الجهود الدولية والإقليمية في مكافحة وباء كورونا

  سري القدوة

 

مع استمرار انتشار وباء كورونا تبدو فكرة إيقاف العالم للفيروس تماما والعودة إلى حياة ما قبل الوباء وكأنها حلم، وخاصة في ظل عمليات التطعيم غير المتكافئة والمتغيرات الجديدة الخطيرة، ففكرة أننا سنتخلص يوما ما من الوباء تبدو وكأنها باتت صعبة للغاية، ولكن لاينبغي لنا أن نفقد الأمل بعد، وأن استئصال فيروس كورونا تماما من المجتمع ممكن، وتشير الدراسات العلمية إلى أنه، وفي تحليل للدراسات السابقة والنظر في المقارنات مع الجدري وشلل الأطفال، أن الاستئصال قد يظل ممكنا حتى لو لم يكن سهلا، وذلك ممكن بفضل مجموعة اللقاحات وتدابير الصحة العامة والاهتمام العالمي بتحقيق هذا الهدف .
وعلى الرغم من أن وباء كورونا، وعلى المستوى العالمي، يستمر في تشكيل خطورة بالغة فإن بعض الأماكن وعلى نطاق صغير، قد تمكنت من القضاء على الفيروس، وخاصة في ظل انتشار التطعيم، وأوضح العلماء أن دولا كبيرة مثل الصين وهونغ كونغ ودولا أصغر مثل أيسلندا ونيوزيلندا تمكنت من القضاء على الفيروس مؤقتا قبل إطلاق اللقاحات باستخدام مراقبة الحدود وارتداء الأقنعة والتباعد الجسدي والاختبار وتتبع الاتصال، بالإضافة إلى ذلك فقد تمكن العالم، وبالفعل، من القضاء على مرض بشري واحد، على الأقل، بشكل كلي من قبل، وهو الجدري .
التأثير الكبير لما تركه وخلفه وباء كورونا على النطاق الهائل على المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية في معظم أنحاء العالم يدفع الجميع إلى الاهتمام غير المسبوق بمكافحة الأمراض وإلى استثمارات ضخمة في التطعيم ضد الوباء، وتبقى الحاجة مهمة وماسة إلى ضرورة اتخاذ المزيد من الخطوات المتعمقة والمكثفة ودعوة منظمة الصحة العالمية إلى مراجعة رسمية لمخطط واستراتيجية محاولة القضاء على الوباء، وهذا الوضع القائم الذي أدى إلى ارتفاع الأصوات المنادية بإدخال إصلاحات جدية على طرق عمل منظمة الصحة العالمية .
وعلى حسب ما يبدو، فإن الجائحة كانت سببا في إثارة جدل عالمي واسع حول جدوى منظمة الصحة العالمية وأهميتهما، بعد أن ثبت للعيان عدم جاهزية أغلبية البلدان الأعضاء للتعامل، بجدية، مع الأوبئة والأمراض المعدية، وأهمية تعزيز التعاون الدولي بين مختلف بلدان العالم لتوفير وقائع جديدة واستراتيجية علمية شاملة تضمن مكافحة الوباء، وعمليا لو سمحت النظم الدولية بوجود تعاون دولي في مجال مكافحة الفيروسات لكانت هناك استجابة أسرع من قبل منظمة الصحة العالمية وبطريقة أكثر حسما لاحتواء الوباء الناجم عن انتشار فيروس كورونا المستجد بمجرد ظهوره، حيث توصلت الدراسات العلمية، التي أشرفت عليها لجان مستقلة، إلى أن منظمة الصحة العالمية لم تعمل بجدية من أجل استعراض آليات الفيروس وطبيعته، وغاب التعاون الدولي بين الدول الأعضاء ومدى استعدادها لمواجهة الأوبئة .
وعمليا لا بد من مضاعفة الجهود من قبل منظمة الصحة العالمية والعمل على تقديم كل أنواع الدعم الممكنة، وخاصة الدعم التقني، الذي يركز على تقوية القدرات المختبرية للبلدان بما يمكنها من إجراء الاختبارات اللازمة لاكتشاف الحالات وتدريب الكوادر، التي ستعمل في مختلف مجالات الاستجابة، ولا بد من التعاون الكامل بين الدول الأعضاء في المنظمة الدولية وتبادل الأدوار والمعلومات مع المكاتب الإقليمية بهدف دعم قدرات البلدان واستكمال خططها في التأهب والجاهزية والاستجابة لأية أوبئة أوجوائح قد تقع في أي وقت، طبقا لما تنص عليه اللوائح الصحية الدولية وتعديلاتها .

سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com

الكاتب :   سري القدوة - بتاريخ : 16/08/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *