السياسات الليبرالية وتحديات تحقيق العدالة الاجتماعية وفقًا لمبدأ الإنسانية في المغرب: اية مقاربة في ظل الإخفاقات الحكومية

محمد السوعلي *

في السنوات الأخيرة، قامت الحكومة الحالية في المغرب بتسويق مجموعة من المصطلحات مثل “الدولة الاجتماعية”، “الحما ية الاجتماعية”، و”التغطية الصحية”، معبرة عن اهتمامها المزعوم بتقديم برامج واستثمارات في المرافق الاجتماعية. من الضروري التوقف عند هذه المفاهيم وتحليلها بعمق لتقييم مدى توافق الحكومة مع هذه المبادئ، خاصة وأن الإنجازات الملموسة غالباً ما تتناقض مع الخطاب الرسمي، كما يتضح من العديد من المشاكل والتحديات في القطاعات الحيوية مثل الصحة، التعليم، السكن ، والتشغيل.
بداية، الإنسانية تُعد من أعمق المفاهيم التي تمثل جوهر العلاقات البشرية، حيث تعبر عن القيم الأخلاقية التي يتبناها الإنسان تجاه نفسه واتجاه الآخرين، مثل التعاطف، العدالة، والتضامن. وعلى مر التاريخ، كانت الإنسانية ركيزة أساسية في بناء المجتمعات وتحقيق التعايش السلمي بين الشعوب. ومع ذلك، فإن تطور المجتمعات لم ينجو من الصراعات والحروب، مما أدى إلى تفاوتات واضحة بين البشر في فترات الحرب والسلم.
في حالة السلم، تطبيق مبادئ الإنسانية ليس دائمًا سهلًا، حيث يواجه تحديات كثيرة بسبب التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية بين الدول وداخل الدول، وعلى الرغم من وجود قوانين دولية لحماية حقوق الإنسان، إلا أن التجاوزات والانتهاكات ما زالت شائعة، مما يجعل من الصعب تفعيل مبدأ الإنسانية كقيمة عالمية. خصوصا في حالة النزاعات المسلحة.

