دور الدبلوماسية البرلمانية المغربية في معالجة النزاعات الدولية

عبد العالي الطاهري

 

ناقش مؤخرا الزميل الصحفي عبدالعالي الطاهري رسالته لنيل دبلوم الماجستير في القانون العام، تخصص « العمل البرلماني والصياغة التشريعية »، حول موضوع حديث على مستوى الطرح والتناول والمناقشة وذي راهنية وأهمية كبيرتين على المستويين الوطني والدولي، يتعلق الأمر برسالة علمية حول موضوع «دور الدبلوماسية البرلمانية المغربية في معالجة النزاعات الدولية..قضية الصحراء المغربية نموذجا»، وذلك برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء.
المناقشة العلمية لهذه الرسالة جرت تحت إشراف لجنة علمية مكونة من أساتذة من خامة الكبار والمشهود لهم بالكفاءة المهنية والأكاديمية والتمرس على مستوى تحليل الأحداث الوطنية والدولية، ارتباطا بتخصصات القانون العام (القانون الدستوري، العلاقات الدولية، العمل البرلماني، التشريع المالي….)، يتعلق الأمر بالسادة الأساتذة : الدكتور محمد زين الدين رئيسا ومشرفا والدكتور صالح النشاط عضوا والدكتور محمد المودن عضوا.
تناول الزميل عبدالعالي الطاهري، من خلال المبحث الأول لموضوع الرسالة، التأصيل المفاهيمي والعلمي والتطور التاريخي للدبلوماسية البرلمانية، وهو المبحث الذي ناقش من خلاله الباحث السياق التاريخي لنشأة مفهوم « الدبلوماسية البرلمانية » كآلية مفصلية على مستوى حل النزاعات وإدارة الصراعات، أيضاً كمظهر حضاري لتقريب وجهات النظر بين الدول والأمم والشعوب، علاوةً على أنها شكل من أشكال « الدبلوماسية الموازية » مكَّنت من منح إضافة قيمية نوعية لعمل الدبلوماسية الرسمية، صاحبة الاختصاص الحصري في ما يخص تدبير ومعالجة الملفات والقضايا ذات الامتداد والطبيعة الخارجية والدولية.
أما المبحث الثاني من موضوع هذه الرسالة، فقد جاء ليجيب عن جملة من التساؤلات المتعلقة ب « الإطار الدستوري والتنظيمي للدبلوماسية البرلمانية المغربية »، حيث تعتبر الدبلوماسية البرلمانية، في المملكة المغربية، إحدى الآليات الأساسية التي تلجأ إليها الدولة لمنح  دور أكثر فعالية للبرلمان في مجال السياسة الخارجية باعتبارها وسيلة مكملة للعمل الدبلوماسي الرسمي ومرافقة للنشاط الدبلوماسي الحكومي، وبالتالي يُنتظر منها أداء دور دولي فعال في معالجة القضايا الدولية واحتواء الأزمات.
ورغم أن جميع الدساتير المغربية لم تُشر مباشرة وبصريح النص إلى آلية « الدبلوماسية البرلمانية » في إطار مفهوم الدبلوماسية الموازية، منذ أول وثيقة دستورية شهدتها المملكة سنة 1962، مرورا بدساتير 1970 و1972 و1992 و1996، وصولاً إلى آخر دستور للمغرب والذي تمَّ إقراره والعمل به منذ سنة 2011، إلاَّ أنَّ تفصيل صلاحيات واختصاصات البرلمان، بما فيها الاختصاصات الدبلوماسية، جاء في مضامين ومقتضيات القانونين التنظيميين لمجلسَي البرلمان متى تعلق الأمر بنظام الثنائية البرلمانية أو القانون الداخلي لمجلس النواب خلال الفترات الدستورية التي عرف المغرب إلغاء هذا النظام البرلماني (الثنائية البرلمانية)، حيث ظلَّ البرلمان المغربي، وعلى مدار الدساتير الخمسة الأولى (1962، 1970، 1972، 1992 و1996)، يحمل صفة « المؤسسة التشريعية »، حتى تمَّ إقرار دستور 2011، لينتقل البرلمان من مجرد مؤسسة تشريعية إلى « سلطة تشريعية » كاملة الاختصاصات والصلاحيات، بل أصبح صاحب الاختصاص شبه الحصري، خاصة في الشق المتعلق بالتشريع، وهو ما أكَّد عليه الفصل 70 من الباب الرابع من الدستور الحالي.
