة سياسية ومدنية نشطة ربما أكثر مما يوجد في بعض الأقاليم المغربية الأخرى، حياة واضحة للعيان من الأمن والاستقرار، منجزات متواصلة في كل المجالات، هذه هي الأقاليم الجنوبية اليوم.
على الصعيد الدبلوماسي أصبحت الأقاليم الجنوبية تحتضن قنصليات إفريقية وعربية، أصبحت أيضا وجهة مفضلة لمنتديات دولية ووجهة سياحية ورياضية، كل هذا يأتي بتضحيات المغاربة إدارة وشعبا وبتضحيات أبناء الأقاليم الجنوبية بالتحديد .
المسيرة متواصلة، قضية صحرائنا المغربية قضية وجود، الدفاع عن الوحدة الترابية الوطنية أولوية الأولويات بالنسبة لحزب وطني كالاتحاد الاشتراكي ، وإدريس لشكر اليوم يجذر نهج الوطنيين المقاومين، نهج الاتحاديين الذين ناضلوا من أجل التحرير والديمقراطية .
نحن هنا صحراويون مغاربة محبون ومتشبثون بالوطن، بالمغرب ،ومحبون ومتشبثون بجلالة الملك محمد السادس رمز الوحدة والسيادة ، ملك البلاد وأمير المؤمنين.
إن روح المسيرة الخضراء، التي أطلقها الراحل الحسن الثاني ،ستبقى مستمرة ومتواصلة إلى اليوم وباقي الأيام القادمة والأبدية، وهذا نهج مغربي يصبو نحو الحداثة والحكامة والتنمية المستدامة. وبروح المسيرة الخضراء ستظل الصحراء مغربية بشرعيتها وبنمائها وبازدهارها.
لأقاليمنا الجنوبية كل دعوات السير في طريق النمو والتنمية التي تعني كل الحياة.
وللوطنية حضور موشوم في مسار الاتحاد الاشتراكي بقيادة الأستاذ إدريس لشكر ، من هنا عزمنا على عقد المؤتمر الإقليمي بالعيون العزيزة .
الاتحاد الاشتراكي في النشأة والتأسيس، في السير والمسار،حزب وطني ،رقم أساسي في ثورة الملك والشعب، ثورة التلاحم العضوي المتين بين الملك والشعب ،ثورة ثابتة من حيث المبدأ ومتغيرة من حيث المهام بتغير الشروط التاريخية، التحولات المجتمعية والأسئلة الكونية .
الاتحاد الاشتراكي اليوم، كما بالأمس والغد وغد الغد، يضع المصالح الحزبية بين قوسين مغلقين ، ويتفرغ للمهمة الوجودية والمعركة المصيرية، الدفاع عن الوطن، الدفاع عن المواطن، الدفاع عن الإنسان، الدفاع عن الحق في الوجود والحياة، هكذا تكلم جلالة الملك، تناغم حزب وطني مع ملك وطني، رمز السيادة والوجود، من محمد الخامس والحسن الثاني إلى محمد السادس ، الاتحاد الاشتراكي منخرط وفاعل في ثورة الملك والشعب، إنه حزب وطني وليس كائنا انتخابيا.
نحن أوفياء للمبدأ والتاريخ، الوطن أولا،الوطن أولا،الوطن أولا، ،وطن بمواطن واعي ومسؤول، سليم ومعافى،والبقية تفاصيل، نبني البلد مع ملك البلاد، ومع الحقيقيين الذين يؤمنون بالبلد ،إن الانتماء الأول والأخير هو للوطن.
نقولها بالصوت المغربي الواحد ،لنا نحن هذا الوطن الواحد والوحيد، وهاته البلاد التي ولدتنا وصنعتنا وصنعت كل ملمح من ملامحنا ، والتي تجري فيها دماء أجدادنا وآبائنا وأمهاتنا، والتي تجري دماؤها في مسامنا وفي العروق
نفخر بهذا الأمر أيما افتخار، ونكتفي أننا لا ندين بالولاء إلا للمغرب، وهذه لوحدها تكفينا، اليوم، وغدا في باقي الأيام، إلى أن تنتهي كل الأيام.
لا بد من الانطلاق من كون الأمر يتعلق بوطن، والوطن هنا ليس مجرد رقعة جغرافية لتجمع سكني، بقدر ما يعني انتماء لهوية ولحضارة ولتاريخ .
منذ قديم الزمان نقولها: إن هذا البلد سيعبر إلى برّ الأمان في مختلف الميادين بفضل الصادقين من محبيه وأبنائه الأصليين والأصيلين، لا بمن يغيّرون كتف البندقية في اليوم الواحد آلاف المرات، ويرون المغرب جميلاً حين يستفيدون منه، وقبيحاً حين لا ينالهم من فتاته شيء.
إن الوحدة بين الملكية والحركة الوطنية والشعب كانت ولا تزال العامل الجوهري الذي، كلما توفر في مسعى من المساعي، شكّل القاعدة الصلبة لمواجهة مناورات ومؤامرات الخصوم والأعداء. وقد كان لهذا العامل دور أساسي في مختلف المراحل التي عرفها نضال الشعب المغربي من أجل الاستقلال، ثم استكمال وحدته الترابية وصونها من أطماع قوى الهيمنة والتوسع بمختلف أشكالها، وآخرها نزعة الانفصال في أقاليمنا الجنوبية، التي ما زالت تلك القوى تغذيها بكل الوسائل.
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 23/09/2025

