حول ظاهرة التسرب المدرسي

خليل البخاري (*)

مع نهاية كل موسم دراسي، تطفو على السطح ظاهرة التسرب المدرسي المزمن. تعاني من هذه الظاهرة عديد من مؤسساتنا التعليمية، اذ لا يخلو فصل دراسي من حدوث هذا التسرب. وتمثل ظاهرة التسرب المدرسي خطرا حقيقيا على  خطط التنمية خاصة التنمية البشرية. وتتسبب في الهدر المالي وفي الطاقات البشرية. وهو بذلك من بين أهم المشاكل التي تواجه العملية التربوية وتهدد مستقبل التلاميذ والتلميذات.
تتعدد أسباب التسرب المدرسي: كراهية التلميذ للمدرس والعقاب اليومي، القسوة والتفوه بكلمات نابية قدحية وغير لائقة اضافة إلى نقص تأهيل بعض المدرسين وضعف كفايتهم واستخدامهم لطرق تدريس تقليدية وغير جاذبة، وكذا ضعف قدرتهم على ربط المعلومات ببيئة التلاميذ وإغفال الفروق الفردية. كما أن المناهج الدراسية غير الملائمة لبيئة التلميذ وخلوها من عوامل الجذب والتشويق تؤدي إلى التسرب المدرسي. إضافة إلى أن الرسوب في الامتحانات المدرسية يؤدي الى التسرب المدرسي وذلك من خلال شعور التلميذ الراسب باليأس والاحباط وخيبة أمل، وهو ما يؤدي الى هروب التلميذ المتكرر من الحصص الدراسية. كما لا ننسى بأن بعض الإدارات المدرسية تفتقد لمسطرة تتبع الغياب المتكرر وغير المبرر، والوقوف على أسبابه بإشراك جمعيات أولياء التلاميذ والتلميذات وأولياء الأمور.
إن ضعف العلاقة والتواصل بين الأسرة والمدرسة يؤدي إلى التسرب المدرسي، إضافة إلى عدم مساعدة التلميذ في اختيار التخصص المناسب لقدراته وتمكينه من تجاوز العقبات الدراسية والأسرية .
ويعتبر الوضع المادي للأسرة سببا مؤديا الى التسرب المدرسي، حيث أن انخفاض المستوى المعيشي قد يدفع التلميذ الى ترك المدرسة والاتجاه  نحو سوق الشغل للتخفيف عن الأسرة ماديا. كما أن طبيعة العلاقات الأسرية لها أهمية في التسرب المدرسي، حيث تؤثر سيطرة المشاحنات على العلاقات الأسرية، سواء بين الوالدين أو بين الاخوة ، والتدليل الزائد للأبناء بشكل سلبي على التسرب المدرسي اضافة إلى النظرة الدونية وحالات الطلاق وتعدد الزوجات التي تنتج أسرا مفككة تشعر التلميذ بعدم الاستقرار في منزله وتؤثر في نفسيته وتؤدي الى تأخره الدراسي وبالتالي تسربه من الدراسة، دون أن نغفل ذكر رفاق السوء ودورهم الكبير في التأثير على أصدقائهم. وهناك أسباب أخرى مهمة تؤدي الى التسرب المدرسي  منها طول المنهج الدراسي، كثافة المقرر الدراسي وصعوبة بعض المواد الدراسية وعدم ارتباط المنهج ببيئة وواقع التلميذ وعدم تلبية احتياجاته ومراعاة ميوله اضافة إلى غياب المرشد النفسي بمؤسساتنا التعليمية وضعف إعداد وتأهيل خلايا الإنصات .
ولمواجهة ظاهرة التسرب المدرسي على المدرسين وأولياء الأمور مضاعفة الجهود وتقديم التضحيات لوقف التسرب المدرسي وتحسين طرق التدريس والتعلم والاستثمار في الأنشطة المندمجة واعتماد مناهج تربوية حديثة تستجيب للاحتياجات المعيشية للمتعلم. ويجب أن تكون مدارسنا جاذبة ومشوقة وديمقراطية تتبنى المقاربة التشاركية وتدمج التلاميذ عند اتخاذ القرارات الحاسمة بالمؤسسة التعليمية. كما يجب توفير اختصاصيين نفسانيين بمدارسنا باعتبارهم حجر الزاوية في تقويم أي تصرف يخرج عن المألوف ويخفف حالات التسرب من المدرسة.

باحث تربوي(*)

الكاتب : خليل البخاري (*) - بتاريخ : 23/06/2022

التعليقات مغلقة.