الجهود الدولية والعودة إلى التهدئة وإنهاء الاحتلال

سري القدوة (*)
لا يمكن لوقف إطلاق النار أو التهدئة أن يوقف تلك المعاناة وهذا الجحيم الذي لحق بقطاع غزة، وكل هذه الإجراءات لن ولم تكن كافية لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه ومساعدة من تبقى على قيد الحياة للنهوض من جديد، ولوضع حد للكوارث والعودة إلى ممارسة حياة عادية حيث مزقت آلة الدمار الإسرائيلية كل أشكال الحياة، ولم تخلف إلا مشاهد الإبادة الجماعية التي ستظل شاهدة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي .
ومن شأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أن يوفر بعض الراحة لضحايا الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين، رغم أن هذه الخطوة متأخرة وكابوس الحرب لن ينتهي مع توقف القصف بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين تعرضوا لأكثر من 15 شهرا من القصف المدمر والمتواصل، والذين نزحوا مرارا من منازلهم ويكافحون من أجل البقاء في خيام مؤقتة دون طعام أو ماء.
لا يمكن السكوت أو الصمت عن جرائم الاحتلال واستمرار مواصلة الحرب، خاصة في ظل استمرار حكومة الاحتلال فرض حصارها على قطاع غزة وعرقلتها لكل الجهود الدولية الداعية إلى إحياء عملية السلام ورفضها لوقف الحرب والإبادة باتخاذ خطوات عملية نحو إقامة الدولة الفلسطينية، ولا بد ومن الضروري العمل على وقف إطلاق النار بأي شكل من الأشكال، والعمل على إدخال المساعدات الإنسانية اللازمة إلى القطاع بشكل فوري حيث من شأن ذلك تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني بعد أن تخطى العدوان الإسرائيلي كل الحدود، ودخلت مناطق قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، ويجب مضاعفة الجهود الدولية حتى يتم تتويج الاتفاق بإنهاء الاحتلال والوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، استناداً إلى مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت عام 2002، وحل الدولتين بما يضمن أمن واستقرار المنطقة.
وما كانت هذه الحرب والإجرام الوحشي أن يستمر بدون الدعم الأمريكي حيث ارتكبت إسرائيل الدولة القائمة على الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت نحو 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
يجب على المجتمع الدولي تكثيف جهوده من أجل ضمان تطبيق كل مراحل اتفاق وقف إطلاق النار وضمان التهدئة الشاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والإسراع في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والعمل على تدفق وإدخال المساعدات العاجلة للقطاع، والانسحاب الإسرائيلي الكامل منه، وتمكين دولة فلسطين من تولي مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية، في 21 نوفمبر الماضي قد أصدرت مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآفغالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة، ويتواصل الاحتلال العسكري الهمجي الإسرائيلي منذ عقود حيث تحتل إسرائيل أراض في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
آن الأوان لإجبار دولة الاحتلال على القبول بوقف حربها الشاملة على شعبنا الفلسطيني ووقف اعتداءاتها وانتهاكاتها الخطيرة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بالإضافة إلى إرهاب المستوطنين الذين يواصلون جرائمهم تحت حماية جيش الاحتلال، ومواصلة سرقة الأرض الفلسطينية، وقرصنة أموال المقاصة الفلسطينية، ويجب أن تسود، في النهاية، الشرعية العربية والدولية كونهما هما الأساس في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
(*)سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
الكاتب : سري القدوة (*) - بتاريخ : 14/04/2025