التيه السياسي

الحسين سوناين

ونحن على مشارف الانتخابات القادمة تخوض مكونات الأغلبية الحكومية صراعا فيما بينها تصريحا أحيانا وتلميحا أحايين أخرى  في خرق بئيس لمبدأ التضامن الحكومي  وفي ضرب لما ينبغي أن يكون عليه الفعل السياسي من نبل ونزاهة!   ومن يتابع الخطاب الحكومي سيجد نفسه أمام ثلاث  سرديات لحكومة واحدة:سردية  موغلة في التباهي ب “الرفاه” الذي  تراه هي وحدها وتطبل له ،وحين  يبحث المواطن عن أثر لهذا الرفاه  لا يعثر إلا على   غلاء يمتص جهده وجيبه ومرفق صحي عمومي عليل  وتكريس للفوارق الاجتماعية الفاحشة،وسعت دائرة الفقر وفتحت المجال للأثرياء كي تزداد ثروتهم.
السردية الثانية استشعرت جريرة ما هي فيه من وحل واستبقت الاستحقاقات الانتخابية لتلبس لبوس المعارضة  وشرعت في تصويب قذائفها   صوب من تتشارك وإياهم “الملح والطعام” متملصة من مسؤوليتها السياسة .السردية الثالثة موغلة  في  نسيان ما  بشرت ذات وقت  كونها حاملة للديمقراطية  والحداثة والنزاهة، وتحلق من حولها   الطامعون في  غلال السياسة والسلطة.ليُزج  بنفر  منهم في السجن وآخرون ملؤوا الدنيا لغطا وصياحا
إن  هذا المشهد السياسي العبثي الذي لا تخفيه مساحيق الأرقام والخرجات الإعلامية التي ترسخ فقدان الثقة في السياسة يدفع للخوف من عواقب هذا   التيه السياسي الذي يضع الرهانات الكبرى لبلادنا موضع  شك !ويفاقم من أزمة المشهد السياسي .
إن التلاسن المحموم حول من يحظى ب”شرف”الحكم في سنة  2030لتزامنه مع تظاهرة كأس العالم التي ستحتضنها بلادنا حول الثلاثي الحاكم إلى إلترات تتراشق الشعارات والهتافات  وتضييع الفرص التي  لن تتكرر.
إن ما تواجهه بلادنا من تحديات جيوسياسية واقتصادية واجتماعية  يقتضي أن يتحلى أعضاء الحكومة بكل مكوناتها بصفة رجال ونساء الدولةالذين بدل التسابق  حول من سيجلس في المنصة الشرفية لمشاهدة مقابلات كأس العالم،عليهم وعليهن،الالتفات إلى   ما تقتضيه المصلحة العليا للبلاد ،بدل هذا اللعب الصغير الذي يشكلا عبئا ثقيلا على الدولة .
إن الحكومة بكل مكوناتها تتحمل المسؤولية الكاملة عما هي عليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ،وكل تهرب في اللحظات الأخيرة من هذه المسؤولية هو مساهمة مباشرة في تبخيس المؤسسات وتشجيع على اختيارات لا تليق بمغرب المؤسسات.

الكاتب : الحسين سوناين - بتاريخ : 24/02/2025