تحديات السياسات الليبرالية في تحقيق مبدأ الإنسانية

في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يطرح تساؤل مهم حول مدى التزام الحكومات الليبرالية بتطبيق مبادئ الإنسانية. هل يمكن اعتبار حكومة لا تبذل جهودًا كافية لإخراج المواطنين من الفقر والجهل، حكومة تتبنى فعلًا القيم الإنسانية؟ التساؤلات تتزايد حول كيفية تعامل هذه الحكومات مع قضايا مثل غلاء المعيشة، تجميد الأجور، وعدم ضبط التضخم. وعدم صيانة الكرامة الانسانية. وماذا عن الحكومة التي تتجاهل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على الطبقات الضعيفة والمتوسطة؟
وفي نفس السياق، يمكن طرح مجموعة من التساؤلات حول مدى فعالية السياسات الحكومية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقًا لمبادئ الإنسانية:
هل يتم توجيه الاستثمارات نحو القطاعات التي تمس حياة المواطن العادي؟
هل تحقق السياسات الاقتصادية الحالية التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية؟
هل تمتلك الدولة القدرة على تقليص الفجوات الاجتماعية والمجالية؟
هل تكفي البرامج الاجتماعية الموجودة لتحسين الظروف المعيشية للفئات الهشة؟
التساؤلات تتزايد حول التطبيق غير السليم لمبادئ الإنسانية:
كيف يمكن للحكومات أن تدعي الالتزام بالقيم الإنسانية بينما يتزايد غلاء المعيشة ويعجز العديد من المواطنين عن تحمل نفقاتهم اليومية؟
كيف يمكن التعامل مع تجميد الأجور وتجاهل تحسينها في وقت تتعرض فيه حقوق العمال للهضم؟
وهل يمكن اعتبار السياسات الحكومية التي لا تضبط التضخم أو تحسن القدرة الشرائية للمواطنين، سياسات إنسانية؟
الإنسانية تتطلب أن تكون الخدمات الصحية والتعليمية متاحة للجميع، وهو ما لا يتحقق في دول تتدهور فيها هذه الخدمات ولا تلبّي الاحتياجات الأساسية للسكان. تحقيق مبدأ الإنسانية يتطلب أيضًا وجود حوار بنّاء بين الحكومة والمجتمع المدني، وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل تجاهل مطالب المواطنين. لذا، من الضروري طرح هذا السؤال:
كيف يمكن لحكومة أن تعكس القيم الإنسانية في سياساتها في ظل تراجع اقتصادي مستمر وتفاقم الفوارق الاجتماعية؟
وكيف يمكن الحديث عن العدالة الاجتماعية إذا فشلت الدولة في تحقيق التوزيع العادل للثروات والخدمات بين مختلف الفئات والمناطق؟
إن هذه التساؤلات توضح أن النجاح في تفعيل الإنسانية كجزء من التنمية الاقتصادية والاجتماعية يتطلب سياسات متكاملة تأخذ في الاعتبار العدالة والتوازن بين المصالح الاقتصادية والاجتماعية. ومتطلبات المواطنات والمواطنين.
نطرح هذه التساؤلات لأننا نوجد في مرحلة حاسمة، فمن جهة عرف المغرب ولازال إنجاز العديد من المشاريع المهيكلة الكبرى، والتي ساهمت في تحقيق نمو اقتصادي متنام نسبيا، واستتباب استقرار سياسي، ومن جهة ثانية هناك تنام لتناقضات اجتماعية قوية لا يمكن تجاهلها.
مما يعني أنه قد حان الوقت لإجراء مراجعة للمقاربات المتبناة، وللأخذ بعين الاعتبار للحاجيات المختلفة للمجتمع.
في الواقع، نوجد أمام مفارقة غريبة، فالقائمون على الشأن العمومي ما فتأوا يرددون على مدار الساعة نجاحهم في تنزيل نموذج تنموي عادل، ويؤكدون أنهم يرصدون إمكانات بشرية ومادية كبيرة للنهوض بالعديد من القطاعات، لكننا في الآن نفسه نلاحظ تصاعد الاحتجاجات والانتقادات للسياسات العمومية والتي تعبر في مجملها عن غياب عدالة اجتماعية، وعن اتساع الهوة بشكل غير مسبوق بين قلة تمتلك الجزء الأعظم من ثروات البلاد، وبين غالبية تعاني الفقر وشدة الحاجة.
أمام وضع كهذا، يليق بأعضاء الحكومة التوقف عن ترديد سردية لم يعد يصدقها أحد، كما يليق بهم أن يتوقفوا عن تبرير التوترات التي تعيش على وقعها العديد من القطاعات بتدخل أياد أجنبية، فغلاء المعيشة غير المسبوق وندرة مجموعة من المواد الغذائية وتزايد الفوارق الاجتماعية، وسياسة صم الآذان ونرجيسية بعض أعضاء الحكومة وتزايد الفوارق الاجتماعية ، كلها أمور ترتبط أساسا باختيارات الحكومة، وهي التي تؤدي إلى تنامي التوترات والرغبة في الهجرة.
من الأكيد أن هناك بعض الأسباب الموضوعية التي ساهمت في تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي لفئات عريضة من المواطنين، لكن ارتفاع وتيرة الاحتجاجات ترجع أيضا إلى غياب إرادة لدى المسؤولين الحكوميين لإعادة النظر في اختياراتهم.
ولربما هم منسجمون مع أنفسهم في رفض إعادة النظر في سياستهم، لأنهم متشبعون بالقيم الليبرالية التي تعتمد على الربح دون النظر إلى العواقب الاجتماعية، والتي تؤدي حتما إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية وتدهور الخدمات الأساسية، وهو ما يجعل من الصعب الحديث عن العدالة الاجتماعية في ظل هذه الظروف .

