توحيد النظام السياسي ومستقبل الدولة الفلسطينية

 سري القدوة

لا يمكن توحيد النظام السياسي وإعادة تجسيد الوحدة الوطنية، بشكل طبيعي، دون نشر ثقافة الديمقراطية وممارسة الانتخابات واحترام حرية الرأي والتعبير بعيدا عن مصادرة الحقوق المدنية وممارسة حق الاقتراع، وتأتي الانتخابات حق طبيعي للمواطن لتعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني في صنع القرار الوطني المستقل والدفاع عن الحقوق التاريخية وحماية الموقف الفلسطيني، ومحصلة مهمة للجهد الوطني من أجل الوصول إلى الموقف الوطني الحاسم وضمن توجهات واضحة من أجل إنهاء حالة التشرذم وتوحيد مؤسسات الوطن وعودة قطاع غزة للشرعية لتتغلب في النهاية المصلحة الوطنية العليا وتتوحد الطاقات والإمكانيات من أجل الأهداف الوطنية بعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة وتغلب مصلحة الوطن على المشاريع الحزبية الضيقة .
لا بد من تحرك الفصائل الفلسطينية وتعزيز الجهود الوطنية المتكاملة لضمان إجراء الانتخابات وتعزيز الوعي والتجربة في ممارسة الحقوق المدنية، وأن هذا الأمر المهم بات يقع على عاتق الفصائل الفلسطينية مجتمعة ويجب منح المؤسسات المدنية دورها في حماية الحقوق الفلسطينية واحترام خيارات وتوجه المواطن ووقف سياسة السيطرة الضيقة والتعيينات من قبل الأطر السياسية والتي لا تلبي حاجة المجتمع الفلسطيني وحقوق الإنسان في اختيار من يمثله في الشؤون السياسية والحقوق المدنية العامة والانطلاق لتفعيل الحوار الوطني وبناء أوسع جبهة وطنية لحماية الشعب الفلسطيني والدفاع عن الثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها ضمان حق العودة وتقرير مصير الشعب الفلسطيني .
يتطلع أبناء الشعب الفلسطيني إلى أهمية ممارسة حقهم القانوني والشرعي في الترشح والإدلاء بأصواتهم عبر صناديق الانتخابات وأهمية إعادة إصدار المرسوم الرئاسي لتحديد موعد لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وإعادة توحيد النظام السياسي الفلسطيني ولا يمكن استمرار الاحتلال إلى ما دون نهاية وتفاقم المشكلات الداخلية الفلسطينية من انقسام وتفرقة وانهيار للنظم الفلسطينية دون العمل على إعادة صياغة المرحلة القادمة، ومن أبسط الحقوق والواجبات أهمية تفعيل المؤسسات الفلسطينية وصياغتها لتلبى احتياجات الواقع وأهمية العمل على تجاوز كل العقبات التي فرضتها سياسة الاحتلال القائمة على تهويد الضفة الغربية ومصادرة الحقوق الفلسطينية، وهذا يدفعنا إلى أهمية إعادة تفعيل الحياة السياسية والانطلاق للتأكيد على أهمية الانتخابات الفلسطينية لمواجهة متطلبات الواقع وضمان الممارسة الديمقراطية التي غيبها الاحتلال والانقسام لسنوات طويلة، ولا يمكن أن تستمر إلى أكثر من ذلك، وحان الوقت أن تتحمل الفصائل الفلسطينية مسؤولياتها في إعادة بناء النظام السياسي بما يخدم طموح الشعب الفلسطيني في تحقيق أمانيه وبناء دولته المستقلة والقدس عاصمتها.
مسؤولية توحيد النظام السياسي هي مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية بالدرجة الأولى، وبالتالي تقع هذه المسؤولية على عاتق الفصائل الفلسطينية مجتمعة، وخاصة تلك الفصائل التي هي خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية، فطبيعة المشهد الفلسطيني القائم حاليا يعكس الرغبة الحقيقية من قبل أبناء الشعب الفلسطيني في ممارسة العملية الانتخابية لتوحيد النظام السياسي ولا يمكن أن يكون هناك انتخابات ناجحة وتعبر عن إرادة الناخب في ظل وجود الانقسام والاحتلال القائم .
يجب العمل بشكل جماعي على استمرار الجهود الوطنية لضمان مشاركة كامل محافظات الوطن حتى لا يشوب العملية الانتخابية المشاكل ونأمل من ممارسة الضغط والمحاولة لضمان مشاركة قطاع غزة في الانتخابات الفلسطينية كمدخل أساسي لإنهاء الانقسام وتوحيد النظام السياسي الفلسطيني وتهيئة الأجواء الوطنية لإجراء انتخابات عامة تشريعية ورئاسية، في المستقبل القريب، وضمان مشاركة القدس في العمليات الانتخابية المتكاملة.
(*) رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب :  سري القدوة - بتاريخ : 18/06/2022

التعليقات مغلقة.