إنهاء الاحتلال أساس السلام الشامل بالمنطقة

سري القدوة (*)

منذ تنفيذ وعود ترامب وقيامه بنقل السفارة الامريكية للقدس المحتلة وفي الذكرى الثالثة لإعلان إدارة ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال، تتصاعد وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية اليومية على المؤسسات الفلسطينية ،وتتواصل جرائم الحرب التي ترتكبها حكومة الاحتلال بحق ابناء الشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها الاعتداء السافر على كنيسة الجثمانية في القدس، والذي هو بحد ذاته ليس بالحدث العابر أو الجريمة العادية، بل هو حدث إجرامي خطير مخطط له مسبقا ويستدعي الاستنفار والرد من المؤسسات الدولية الاسلامية والمسيحية وإدانة هذا العمل وضرورة دعم أهل القدس الذين تصدوا للمجرم وأنقذوا الكنيسة القديمة من الحريق والدمار.
إن هذا الاعتداء الآثم على المؤسسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وتواصل العدوان على الحرم الإبراهيمي، والمسجد الأقصى، وكنيسة القيامة، ليس عملا فرديا، بل هو عمل متصاعد ومستمر. وقد استفردت سلطات الاحتلال بالقدس لتنشر فيها الفساد وتمارس عدوانها في ظل الدعم الامريكي الكامل من حكومة ترامب التي تشجع على ممارسة هذه الجرائم، وتأتي هذه الجرائم ضمن مخطط الاستيلاء الكامل على المدينة، ومحاولة طمس الوقائع والحقائق الاسلامية، معتقدين أنهم بهذا العمل يهودون المدينة ويسرقون ويزورون التاريخ، وإن تلك الممارسات لم تكن يوما هي ممارسات فردية أو شخصية بل هي اعتداء مبرمج يأتي في سياق خطة صهيونية متكاملة ومدعومة أمريكيا لتهويد القدس عاصمة فلسطين التاريخية وإقامة الدولة اليهودية الخالصة على أرضها المباركة، بدعم متصاعد من تيار اليمين المتطرف الامريكي وأتباعه في العالم .
إن إعلان ترامب ودعمه للاحتلال، لن ينشئ حقا أو يرتب التزاما أيا كان شكله ومضمونه وتقادمه، ولكن الغريب في الأمر هنا، استمرار صمت المجتمع الدولي وعدم إدانة هذا العدوان، وصمت حكومة الاحتلال على هذه الجرائم، وعدم اتخاذ مواقف تجاه من يرتكبها، حيث يشجع مرتكبيها مستقبلا على الاستمرار في مثل هذا النوع من الجرائم، وهذا يدلل على أنه لا فرق بين حكومة الاحتلال والمستوطنين، فهم يمثلون نفس النهج ونفس آليات العدوان والقمع ويرتكبون نفس الجرائم، وهم يعتبرون أنفسهم فوق البشر والقوانين وفوق الاعتبارات الأخلاقية والمعايير الدولية. وإنه في ظل ذلك، فالمجتمع الدولي مطالب بعدم تجاهل هذه الجرائم الخطيرة أو الاستهانة بها أو برمزية القدس وما تعنيه لشعوب كثيرة في العالم الإسلامي والعربي والمسيحي، والذين يتطلعون إليها من أجل المساهمة في إحلال السلام والسلم الدولي ورفع الظلم التاريخي عنها، وإنهاء وضع الاحتلال القائم بالقوة العسكرية لمدينة السلام التي ترزح تحت وطأة الاحتلال الصهيوني وسياسته القهرية، القائمة على تزوير التاريخ، وتزييف الهوية الوطنية الفلسطينية، وطرد شعب فلسطين، وتهجيره دون وجه حق من أرضه وأرض أجداده .
إن الشعب الفلسطيني الذي تمارس ضده أبشع أنواع المؤامرات من قبل الحكم العسكري الاسرائيلي، وهو مطارد في مقدساته وأرضه وبيته ومدرسته ولقمة عيشه، يقف في وجه هذا العدوان بكل صمود وبطولة وإصرار على رفع الظلم عنه وتحقيق السلام ضمن مبدأ السلم الدولي ومنحه الحرية والانعتاق من الاحتلال الغاصب للأراضي الفلسطينية، وحان الوقت لدعم صمود الشعب الفلسطيني، والعمل على إنهاء هذا الوضع والتضامن الدولي من مختلف شعوب العالم، ومناصرة الحقوق الفلسطينية من أجل دعم العدالة والحرية للشعب العربي الفلسطيني، وإنهاء أبشع احتلال وإسقاط بقايا التسلط الصهيوني والاستعمار في العالم، هو خيار أساسي، وهدف موحد لكل شعوب العالم.

* رئيس تحرير جريدة «الصباح» الفلسطينية

الكاتب : سري القدوة (*) - بتاريخ : 14/12/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *