تِيمَتَان في سبيل التّنوير.. في التماسك الفكري والأخلاقي المُفترض

عبد الله راكز

 

1/ تيمة أولى:
إن المبدئية والتماسك الفكري والأخلاقي غدت أساسية في الصراع ضد التيارات السياسية التي تستغل الدين لأهداف أنانية ومختلفة، ولم يعد، بالتالي، من المقبول التلاعب بمشاعر المؤمنين، عبر انتهازية وانتقائية المواقف، وبعدم كشف الحقائق التاريخية والموضوعية عن التاريخ والواقع لهم، استخراجا لعلمانية شعبية كامنة صارعت كثيرا لوقف تقدم الهيمنة الدينية الإقطاعية الشاملة على كل شعرة من جلودهم.
إن تكوين البُنى الحديثة الديموقراطية صار هو الخط الاستراتيجي الذي يشكل العمود الفقري لتحالف علماني واسع النطاق، يستهدف وقف تقدم الشموليات الإرهابية الجديدة وهزيمتها.
إن وطنا كبيرا ينتظر جهودا جريئة وكبيرة لكي يطلع من مستنقع الدم المعد بقسوة، وإن نظرة عميقة، علمانية أصبحت ضرورة لإعادة تشكيل وعينا بالتاريخ وبالواقع المعاصر.
حدث ويحدث تباين وتداخل بين بنيتين متصارعتين مختلفتين هما:
أ-بنية تقليدية آفلة كلها، لها كل مفرداتها الاقتصادية والاجتماعية والإيديولوجية، التي لم تخترق إلا في جوانب معينة، وقد عبرت عن هذه البنية الأصوليات الدينية المختلفة؟؟
ب- ثم، كون البنية الاجتماعية راحت تتخلخل وتتساقط أجزاء منها، فإن مفرداتها الفكرية والسياسية راحت تتآكل هي الأخرى، بفعل تيارات التحديث المتتالية، التي تكونت كحلقات مرتبطة بنمو الجماعات وصراعاتها، وبتشكيل قاعدتها الاقتصادية غير الحاسمة.
2/ تيمة ثانية:
إن أشكال التلاحقات بين العصرين والبنيتين(الرأسمالية والإقطاعية ) غير المبدئية وغير ثقافية، قد عرّتها الأصولية بقوة شديدة مُركّزة على تهافتها، جاعلة من هذه المبدئية الارتدادية الظلامية قوة حماسية كبرى، ونشيدا عسكريا في المجالات المتذبذبة.
أما ارتباط النمو الرأسمالي الطفيلي بسيطرة الدولة الشمولية، أكانت وطنية أم تابعة، فقد أوقف التطور وعرقله بسبب الفساد وتحجيم الرأسمالية الصناعية وضرب الحريات المختلفة.
وعليه، فقد وجدت الجماعات الأصولية في هذا المناخ المحافظ والمأزوم رأسماليا وحداثيا، العاجز عن خلق الرأسمالية الحديثة مع ادعاء انتسابه إليها، القدرة على الإدعاء بأنها مؤهلة لإنقاذ « الأمة»؟؟.
*)هامش ضروري:
أ- جاء تصاعد دور بعض دول الخليج العربية، وإيران، عبر رأسمالية الدولة الغنية المحافظة، ليعزز الارتداد الماضوي، ثم وصلت الرأسماليات العربية الدولتية الهجينة إلى أزمة مستعصية مع بداية التسعينيات إلى الآن.
ب- لقد قاد الكفاح ضد الرأسمالية والحداثة إلى عُصاب فكري وسياسي، مع تشكل الحركات الأصولية، التي وضعت التركيبة القديمة المحافظة في مجابهة لا تقبل المساومة ضد التركيبة الحديثة، محوّلة المجابهة إلى حرب أهلية عربية حقيقية أو مضمرة .

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 19/12/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *