الترجمة القانونية وحقوق الانسان     

الاستاذ محمد امغار محام بهيئة الدارالبيضاء

الحق في التعبير والحق في المعلومة والحق في الثقافة والحق في المعرفة والحق في المحاكمة العادلة والحق في المساعدة القانونية وغيرها كل هذه حقوق يصطلح عليها بحقوق الانسان ولم يكن من الممكن احترامها لولا وجود المترجم فكلما كان ثمة ترابط بين لغتين او بين ثقافتين حضر المترجم كحلقة وصل للتواصل, والترجمة وهذا المعنى مرتبط بالحق والقانون ،وايجاد مترجمين مختصين مرتبط كذلك بالرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة لذلك فان من بين الاشكاليات المطروحة على العدالة والقضاء نجد مسالة الترجمة، وهكذا وان كان الاطار القانوني ينص على ان الترجمان المقبول لدى المحاكم هو مساعد للقضاء ويمارس الترجمة وفقا لاحكام القانون 50.00 وان الترجمان المقبول لدى المحاكم هو وحده المؤهل لترجمة التصريحات الشفوية والوثائق والمستندات المراد الادلاء بها امام القضاء وذلك في اللغة او اللغات المرخص له بالترجمة فيها كما اعطى النص القانوني الصلاحية بصفة استثنائية للمحكمة للاستعانة بترجمان غير مسجل في جدول التراجمة المقبولين لدى المحاكم للقيام باعمال الترجمة ويؤدي الترجمان غير المسجل في الجدول قبل القيام بمهامه اليمين القانونية المنصوص عليها في المادة 24 امام الهيئة القضائية التي انتدبته .
والقانون اشترط في المترشح لممارسة مهنة ترجمان مقبول لدى المحاكم مجموعة من الشروط وهي المنصوص عليها في مقتضيات المادة 3من الظهير المنظم للتراجمة المحلفين ومنها ان يكون مغربيا مع مراعاة قيودالاهلية المنصوص عليها في قانون الجنسية المغربية ,او من رعايا دولة تربطها بالمملكة المغربية اتفاقية تسمح لمواطني كل من الدولتين بممارسة مهنة الترجمة لدى المحاكم في الدولة الاخرى ,ان يكون حاصلا على دبلوم الترجمة من مؤسسة جامعية في المغرب او على شهادة معترف بمعادلتها له
ان يكون متمتعا بحقوقه الوطنية وذا مروءة وسلوك حسن ,ان يكون غيرمحكوم عليه من اجل جناية او جنحة باستتناء الجنح غير العمدية الا اذا رد اليه الاعتبار ,
ان لاتكون قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية من اجل تصرفات مخلة بالشرف اوالنزاهة او الاخلاق
ان يكون في وضعية سليمة ازاء الخدمة العسكرية
ان يكون متمتعا بالقدرة العقلية على ممارسة المهنة وان يكون بالغا من العمر 25 سنة ميلادية على الاقل
ان يكون قد نجح في مباراة التراجمة المقبولين لدى المحاكم وفي امتحان نهاية التمرين وان يكون له موطن بدائرة محكمة الاستئناف التي يرغب في ممارسة عمله بها
ولعل من اعقد اشكاليات الترجمة بالمحاكم المغربية من حيث علاقتها بدولة الحق والقانون نجد اشكالية الترجمة من والى الامازيغية حيث غالبا ما تسند الترجمة الى اشخاص غير مختصين ولاتتوفر فيهم الشروط القانونية الشيئ الذي يترتب عنه غياب شروط المحا كمة العادلة التي تعني الحضور القانوني للمتقاضين اثناء المحاكمة ذلك ان مفهوم الحضور القانوني يتضمن حضورا لغويا والذي يعني ان المتقاضي يجب ان يكون قادرا على سماع وفهم ما يقوله الطرف الاخر اثناء المحاكمة سواء كان من الشهود او النيابة العامة او غيرهم ,ويكون قادرا على متابعة الاجراء القانوني, ولعل هذا ما يطرح الدور الذي ينبغي ان يطلع به المعهد الملكي للثقافة الامازيغية في هذا المجال تنفيذا لمقتضيات الفقرة الخامسة من المادة التالثة من الظهير المنظم والتي تعطيه الحق في الاسهام في اعداد برامج للتكوين الاساسي والمستمر لفائدة الموظفين والمستخدمين الذين تقتضي مهنتهم استعمال اللغة الامازيغة ومنهم تكوين المترجمين في مجال العدالة والقضاء في انتظارحل المشكل بشكل جدري من خلال استعمال اللغة الامازيغية اسوة بالعربية في قطاع العدالة.
ومن جهة اخرى فمن الاشكاليات الجديدة المرتبطة بالترجمة والتي ظهرت امام المحاكم نجد قضية الترجمة من والى اللغة الصينية فمع دخول الاتفاقية الثنائية حيز التنفيذ وما ترتب عنه من ذخول الرعايا الصينيين والاستثمار بالمغرب وماصاحبه من قضايا معروضة على المحاكم يتطلب البث فيها الاستعانة بمترجم للغة الصينية ووزارة العدل ملزمة بايجاد مترجمين للغة الصينية امام المحاكم تطبيقا للاتفاقية الثنائية المتعلقة بالتعاون القضائي في المادة المذنية والتجارية والمصادق عليها بالظهير الشريف رقم1.98.159 والصادرة في 3 ماي2000والتي تنص في المادة الاولى فيما يخص اللجوء الى القضاء على انه يتمتع مواطنو كل من الدولتين فوق تراب الدولة الاخرى بنفس الحماية القانونية المخولة لرعاياها ويكون لهم الحق في التقاضي امام المحاكم او تقديم الطلب الى السلطة الاخرى المختصة وفق نفس الشروط التي قررتها السلطة لمواطينها,
ومن الاشكاليات القانونية التي تطرحها الترجمة امام المحاكم المغربية نجد كذلك الامتياز الممنوح للغة الفرنسية حيث انه وعلى الرغم من ان قانون المغربة وتوحيد المحاكم المغربية رقم 3.64 نص على ان لغة المداولات هي اللغة العربية وعلى ضرورة ترجمة الوثائق فان المحاكم ذهبت في اتجاه اعتبار اللغة الفرنسية لغة التقاضي اسوة باللغة العربية ولاحاجة الى ترجمة الوثائق المكتوبة بهذه اللغة مما يطرح اكثر من علامة استفهام ,
واخيرا فان المعايير الدولية للمحاكمة العادلة تنص على ان لكل متقاض او متهم بارتكاب فعل جنائي الحق في ان يحصل على مساعدة من مترجم شفهي دون مقابل اذا لم يكن يفهم او يتكلم اللغةالمستخدمة في المحكمة وهذا الحق ينطبق على جميع مراحل الدعوى الجنائية بما في ذلك اثناء استجواب الشرطة القضائية للمشتبه فيه وهذا ما يوضح ان المتهم الذي يجيد صعوبة في تكلم او فهم او قراءة اللغة التي تستخدمهاالمحكمة فله الحق في الحصول على مترجم شفهي من لغة المحكمة الى لغة المتهم والعكس, ويتولى المترجم اعداد نسخ محررة من الوثائق باللغة ذات الصلة ,وبدون هذه المساعدة فقد يعجز المتهم في فهم ما يدور في المحكمة ولا يستطيع ان يشارك مشاركة كاملة وفعالة في اعداد دفاعه وفي المحاكمة.

الكاتب : الاستاذ محمد امغار محام بهيئة الدارالبيضاء - بتاريخ : 12/08/2023

التعليقات مغلقة.