«المبعوث» ديميستورا!

حمزة بنطاهر

ديميستورا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، يقترح في إطار مهمته تقسيم الصحراء بين المغرب والكيان الانفصالي كحل «مبدع» قد ينهي النزاع ويُنْجِحَ مهمته بعد فشل كل المساعي الأممية لنصف قرن !!
المقترح هو إقرار بالفشل المؤسساتي الدولي في حل النزاعات حول العالم، وما النزاع حول الصحراء إلى تكريس للفشل وعدم القدرة على التأثير في قرارات الأطراف المتعنتة – الجزائر -، بعدما طرح المغرب حلا متقدما جدا متمثلا في الحكم الذاتي، وهو أقصى مايمكن طرحه في إطار السيادة مع الحفاظ على إستقرار المنطقة عملا بمبدأ الكياسة بدل الرصاصة .
ما طرحه المبعوث الأممي يتماهى في جزء منه مع الرواية الجزائرية وربما « الرغبة «، بعدما استثمرت في النزاع على حساب نمائها وإزدهارها ورخاء أهلها، ومن غير المقبول أن تخرج خاوية الوفاض بعد الإقرار الدولي بشكل أغلبي بمصداقية الطرح المغربي وجديته لإنهاء النزاع، لذا فقد تجد في المقترح أرضية يمكن البناء عليها للتسويق الداخلي والخارجي وإبراز أن المقترح المغربي لم يعد واحدا أوحد، وأيضا تبنيه ولو ظهرت « البوليساريو» بشكل الممانع لكن فقط لجس النبض، هكذا أعتقد !
وإن بدا بأن المقترح يحقق شرط « البرغماتية « ستنتهز الجزائر الفرصة وتبني عليه بروباغندا إعلامية مضادة للطرح الوطني، وتحاول الظفر ببعض الأرض بدل كل الأرض، وهذا يغذي شعار « القوة الضاربة « ويشبع نهمها التوسعي ويحقق حلمها بالوصول إلى المحيط الأطلسي .
ما طرح أعلاه هو فرضيات واستقراء بعد عيش وإطلاع في النزاع، تفتقت بتفتق ذهن ديمستورا على حل بناه بصورة «ملائكية» وكأن الإشكال «عقاري» فقط، وباقتسام العقار تنتهي المحنة ويزول الكدر !
هنا نسائل الكفاءة الأممية المشتغلة على ملف النزاع، هل استحضرت وهي تقترح الحل، الأبعاد والروابط التاريخية، القبلية، السوسيولوجية، الجيوسياسية، الإقتصادية والعسكرية … أم أنها اعتبرت الصحراء أرضا موات ولا تستحق كل هذا الشذ والجذب وعقود الصراع، والحل هو الإقتسام وكفى المومنين شر القتال !!
في اعتقادي حتى أنهي ما بدأت، أن الجزائر اليوم مصممة أكثر من أي وقت مضى على الحرب وتنتظر الإشارة لبدأها، لأن شرعية واستمرار النظام فيها مبني منذ تأسيسها على فزاعة « العدو الخارجي «، وديميستورا بمقترحه يعطي أولى الإشارات خصوصا وأنه حدد مهلة 6 أشهر لتقديم استقالته من التكليف الأممي .
صحيح أنه ليس أول مبعوث أممي مكلف بالملف ينهي مهامه، لكنه قد يكون الأخير، خصوصا وأن لا رغبة للنظام الجزائري بالجلوس على طاولة الحوار مع المغرب، و « تأفف « الأمم المتحدة من طول النزاع، مع غياب أي مؤشر من المنتظم الدولي في صفوف الكبار للقيام بدور الوساطة وتقريب وجهات النظر، لإنشغالهم بملفات يعتبرونها تحظى بالراهنية والأولوية – الحرب في الشرق الأوسط / الحرب الروسية مع أوكرانيا والناتو / التمدد الصيني في شرق أسيا – .
أخيرا على المغاربة قبل المغرب أن يستعدوا، فالحرب لدى الجزائر قرار ولدينا مصير ..
لا غالب إلا الله

الكاتب : حمزة بنطاهر - بتاريخ : 22/10/2024