الاتحاد الاشتراكي التأسيس والمبادئ

حسناء بوعيسى *

شكل تأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1975، محطة مفصلية في الحياة السياسية المغربية، انبثق من خلالها التوجه الاشتراكي الديمقراطي كمشروع سياسي وطني ثابت للحزب، يروم من خلاله النضال من داخل المؤسسات، قصد تثبيت البناء الديمقراطي داخلها، وإرساء أسس المغرب المتنوع الذي يعتز كل أبنائه بالانتماء إليه.
تأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وإن كانت سنة 1975 قد شكلت الميلاد الجديد له، فإنها في الحقيقة لم تكن إلا محطة فصل ووضوح لمسار طويل من التشكل والتطور، بدأت منذ اللحظات الأولى لتشكل الوعي السياسي الوطني، والمقاومة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، ففكرة الاتحاد التي قامت على مناهضة الاضطهاد والاستعمار والطغيان داخل الإطار الوطني، استمرت بشكل متطور باستمرار في مسار التشكل، الذي ظهر بشكل منظم ومنسق كفرز مجتمعي وسياسي حقيقي في مغرب ما بعد الاستقلال سنة 1959.
الفرز الذي جاء به تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959، لم يكن إلا فرزا ما بين توجه رجعي أراد بناء المغرب بشكله العتيق وبتوجهات ماضوية بدون أي إرادة للبناء الديمقراطي الذي يضع المغرب في مسار التحرر الحقيقي، وما بين توجه متحمس للتحرر والتقدم والبناء الحديث للدولة، وفق مقاربة حداثية ديمقراطية، ترفض الغصب والقهر، شكل الاتحاديات والاتحاديون أساسه الصلب.
مسار الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وإن كان قد اختار الاشتراكية كتوجه أيديولوجي يناضل داخل إطاره وضمن أفقه، إلا أن هذا المسار لم يكن بدون اختلالات وتباينات بين مختلف مكونات الحزب حول ماهية الفكرة وحدود تأطيرها، ومدى ربطها بالديمقراطية كأساس صلب لأي حركية أو نضال من أجل التغيير داخل المغرب.
جرت مياه كثيرة تحت جسر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي وإن كان بالفعل يجسد المقاومة الحقيقية للاستبداد بالمغرب، إلا أنه كان يشكل حركة فوضوية تكتنفها كل التوجهات اليسارية القائمة آنذاك، فهناك من كان يؤمن بالكفاح المسلح كتوجه رئيسي للتغير، وهناك من كان يؤمن أن النضال لا بد له أن يكون ديمقراطيا وسلميا بالأساس.
أمام هذا الاختلاف المركزي الذي كان يسيطر على تسيير وعلى مسار الحزب آنذاك، وما سببه من إشكاليات ومشاكل متعددة كادت تعصف بالفكرة الاتحادية، في ظل فضاء سياسي شعاره الجمر والرصاص، لم يكن من بد لدى غالبية الاتحاديات والاتحاديين، إلا التوجه نحو فرز تنظيمي جديد، يوضح بشكل لا رجعة فيه وغير قابل للنقاش، المرتكزات الوطنية والتوجهات الحداثية للحزب، المؤطرة بالاشتراكية الديمقراطية كأساس سياسي يناضل من أجله الحزب.
تأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1975، هو تأكيد على الجوهر الوطني للفكرة الاتحادية التي بدأت بمقاومة الاستعمار وتطورت لتتبني الديمقراطية كأساس مرجعي ووحيد لأي فعل أو حركية سياسية داخل المغرب، فالاتحاد الاشتراكي هو التعبير الصريح للاتحاديات والاتحاديين آنذاك أن ما يحركهم وما يسعون إليه هوالديمقراطية داخل الشرعية الوطنية.
تبني الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للاشتراكية الديمقراطية، هو تأكيد حقيقي على إرادة وإيمان الاتحاديات والاتحاديين آنذاك، بضرورة البناء والنضال من داخل المؤسسات، للانتصار لتطور ورقي الشعب المغربي، انطلاقا من قيم الوطنية الصادقة المتشبثة بثوابت الأمة، والساعية لجعل الديمقراطية أساس أي بناء مؤسساتي وطني، في أفق تدعيم وتحصين المكتسبات السياسية والاجتماعية المغربية، وبناء الدولة القوية العادلة .

(*)عضو المجلس الوطني للشبيبة الاتحادية

الكاتب : حسناء بوعيسى * - بتاريخ : 08/07/2023

التعليقات مغلقة.