علاقة الإنسانية بالسياسات التراجعية والتمييزية:

تتعارض الإنسانية بشكل جذري مع السياسات التراجعية والتمييزية التي تؤدي إلى تهميش فئات معينة من المجتمع أو تفاقم التفاوت الاجتماعي. السياسات التراجعية هي تلك التي تتراجع عن المكتسبات الحقوقية والاجتماعية التي تم تحقيقها على مدى سنوات، وتؤدي إلى تدهور مستوى العيش والعدالة الاجتماعية. من الأمثلة البارزة على ذلك: إلغاء أو تخفيض البرامج الاجتماعية، ضعف الحماية الاجتماعية، وعدم الالتزام بتحسين الأجور أو ضمان حقوق العمال. هذه السياسات التراجعية تتناقض مع جوهر القيم الإنسانية لأنها تزيد من معاناة الفئات الهشة في المجتمع بدلاً من مساعدتها.
أما السياسات التمييزية، فهي تلك التي تخلق أو تديم الفوارق بين الأفراد على أساس الجنس، أو الوضع الاجتماعي. هذا النوع من السياسات يقوض مبدأ المساواة الذي يشكل أحد أعمدة الإنسانية. عندما تُطبق السياسات التمييزية، تتعرض الفئات المستضعفة للظلم والإقصاء، مما يحول دون تحقيق العدالة الاجتماعية. في ظل هذه السياسات، تصبح الإنسانية مجرد فكرة نظرية بعيدة عن التطبيق الواقعي، لأن التمييز يحول دون تحقيق التضامن والعدالة بين مختلف شرائح المجتمع.

الدولة الاجتماعية كمحور لتحقيق الإنسانية في المغرب

في المغرب، يمثل مفهوم الدولة الاجتماعية أحد الحلول الرئيسية لتحقيق مبدأ الإنسانية. الدولة الاجتماعية تتحمل مسؤولية توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم، الصحة، والسكن، وتعزيز تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية. تهدف هذه السياسات إلى تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، وتوفير توزيع عادل للثروات.
على عكس السياسات الليبرالية التي تركز على السوق والربح، تقوم الدولة الاجتماعية بوضع مبدأ الإنسانية في قلب سياساتها العامة. المبادرات الملكية مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تسعى إلى تحسين الظروف المعيشية للفئات الأكثر هشاشة، وتلعب دورًا مهمًا في تقليص الفوارق الاجتماعية.

ومع ذلك، يعتمد النجاح الحقيقي لهذه المبادرات على الإرادة السياسية ومدى التزام الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. يجب أن تكون هناك سياسات مستدامة ومتواصلة لتحسين جودة التعليم، الصحة، وتوفير فرص عمل تساهم في تحسين حياة المواطنين.

مبدئ الإنسانية ومرتكزات التنمية: تحديات الدولة الاجتماعية في المستقبل

الإنسانية هي واحدة من أعمق المفاهيم التي تعبّر عن القيم الأخلاقية والتي تساعد المجتمعات على التعايش السلمي والتعاون عبر التاريخ. ولكن تطور المجتمعات لم يكن دائمًا خاليًا من الصراعات والحروب، ما أدى إلى تفاوتات كبيرة بين الناس في فترات الحرب والسلم.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى أي مدى يمكن للحكومات الليبرالية أن تطبق مبادئ الإنسانية؟  وهل يمكن اعتبار حكومة تتجاهل الفقر وتفشل في تحسين حياة المواطنين حكومة تعمل بالقيم الإنسانية حقًا؟

إخفاقات الدولة الاجتماعية وتأثيرها على الإنسانية

الإخفاقات التي تصيب الدولة الاجتماعية تؤثر بشكل كبير على مبدأ الإنسانية، حيث تعتمد الدولة الاجتماعية على فكرة توفير الأمان الاجتماعي والاقتصادي لكل المواطنين، وضمان حقوقهم في العيش الكريم. لكن عندما تفشل الدولة في تنفيذ هذه المبادئ، يُصبح هناك خلل في النظام الاجتماعي ككل.

