المغرب.. من الطموح إلى الريادة الإفريقية في الابتكار
إعداد : الحسين غوات
في عالم يتغير بخطى متسارعة تحت تأثير الثورة الرقمية والتحول التكنولوجي، تبرز الابتكارات والبحث العلمي كركيزة أساسية لتحقيق التنمية والسيادة الوطنية. وفي هذا السياق، جاء تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (OMPI) لسنة 2025 ليؤكد أن المغرب أصبح ضمن الدول الإفريقية الرائدة في مجال الابتكار، إلى جانب جزيرة موريشيوس وجنوب إفريقيا.هذا التصنيف ليس محض صدفة، بل هو ثمرة رؤية استراتيجية وطنية جعلت من الابتكار رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأحد أعمدة المغرب الجديد الذي يسعى إلى تعزيز مكانته قاريا ودوليا.رؤية ملكية واستراتيجية وطنيةمنذ سنوات، دعا جلالة الملك محمد السادس في أكثر من خطاب إلى ضرورة الاستثمار في العقول الشابة، وتحفيز الطاقات البحثية والريادية داخل الجامعات ومراكز التكوين، انسجاما مع التحولات العالمية في مجال الاقتصاد المعرفي والرقمنة.وقد تجسد ذلك في الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والابتكار، التي تهدف إلى ربط الجامعة بالمجال الاقتصادي والاجتماعي، وتشجيع الشركات الناشئة والمختبرات على تطوير حلول محلية لمشكلات وطنية.من البحث إلى الصناعة: خطوات واثقة نحو المستقبلخلال السنوات الأخيرة، شهد المغرب طفرة نوعية في مجالات الذكاء الاصطناعي، والطاقات المتجددة، والتكنولوجيا الزراعية، والصناعة .وأصبحت مراكز البحث المغربية شريكة أساسية في مشاريع دولية، كما برزت حاضنات المقاولات الناشئة في عدد من المدن الجامعية، خاصة في الدار البيضاء، ;والرباط، وطنجة، ومراكش.إلى جانب ذلك، ساهمت المنصات الرقمية والمبادرات الحكومية مثل «Startup Maroc» و»Maroc Innovation» في تسهيل التمويل والتشبيك بين الباحثين والمستثمرين، مما جعل المغرب بيئة جاذبة للإبداع وريادة الأعمال.ريادة إفريقية متصاعدةبحسب تقرير OMPI لسنة 2025، حافظت موريشيوس على موقعها الأول إفريقيا بفضل بيئتها القانونية المشجعة والاقتصاد الرقمي المتطور، بينما تقدم المغرب إلى المراتب الأولى بفضل استثماره في البحث والتطوير (R&D) والابتكار المستدام، في حين تظل جنوب إفريقيا ركيزة تكنولوجية أساسية في القارة.هذا الترتيب يعكس تحولا جوهريا في المشهد الإفريقي، حيث أصبحت الابتكارات الإفريقية نابعة من داخل القارة وليست مستوردة، والمغرب أحد أبرز النماذج في هذا الاتجاه.نحو مستقبل يبنيه الإبداعالابتكار لم يعد ترفا فكريا ولا مشروعا نخبويا، بل أصبح خيارا وطنيا واستراتيجيا لضمان مكانة المغرب في خريطة الاقتصاد العالمي.فمن خلال دعم البحث العلمي، وتشجيع الشباب المبدع، وربط الجامعة بالمقاولة، يرسم المغرب طريقه بثقة نحو مغرب الغد — مغرب يبدع، ينافس، ويقود.ما يحققه المغرب اليوم من إنجازات في ميدان الابتكار ليس سوى ثمرة وعي جماعي بأن مستقبل الشعوب يُبنى بالمعرفة والإبداع.فكما قال أحد الباحثين الشباب: «في المغرب، لم نعد نحلم فقط بالمستقبل… بل نصنعه بأيدينا.»
الكاتب : إعداد : الحسين غوات - بتاريخ : 14/11/2025