أما المبحث الثالث، فقد طرح من خلاله الباحث عبدالعالي الطاهري محورا مفصليا داخل موضوع الرسالة، وهو المتعلق ب «  الدبلوماسية البرلمانية المغربية ..السياق الوطني والدولي لمعالجة قضية الصحراء المغربية »، وهو المبحث الذي جاء ليضع اليد على ميكانيزمات التدبير البرلماني في بعده الدبلوماسي الخارجي لقضية « الصحراء المغربية »، اعتمادا على جملة من الآليات، وفي مقدمتها الهيئات والمنظمات العربية والقارية والدولية التي يحظى البرلمان المغربي، بمجلسيه، بعضويتها، ونخص بالذكر هنا «الاتحاد البرلماني العربي » و« الاتحاد البرلماني الإفريقي » علاوة على العضوية الوازنة للمملكة المغربية في « الاتحاد البرلماني الدولي »، وكلها آليات برلمانية عربية وإفريقية ودولية، مكنت المغرب من تسويق خطاب دبلوماسي برلماني ساهم في الدفاع عن القضايا الكبرى للمملكة عبر الوسائل المؤسساتية، وما الزيارات التي قام بها ويقوم بها رئيسا مجلسي النواب والمستشارين المغربيين وأعضاء لجان الصداقة الثنائية من الطرف المغربي ومن مختلف الدول العربية والإفريقية والأسيوية و أمريكا الشمالية وكذا « اتحاد دول أمريكا الجنوبية » المكوَّن من اتحاد ميركوسور ومجموعة دول الأنديز، إلا تأكيد فعلي وإجرائي على الجهود التي قامت بها الدبلوماسية البرلمانية المغربية لتسويق الرؤية المغربية المدافعة عن ملف الوحدة الترابية للمملكة.
ويضيف الزميل عبدالعالي الطاهري «رغم التأكيد على الجهود الكبرى التي بذلها ويبذلها البرلمان المغربي في الشق الدبلوماسي، لكن لا يمكن القفز على العديد من الإكراهات والمعيقات، بل في أحيان عديدة التناقضات التي يعانيها المشهد الدبلوماسي البرلماني المغربي، ليس أقلَّها ولا آخرها عدم توفر العديد من البرلمانيين المشاركين في وفود ولقاءات تهُمُّ أعمال الدبلوماسية البرلمانية، على أدنى تكوين في القانون الدبلوماسي أو العلاقات الدولية أو القانون الدولي، ما يجعلنا أمام « زيارات سياحية » بصيغة دبلوماسية برلمانية، تنتفي معها الغاية من مفهوم الدبلوماسية الموازية كجهاز مكمل لأدوار الدبلوماسية الرسمية.
وأشار الباحث عبدالعالي الطاهري، إلى أنَّ «  المتتبع للشأن البرلماني المغربي، يلاحظ أن البرلمان المغربي بمجلسيه يمارس مجموعة من الأنشطة الدبلوماسية تتمثل أساسا في استقبال الوفود البرلمانية الأجنبية وإيفاد البعثات بكيفية مستمرة إلى الخارج وذلك للمشاركة في الهيئات البرلمانية الدولية أو المشاركة في الاجتماعات الثنائية في إطار مجموعة الصداقة البرلمانية، وعليه فكل هذه الأنشطة يُنتظر منها الارتقاء بالعلاقات الخارجية للمغرب وتسويق صورته وتوظيف العمل الدبلوماسي للبرلمان في الدفاع عن المصالح الحيوية للمغرب وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية الوطنية، لكن ما يلاحظ أنه بالرغم من هذه الأنشطة، فإن الدبلوماسية البرلمانية المغربية لاتزال ظرفية ومناسباتية وتفتقد إلى النجاعة المطلوبة من حيث تأثيرها في القرار الخارجي ».
جدير بالذكر، أن الباحث والزميل الصحفي عبدالعالي الطاهري، حاصل على دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في الإعلام والاتصال، وعلى الإجازة في القانون الخاص بالفرنسية، وحصل الآن على دبلوم الماستر في العمل البرلماني والصياغة التشريعية، ويشغل مهام مدير المؤسسة الإعلامية « الأصداء سوميديا » للإعلام ووسائط الاتصال، ومدير مكتب المغرب للمؤسسة الإعلامية الدولية « المدائن بوست » (مقرها الرئيسي بالعاصمة الألمانية برلين)، علاوة على كونه مدير البرنامج الوطني « الإعلام الإيكولوجي Ecologie Média ».

الكاتب : عبد العالي الطاهري - بتاريخ : 07/08/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *