الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يدعو إلى إصلاح الاختلالات التي تشوب الاستفتاءات الشعبية ومحاربة الفساد

علي المرابط الورزازي

انعقد اجتماع مؤسسة كتاب الجهات والأقاليم، يوم 28/6/2019 والمجلس الوطني للحزب يوم 29/6/2019، في ظرفية تاريخية حاسمة ومقلقة يعرف فيها العالم العربي والإسلامي وضعا مضطربا في أمنه واستقراره، باستثناء المغرب .
وفي هذا الصدد أصدر المجلس بيانا حول الوضع في البلاد على ضوء خطاب الكاتب الأول الأخ إدريس لشكر المتميز بالصراحة والوضوح والموضوعية. ولا شك أنه إشارة قوية للحاكمين مثيرا أزمة القيم الأخلاقية التي يعيشها العالم، وبالأساس الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، التي تطلق بالألفاظ بدون الأفعال. ويكفي دورها في ما يجري في الشرق الأوسط ودول الخليج والصراع العربي الإسرائيلي حول فلسطين ، حيث أصبحت دويلاتها لا تملك الأمر والنهي في سياستها الداخلية والخارجية وتواثبت الولايات المتحدة الأمريكية على خيراتها تحت غطاء الحماية. وبالنسبة للمغرب لقد ركز الأخ لشكر على الاختلالات التي تشوب الانتخابات الوطنية والجهوية والمحلية، ودعا إلى الشروع في إصلاحها بدءا من اللوائح الانتخابية إلى يوم الاقتراع لإضفاء المصداقية عليها، ولا يتأتى ذلك إلا بمحاربة ظاهرة استعمال المال جهارا ونهارا، دون أن تقوم الإدارة بمحاربة أصحابها وأحيانا تعمد إلى الدعوة لمساندة بعض المرشحين إلى أن قال بالحرف قول القايد “يدخل سوق راسو”.
إن الاتحاد ما زال مستمرا في تقديم المبادرات والاقتراحات من أجل مصلحة البلاد والشعب ويواصل أيضا النضال من أجلها مهما كلفه ذلك من تضحيات، وأشار بذلك إلى تعديل الدستور وليس فقط الفصل 47 من دستور 2011، والذي استفاد منه حزب العدالة والتنمية لولايتين وبرهن عن فشله في تدبير الشأن العام، وقد يؤدي الأمر بالبلاد إلى السكتة القلبية، والخطير في الأمر أن الحركات الإسلامية المساندة للحزب قد توغلت في المجتمع، وذلك بعدة أساليب، ويتعلق الأمر بتوظيف الدين في السياسة، والحال أن هذه الحركات تنتسب إلى المذهب الوهابي الذي أسسه محمد بن عبد الوهاب الذي كان الجناح الدعوي لآل سعود، إلا أنها لم تسلك نهج محمد بن عبد الوهاب وأصبح المردودي منظرها وتبنى إخوان المسلمين اتجاه حسن البنا، مع أن المغاربة اختاروا منذ قرون المذهب المالكي إمام دار الهجرة وعقيدة أبي الحسن الأشعري .
هذا وإن كان كلا المذهبين الفقهيين يعتمدان في أصولهما الكتاب والسنة والإجماع وفهمهما بفهم السلف الصالح إلا أن الشيخ الألباني أشار في كتبه السلفية إلى أن أحمد بن حنبل يعتمد الأحاديث الضعيفة بدون دليل، ودون الدخول في التفاصيل إلى أن المذهب المالكي كان سابقا وبقية المذاهب أخذت منه العلوم الشرعية وكذلك الشأن بالنسبة لجميع الأئمة والفقهاء، ويتسم بالاعتدال والوسطية إلى درجة أن أغلب العلماء يعتبرون كتاب الموطأ يأتي في الدرجة الثانية بعد الكتاب وركز الإمام في مذهبه على أصول مهمة في استنباط الأحكام الشرعية :
الكتاب حيث يجعل القرآن الكريم فوق كل الأدلة لأنه أصل هذه الشريعة وحجتها وسجل أحكامها.
السنة ويأخد منها بالمتواتر و لمشهور وأخبار الآحاد خصوصا، خاصة التي توافق عمل أهل المدينة الذي لا يكون إلا نقلا من النبي (ص).
