الرياضة المغربية… من رسالة ملكية إلى مشروع أمة مفتوحة على العالم
n الحسين غوات
عرف الشأن الرياضي بالمغرب خلال السنوات الأخيرة تحوّلاً نوعياً وعميقاً، لم يكن وليد الصدفة ولا نتاج لحظة عابرة، بل ثمرة رؤية ملكية واضحة، جعلت من الرياضة رافعة للتنمية الشاملة، ومجالاً لبناء الإنسان، وتعزيز صورة المغرب كبلد طموح، منفتح، وقادر على التنظيم والإنجاز.
فمنذ الرسالة الملكية السامية التي أكدت على ضرورة إعادة هيكلة المنظومة الرياضية، مروراً بتأهيل وتطوير البنيات التحتية في مختلف ربوع المملكة، وصولاً إلى الاستثمار الجاد في العنصر البشري من لاعبين، أطر تقنية، وإدارية، دخلت الرياضة المغربية مرحلة جديدة عنوانها الاحتراف، الحكامة، وربط الإنجاز بالرؤية الاستراتيجية.
وقد تُوّج هذا المسار التاريخي بالإنجاز الاستثنائي للمنتخب الوطني الأول في كأس العالم 2022، حيث لم يكن بلوغ نصف النهائي مجرد إنجاز رياضي غير مسبوق، بل لحظة جامعة أعادت تعريف موقع المغرب قارياً وعالمياً، ورسّخت صورة بلد قادر على منافسة الكبار بعزيمة، انضباط، وروح جماعية عالية.
ولم يقف النجاح عند هذا الحد، إذ واصلت المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها العمرية حصد النتائج الإيجابية، من كأس العرب بقطر، إلى التألق اللافت في المنافسات القارية والدولية، وصولاً إلى كأس العالم للناشئين (أقل من 20 سنة)، ما يؤكد أن ما تحقق ليس استثناءً، بل نتيجة عمل تراكمي يؤسس لمستقبل واعد.
اليوم، ما يحدث في الرياضة المغربية ليس مجرد سلسلة مباريات أو بطولات، بل حركة مجتمعية صاعدة، تستدعي بلورة استراتيجية وطنية شاملة لاستثمار هذا الزخم، عبر:
إحداث أكاديميات محلية في كل مدينة وقرية، توظيف الرياضة كأداة للإدماج الاجتماعي ومحاربة الهشاشة، ربط التفوق الرياضي بالتفوق الدراسي والمهني وتحويل الملاعب إلى فضاءات للتربية على القيم والانضباط والمواطنة.
وفي موازاة ذلك، يبرهن المغرب على جاهزيته لاحتضان وتنظيم تظاهرات قارية وعالمية كبرى، بفضل بنيته التحتية الحديثة، أمنه واستقراره، وكفاءاته التنظيمية، مؤكداً أنه بلد مفتوح أمام أشقائه من كل حدب وصوب، وفضاء آمن للرياضة، الاستثمار، والتلاقي الإنساني.
إن المغرب، وهو يبني نموذجه الرياضي، لا يسعى فقط إلى حصد الألقاب، بل إلى ترسيخ نموذج إنساني يجعل من الرياضة لغة عالمية للتواصل، وقيمة مشتركة للتنمية والسلام.
إلى العالم نقول: ما يتحقق في المغرب اليوم ليس إنجازاً ظرفياً، بل مشروع أمة تؤمن بأن بناء الإنسان هو أعظم انتصار، وأن الكرة التي تتحرك في الملاعب، تحرك معها قلوباً مليئة بالأمل والطموح.
من المغرب، نبعث برسالة حب وسلام وأمن واطمئنان: الرياضة عندنا ليست منافسة فقط، بل لغة إنسانية مشتركة، تجمع الشعوب، وتقرّب الثقافات، وتؤكد أن التعايش ممكن، وأن الحلم حين يُؤطَّر بالرؤية والعمل، يصبح واقعاً مشتركاً.
هكذا تُبنى الأمم: بأقدام تحرك الكرة… وقلوب تحرك الأمل.
الكاتب : n الحسين غوات - بتاريخ : 23/12/2025


