إلى السيد رئيس الحكومة.. رأفة بالمواطن المغربي

عبد الرحيم الراوي

 

في الوقت الذي كان ينتظر فيه المواطن المغربي التخلص من شبح الغلاء، خرج مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، بحر الأسبوع الماضي، ليزف هذه المرة خبرا «موثوقا» و»سارا» أمام ميكروفونات وسائل الإعلام الوطنية لتنقله إلى كل المغاربة أينما كانوا، وتبشرهم بتراجع أسعار المحروقات بدرهم واحد، بل أكثر من ذلك استغل الوزير الشاب المناسبة ليناشد محطات الوقود بتوحيد سعر الغازوال، وهذا في حد ذاته إشكالية تدفع إلى طرح تساؤلات حول: من الذي يتحكم في اللوحة الإلكترونية التي تعرض أسعار المحروقات بمحطات الوقود.
التخفيض بقيمة درهم واحد، أبرزه السيد بايتاس على أنه إنجاز حكومي يستحق التنويه والتصفيق الحار من قبل الشعب المغربي، لكن في الحقيقة تلقاه المواطنون بكثير من الإحباط والحسرة، وولد لديهم شبه قناعة بأن الأمر ليس له علاقة كلية بالظرفية التي يعيشها العالم كما تدعي الحكومة ومن بينها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، بل رغبة في إبقاء الأسعار مرتفعة خدمة لمصالح أشخاص، هم من يحكمون ويتحكمون في أسعار المحروقات.
يبقى الانطباع الشعبي له ما يبرره، خاصة بعد تراجع سعر البرميل في البورصات العالمية إلى ما دون 96 دولارا، ورغم ذلك بقي سعر الغازوال في المغرب هو الأغلى ثمنا في الوطن العربي، ولو مقارنة ببعض الدول غير المنتجة للغاز.
تصرف الحكومة خلق نوعا من الفوضى، وفتح الباب على مصراعيه أمام العديد من التجار الذين يتصرفون بكل حرية في الأثمنة ويربطونها بموضوع المحروقات، مما يعرض المواطن، بشكل يومي، للاحتيال كلما اقتنى نفس المنتوج بثمن مختلف.
بعيدا عن النقد المجاني والحسابات الضيقة التي تخدم المصالح الانتخابية، وننظر بعين الواقع الذي يعيشه المواطن المغربي من غلاء في المعيشة، وخاصة في المحروقات والمواد الغذائية الأساسية، والتي عمقت من أزمته الاجتماعية وجعلته عاجزا عن تدبير حياته اليومية في ظل غلاء غير مسبوق، يفوق قدرته الشرائية بالنظر إلى محدودية المدخول الشهري، والتزاماته بمصاريف السكن وفاتورة الماء والكهرباء والتعليم والصحة.. هل يصح التعامل معه بهذه القساوة دون الأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية والاجتماعية التي يعانيها المواطن بسبب الفقر.
وضع اجتماعي يمكن وصفه بالكارثي، تعالت فيه أصوات المغاربة أمام البرلمان وفي الساحات العمومية، احتجاجا على سياسة رئيس الحكومة، محملة إياه مسؤولية ما يتعرض له الشعب المغربي من تفقير وبؤس بسبب سياسة حكومته، وطالبته في العديد من المناسبات والشعارات بالرحيل.
فرغم الحملات الفايسبوكية التي أظهرت قيمة وحجم شعبيته عند المواطن المغربي، تمكن عزيز أخنوش، أبرز الأسماء في عالم المال والأعمال بالمغرب، من الوصول إلى كرسي رئاسة الحكومة، لكن نجاحه شكل هاجسا نفسيا لدى غالبية المواطنين الذين شعروا بعدم الاطمئنان على حياتهم المعيشية، فتحول الإحساس إلى حقيقة بعد أن دشنت الحكومة بداية عملها بالزيادة في مجموعة من المواد الغذائية، ثم جاءت المرحلة الثانية عندما كان المغاربة يتلقفون أخبار الطفل ريان بكثير من الحزن والألم، فاستغلت الحكومة الظرف المأساوي لتزيد خلسة في بعض المواد الأساسية.
للتذكير، فقد كان المواطنون في ذلك الوقت ينتظرون ما سيسفر عنه الحوار الاجتماعي الذي انطلق منذ مدة طويلة بين الفرقاء النقابيين والحكومة، لكن للأسف كانت النتيجة هي الزيادة في أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية.

التعليقات مغلقة.