التباسات المساعدات الإنسانية

أسامة الزكاري

في الكثير من الحالات، تتحول هذه المساعدات إلى عنصر إعاقة لعمل فرق الإنقاذ، وخاصة في الحالات التي لا تخضع فيها لمعايير التدخل الفعال والدقيق والاحترافي، بوسائل محددة وفي حالات محددة وبأهداف محددة.
أثبتت التجربة أن العديد من أشكال التدخل الدولي في الكوارث الإنسانية لا يحقق الشيء المطلوب إلا في حدود ضيقة جدا. ولعل في نموذج زلزال تركيا خير دليل على ذلك، مع استثناء – بطبيعة الحال- تدخل المتطوعين المدنيين غير الخاضعين لحسابات سياسية مرتبطة بمصالح دولهم.
في زلزال تركيا، ارتفعت أعلام غالبية دول العالم فوق الأنقاض، بشكل أصبح يتبادر معه كما لو أن الأمر يتعلق بمحفل دولي لإثبات الحضور ولتأكيد السبق ولتبرئة الذمة. لم تكن الفعالية في تركيا إلا لمؤسسات الدولة ولجهود المجتمع التركي، إضافة إلى عمل المنظمات الدولية غير الحكومية والأفراد المتطوعين. لا أفهم ما معنى أن ترسل دولة ما أطنانا من المضادات الحيوية -على سبيل المثال- والبلد المتضرر غني بهذه المادة. لا أعرف كيف سيتدخل مسعفون لا علم لهم بتعقيدات البنية الجيولوجية لإقليمي الحوز وتارودانت من أجل النبش في الفوالق الصخرية وفي الانكسارات الطارئة. ما الذي سيقدمه هؤلاء المسعفون غير تسجيل الحضور، ثم استثمار هذا الحضور للتسويق السياسي الفاقع.
أعتقد أن القرار المغربي بضبط أشكال التدخل الدولي جاء دقيقا وواضحا. نحن لا ننتظر أن يتصدق علينا الآخرون، وفي نفس الوقت، نحن نستقبل بالأحضان كل من يحمل النية الصادقة على المساعدة بعيدا عن حسابات الفاعل السياسي، وقريبا من انتظارات الضحايا والمنكوبين. لا شك أن الحماس الوطني المنقطع النظير في نجدة ضحايانا، ساهم في إعادة مقاربة أبعاد معادلة التدخل الإنساني على ضوء امتداد طوابير المتبرعين بالدم، وطوابير الشاحنات المحملة بمختلف الحاجيات الضرورية…
مرة أخرى، نعيد طرح السؤال/المفتاح على كل الدول الراغبة في المساعدة: ما الذي يمكنكم تقديمه للمغاربة؟ بعيدا عن بريق الشاشات، وقريبا من النيات التي لا يعلمها إلا لله.

الكاتب : أسامة الزكاري - بتاريخ : 16/09/2023

التعليقات مغلقة.