أهمية تجميد وحجز الأصول الإجرامية في محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب

إدريس العاشري
يعتبر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من أفظع الجرائم التي تحطم الاقتصادات العالمية وتزعزع الاستقرار الامني والاجتماعي خصوصا بعد التطور التكنولوجي والرقمي وانتشار الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
مثل معظم دول العالم التي تسعى لضمان الاستقرار الامني والاقتصادي والاجتماعي يعتبر المغرب من بين البلدان الموقعة على الاتفاقيات الدولية لمحاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب جعلته يتخذ الإجراءات التالية:
* المصادقة على قوانين لمكافحة الإرهاب وغسل الأموال.
* المشاركة في تأسيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
* إحداث وحدة معالجة المعلومات المالية (أو الهيئة الوطنية للمعلومات المالية حالياً).
* إلزامية إشراك المؤسسات البنكية والمالية والهيئات المهنية كالمحاماة. *التوثيق في التبليغ عن العمليات المشبوهة ذات صلة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
إجراءات وتدابير استعجالية واستباقية الهدف منها:
* حماية الاقتصاد الوطني من مخاطر الجرائم المالية وتعزيز الثقة لدى المستثمر المغربي.
* تحسين التصنيف السيادي يساعد المغرب من الخروج من «اللائحة الرمادية» إيجاباً على التصنيفات السيادية وتصنيفات البنوك المحلية.
من بين أهم المستجدات القانونية التي يسعى المغرب إلى تنفيذها لمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بكل نجاعة لابأس أن نقف وقفة تأمل بخصوص تجميد وحجز الأصول الإجرامية حيث صرح السيد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل بما يلي:
« أن مكافحة الجريمة المنظمة وتجفيف منابعها التمويلية يمثلان تحديًا مشتركًا يستوجب تعاونا إقليميًا ودوليًا أكثر نجاعة، مشددا على ضرورة إرساء آليات قانونية فعالة لتتبع وتجميد ومصادرة الأصول الإجرامية.»
جاء هذا التصريح خلال مشاركة السيد وزير العدل في ورشة العمل الإقليمية التي تحتضنها الرباط ما بين 16 و18 يونيو 2025، تحت عنوان: «تتبع وتجميد وحجز ومصادرة الأصول الإجرامية»، وحضرها خبراء وفقهاء في المجال القضائي والتنفيذي من عدة بلدان. والورشة تسعى لتعزيز الجهود الدولية لمواجهة تدفقات الأموال غير المشروعة.
بما أن المغرب يعتبر من أبرز دول العالم التي تعمل جهدا كبيرا لتعميم الاستقرار الامني والاقتصادي والاجتماعي للمغرب ومنطقة الساحل، فإن تنزيل توصيات مجموعة العمل المالي، خاصة تلك المتعلقة بتجميد الأصول والتعاون الدولي اعتبرها السيد وزير العدل إجراء ذا اهمية للقضاء على تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. كما أن العمل على استرداد الأصول المهربة يشكل رافعة تنموية حيوية للبلدان النامية، إلى جانب كونه أداة ردع فعالة للمجرمين.
السؤال المطروح هو هل كل دول العالم الموقعة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بمحاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لها الامكانيات والاليات اللازمة لتطبيق استرداد وحجز الأصول الإجرامية المهربة؟؟؟
حسب تصريح السيد عبداللطيف وهبي وزير العدل.
« إن آليات الحجز والمصادرة والتجميد تظل إجراءات فعالة في ملاحقة مرتكبي الجرائم، لكنها تطرح تحديات قانونية وميدانية، من أبرزها ضمان حقوق الأغيار حسني النية والحفاظ على الأصول من التبديد أو فقدان القيمة، وهو ما يتطلب تطوير الإطار القانوني والممارسات المرتبطة بهذه العمليات.»
في هذا الصدد لابأس أن ننوه بمجهودات المغرب في هذا المجال الذي لعبت فيه مؤسسات وطنية دورا طلائعيا مثل الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، التي انخرطت في تطبيق الاتفاقيات الدولية وشبكات التعاون القضائي، من بينها شبكة «مينا أرين» لاسترداد الأصول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلاً عن إبرام أزيد من 80 اتفاقية ثنائية في المجال الجنائي.
لنجاعة تطبيق اجراء مصادرة وحجز الأصول الإجرامية أكد السيد عبداللطيف وهبي وزير العدل أن وزارة العدل أعدت مشروع قانون لإحداث وكالة وطنية لتحصيل وتدبير الأموال والممتلكات المحجوزة والمصادرة، بهدف تجاوز الاختلالات الحالية، وتحقيق نجاعة قضائية أكبر من خلال مركزية التحصيل والتدبير وتوفير قاعدة بيانات خاصة بالعائدات الإجرامية.
السؤال المطروح هو: هل كل المؤسسات البنكية والمالية والهيئات المهنية المعنية بمحاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب (المحامون؛ الموثقون؛ وكالات تحويل الأموال؛ المنعشون العقاريون.. الخ) مستعدة لتغعيل وتطبيق هذا المشروع الذي سيقطع الطريق على مجرمي ومافيات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب !؟
الكاتب : إدريس العاشري - بتاريخ : 19/06/2025