إنهاء الصراع ومتطلبات قيام الدولة الفلسطينية

بقلم : سري القدوة(*)

المجزرة المروعة التي ترتكبها قوات الاحتلال في مختلف مناطق قطاع غزة، وكذلك العدوان الهمجي في محافظات الضفة الغربية والاعتداءات المتكررة على المدن الفلسطينية في جنين وطول كرم، تأتي امتدادا لحرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وتدمير جميع مقومات وجوده الإنساني وخصوصا في غزة، وتحويلها، وفقا لشهادات أممية، إلى مكان غير قابل للسكن .
تلك المجازر المتواصلة يحب أن تتوقف ويتم وضع حد لسياسة الاحتلال وممارسات جيشه القمعية واللاإنسانية، ولا يمكننا الاستمرار على نفس نهج حكومة التطرف القمعية والاستمرار في مشاهدة معاناة النساء والأطفال الأبرياء في غزة.
إن استباحة غزة والضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وارتكاب المزيد من أشكال الإبادة والتطهير العرقي والقتل خارج القانون ضد المدنيين الفلسطينيين يعد إمعانا إسرائيليا رسميا ومتواصلا واستخفافا بالمجتمع الدولي وبالشرعية الدولية وقراراتها، وتمردا متعمدا على القانون الدولي والمطالبات والمناشدات الدولية الداعية لوقف الحرب والكارثة الإنسانية في غزة .
المجتمع الدولي والدول التي تدعم الاحتلال تتخلى من جديد عن إنسانيتها، وتثبت أن شعاراتها ومبادئها الخاصة بحقوق الإنسان شكلية، تندرج في إطار ازدواجية مفضوحة في المعايير وظروف تطبيقها، والالتزام بها حسب هوية الجلاد والضحية، كما أنها تخضع لحسابات مصالح الدول قبل كل شيء، الأمر الذي يستغله نتنياهو لإطالة أمد الحرب وتفريغ قطاع غزة من سكانه بجميع الإشكال الإجرامية العنصرية، وكسب المزيد من الوقت من أجل بقاء ائتلافه بالحكم لمدة أطول .
الشعب الفلسطيني يدرك تماما بأن هدف نضاله سوف يتحقق ويعمل من أجل هذا الحق، وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وأن أي حديث عن سلام اقتصادي أو أمني بدون وجود أفق سياسي يقود لإنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين هو مجرد سراب ولا يمكن القبول به أو تعليق آمال عليه، وهو بمثابة وهم ويعد مضيعة للوقت .
حكومة الاحتلال تتخبط في رؤيتها حول الوضع النهائي والحلول المطروحة ولا يمكن لأي إنسان أن يلتقي أو يوافق على اختزال القضية الفلسطينية ونضال شعب فلسطين ويتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، ولذلك لا بد من المجتمع الدولي أن يعمل على تفعيل مسارات السلام والتفاوض بدلا من حروب الاحتلال، وأهمية إعادة صياغة مستقبل العملية السياسية .
بات مطلوبا من حكومة التطرف مراجعة حساباتها ووقف العدوان والحرب فورا ومعالجة أخطائها وتصحيح حساباتها بما يتوجب عليها القيام به، وعدم تضييع الوقت والتحرك على المستوي العربي والدولي وتبني نهج السلام العادل القائم على قيام الدولة الفلسطينية، لأن هذا ما يمكن أن يلبي الحد الأدنى من متطلبات عملية السلام، وهو قيام الدولة الفلسطينية التي تؤدي إلى إنهاء الاحتلال .
لقد كان خيار السلام خيار الشعب الفلسطيني الذي يؤدي إلي قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولا يمكن تجاوز هذا الخيار، وهو بمثابة خطوط حمراء، ولا يمكن لسلطات الحكم العسكري وجيش الاحتلال فرض أي حلول تتناقض مع هذا الحق .
الشعب الفلسطيني يعمل من أجل تحقيق حل سياسي عادل وشامل قائم على أساس الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، والسلام لن يكون بأي ثمن، والقدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية ليست للبيع، وأية مشاريع منقوصة كدولة ذات حدود مؤقتة أو غيرها من المشاريع المشبوهة أو كيان هزيل أو حكم محلي لن تحقق شيئاً بفعل صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه الوطنية .

(*)سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب : بقلم : سري القدوة(*) - بتاريخ : 26/01/2024

التعليقات مغلقة.