على سبيل المثال، تدهور الخدمات الصحية والتعليمية يمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة. في دول تعتمد على السياسات الليبرالية، يتم تخفيض الاستثمار في هذه القطاعات بحجة تقليص النفقات العامة، مما يؤدي إلى تردي مستوى الرعاية الصحية، وانخفاض جودة التعليم، وزيادة الفجوات بين الفئات الاجتماعية المختلفة. هذا التدهور يُعد انتهاكًا لمبادئ الإنسانية، حيث يُحرم الأفراد من الخدمات الأساسية التي تعتبر حقًا إنسانيًا بديهيًا.

غلاء المعيشة وتجميد الأجور هو مثال آخر للإخفاقات التي تضرب في عمق الدولة الاجتماعية. مع ارتفاع التضخم، تصبح القدرة الشرائية للمواطنين ضعيفة جدًا، ما يهدد استقرار الأسرة ويؤدي إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية. إذا كانت الحكومات غير قادرة على ضبط الأسعار أو تحسين الأجور، فهذا يعكس فشلًا كبيرًا في تفعيل مبادئ الإنسانية داخل السياسات الاقتصادية.

ونحن نتحدث عن إخفاقات الدولة الاجتماعية، لا يمكننا ألا نسجل بأن نجاح هذه الأخيرة يرتبط عضويا بجعل الإنسان في صلب اهتمامات السياسات العمومية، كما أن الحديث عن مشروع دولة اجتماعية يقتضي تغييرا جذريا في مقاربات التنمية المعمول بها، إذ أن أول ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن هذه المقاربات لن تنجح إذا استمر اعتمادها “من فوق”. فالسياسات الاجتماعية يتم بلورتها في إطار مقاربات القرب وبمعية المنظمات والفاعلين الذين سيساهمون في أجرأتها وتتوقف هذه الأخيرة على مجموعة من المحددات (الموارد، المجال الترابي، المنظمات الشريكة ، الفاعلون…).

خلافا لذلك، ستظل الفجوة كبيرة بين النوايا المعبر عنها في مجال تنزيل وأجرأة الدولة الاجتماعية من جهة، والنتائج المحصل عليها من جهة ثانية.

غياب الحوار بين الحكومة والنقابات والمجتمع المدني

من أبرز الإخفاقات التي تُعمق الأزمة داخل الدولة الاجتماعية هو غياب الحوار البنّاء بين الحكومة من جهة، والنقابات المهنية، والمجتمع المدني، والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى. في بيئة تشهد ضغوطًا اقتصادية واجتماعية متزايدة، يصبح الحوار بين هذه الأطراف ضرورة قصوى لضمان تنفيذ السياسات التي تعكس تطلعات المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية.

غياب هذا الحوار يؤدي إلى مزيد من التوترات الاجتماعية وتفاقم الأزمات الاقتصادية، حيث يتم تجاهل مطالب النقابات والمجتمع المدني المتعلقة بتحسين الأجور، تحسين ظروف العمل، وضمان الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية. في غياب قنوات حوار فعّالة، تضعف قدرة الحكومات على الاستجابة للتحديات الملحة وعلى تطبيق السياسات التي تضمن تحقيق العدالة والإنسانية.

هذا الغياب يعكس ضعفًا في التفاعل بين الحكومة والفئات الأكثر تأثرًا بالسياسات الاقتصادية، مما يعزز الشعور بالإقصاء الاجتماعي لدى الطبقات الهشة والمتوسطة. وتُعد هذه الفجوة في التواصل من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى فشل السياسات في تحسين جودة الحياة وتحقيق التنمية المستدامة. الحوار بين جميع الأطراف المعنية هو الركيزة الأساسية لضمان أن تكون السياسات متوازنة وعادلة وتلبي حاجات المواطنين.