القياس فالاستحسان والمقصود به ترجيح حكم المصلحة الجزئية عن حكم القياس ثم المصالح المرسلة حيث يأخذ منها ما نص بشرط أن يكون الأخذ بها دفع الحرج وأن تكون من جنس المصالح المعتبرة في الشريعة مع سد الذرائع، والذي مفاده أن الذي يؤدي إلى الحرام فهو حرام وما يؤدي إلى المصلحة يكون مطلوبا .
هذا وفي خطاب العرش الذي قدمه جلالة الملك صباح يوم الثلاثاء 29/7/2019 بمناسبة عيد العرش فقد أشار فيه إلى أن المغرب سيبقى متمسكا بالمذهب المالكي وعقيدته الأشعرية .
أعود إلى الأساليب التي يستغلها حزب العدالة والتنمية الخاصة، وبالأساس توظيف الدين في السياسة والاستلاب الديني والقيام ببعض أعمال البر والإحسان بهدف الحصول على الأصوات، والحال أن هذه الأعمال باطلة لقوله تعالى ” ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ” (سورة البقرة)، وبيع الأوهام للمواطنين وممارسة الكذب المحرم شرعا وإبعاد المواطنين عن فهم حقيقة ما يجري في بلادهم وتخويف المواطنين وإرهابهم واستعانتهم عبر توظيف “البلطجية” في الجامعة نموذجا لتحريف الأعيان والوجهاء لينضموا إلى صفوف المفسدين إلى جانب عناصر الإفساد الذين سيستعملون المال، وكلهم يقولون ما لا يفعلون ” صفة النفاق ” عرقلة وتعطيلا للمشاريع والمقترحات والقوانين التي تخدم مصلحة الشعب والمحتاجين، ومنهم من يدعي أنهم سيدافعون عن الذين يزرعون الكيف لتخريب عقول الشباب . والجدير بالذكر أنهم غير مخلصين ومحترمين للعهد الذي قطعوه على أنفسهم حتى على الذين صوتوا عليهم ولم يقم الحزب أيضا بتنزيل ما وعد به لصالح المواطنين .
وهكذا، ومن واجب الشعب المغربي أن يبدي تخوفه من استمرار الحزب في تدبير الشأن العام، وكذلك مستقبل البلاد الذي يواجه تحديات داخلية وخارجية، وذلك بالنظر إلى ما يجري في بعض بلدان الشرق الأوسط والخليج، بسبب الحركات الإسلامية التي تقوم التنظيمات الإرهابية التابعة لها بالإساءة للإسلام مما أدى إلى تسميته بالإسلاموفوبيا أي الإرهاب والرعب من الإسلام. و قد دعا الأخ المالكي رئيس المجلس الوطني إلى عقد مؤتمر دولي في شأنه، وقد أشار بدوره في خطابه أمام المجلس الوطني أنه بإمكان الحزب تغيير موازين القوى في البلاد، وهكذا فعلينا كاتحاديين مضاعفة مجهوداتنا من أجل استرجاع الحزب لمكانته.
وأخيرا أرى من المفيد الإشارة إلى أن الحركات الإسلامية، خاصة الإخوان المسلمين، كانوا يرفضون كل ما يتم استيراده من الغرب والديمقراطية والحداثة والانفتاح. وكانوا يرفعون شعار الإسلام هو الحل ويسعون إلى إقامة دولة إسلامية، والحال أن التاريخ الإسلامي لم يعرف خلافة إسلامية إطلاقا ولما فشلوا اختلفوا في كيفية الوصول إلى إقامة دولة الإسلام وفشل شعارها، ولذلك يرى بعضهم تبني فكرة الحل السياسي السلمي، كما هو الشأن في مصر والمغرب، والقائم على اللعبة السياسية الديمقراطية من خلال المشاركة في الانتخابات، وهذه طريقة الإخوان المسلمين، وبعضهم الآخر تبنى فكرة الحل العسكري العتيق، الذي هو في اعتقادهم أقصر طريق للاستلاء على الحكم، وهذه هي طريقة الجماعة المنشقة عن جماعة الاخوان والمسماة “جماعة الهجرة و التكفير” .
وأختم بحديت نبوي يسرى على العدالة والتنمية قوله (ص) ” إنكم ستعيشون سنوات خداعات يكذب فيه الصادق ويؤمن فيها الكذاب ولم يبق إلا الرويبضات ” ويعني بها (ص) الرجل التافه يتكلم في الشأن العام. ثم قال (ص) أيضا ” ما قوله إنه حين يقبض الله العلم من العلماء يأتي الجاهلون فيفتون ويضلون “، وهذا أسلوب خطير في استعمال المال وتوظيف الدين بسبب الجهل .

الكاتب : علي المرابط الورزازي - بتاريخ : 31/08/2019