الإنسانية والتنمية المستدامة

تحقيق التنمية المستدامة يتطلب اتباع سياسات تعزز من العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتقلل من الفجوات بين الفئات المختلفة في المجتمع. التنمية المستدامة لا تعني فقط النمو الاقتصادي، بل أيضًا توفير بيئة اجتماعية تضمن تكافؤ الفرص، وتلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم.

لكن في ظل غياب الحوار البنّاء وتجاهل احتياجات الفئات المتضررة، يصبح من الصعب تحقيق تنمية مستدامة. السياسات الاقتصادية التي تركز فقط على الربح دون مراعاة الاحتياجات الاجتماعية تساهم في تعميق الفوارق الاجتماعية، وتزيد من احتمالات حدوث الأزمات الاجتماعية.

في هذا السياق، يُطرح تساؤل حول مدى إمكانية تطبيق مبدأ الإنسانية وتحقيق العدالة في ظل غياب هذا الحوار البنّاء. بدون حوار فعّال، تبقى الحلول المقدمة جزئية ولا تعالج الأزمات من جذورها.

مستقبل الإنسانية على ضوء هذه الإخفاقات

إذا استمرت هذه الإخفاقات التي تضرب في عمق الدولة الاجتماعية وغياب الحوار بين الحكومة والأطراف الفاعلة في المجتمع، فإن مستقبل الإنسانية سيظل في خطر. عدم القدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية، وفشل السياسات الحكومية في توفير حياة كريمة للمواطنين، سيؤدي إلى مزيد من التدهور في مستويات الثقة بين المواطنين والحكومات، مما قد يدفع المجتمع نحو مزيد من الاحتقان والصراعات.

ولكي يكون لمفهوم الإنسانية مستقبل ملموس، يجب على الدول إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الحوار مع النقابات المهنية والمجتمع المدني. التنمية المستدامة يجب أن تكون هدفًا أساسيًا، ولا يمكن تحقيقها إلا من خلال مشاركة كل الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية. بدون هذه المشاركة، ستظل السياسات الحكومية عاجزة عن تلبية احتياجات المواطنين، وسيبقى الفشل في تحقيق مبدأ الإنسانية واقعًا مؤلمًا.

في النهاية، مستقبل الإنسانية يعتمد على قدرة الحكومات على معالجة هذه الإخفاقات من خلال إصلاحات جذرية في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة بناء الدولة الاجتماعية على أسس تضمن العدالة والكرامة للجميع، مع تعزيز الحوار البنّاء بين مختلف الأطراف.

ختامًا، يتطلب مستقبل الإنسانية في العالم، وفي المغرب على وجه الخصوص، تبني إصلاحات شاملة وجادة تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. من دون هذه الإصلاحات، ستظل الإنسانية مجرد فكرة طموحة بعيدة عن الواقع، ولن يتمكن المجتمع من التقدم نحو بناء مجتمع أكثر عدلاً وتضامناً.

الخطاب الحكومي الذي يروج لمفاهيم مثل الدولة الاجتماعية والحماية الاجتماعية لا يزال غير متطابق مع الواقع المعيش في المغرب. القطاعات الحيوية مثل الصحة، التعليم، السكن، والتشغيل تعاني من أزمات كبيرة، مما يشير إلى ضعف في التدبير الحكومي لهذه الملفات الاجتماعية. إذا كانت الحكومة تسعى حقًا لتجسيد الإنسانية في سياساتها، فإنها تحتاج إلى تغيير جذري في طريقة إدارة هذه القطاعات، وضمان أن تكون مصالح المواطنين في مقدمة الأولويات.

عضو اللجنة الوطنية للتحكيم والاخلاقيات بالحزب *

الكاتب : محمد السوعلي * - بتاريخ : 09/10/2024

التعليقات مغلقة.