شاعر فلسطين الكبير محمود درويش وعبقرية الفكرة

بقلم: سري القدوة

رمزية محمود درويش كشاعر فلسطيني لم تتعد عبقريته وسلاسة كلماته النابعة من القلب فحسب بل إنها عبرت عن مكنون الرواية والحكاية الفلسطينية التي امتدت عبر الأجيال لتشكل نموذجا فريدا وتراثا فكريا وثقافيا هاما تركه لنا الشاعر الكبير محمود درويش ليعبر عن عبقرية الفكرة وزمانية الأبعاد وليرصد محورية الأهداف ومضامين الواقع الفلسطيني عبر فكره وتراثه الأدبي والثوري الذي سيمتد عبر الأجيال الفلسطينية القادمة.
إننا، وفي ذكرى رحيل محمود درويش، نطرح قضية هامة وهي دور المثقف والإعلامي العربي في المساهمة بنقل ما يدور من أحداث بعين واعدة وناقدة حيث نرى تراجعا ملموسا في القدرة على مواكبة الأحداث والخوض في مضامينها من قبل جمهور المثقفين والإعلاميين وتبقى الحاجة ملحة إلى ضرورة رفع القيود عن الفكر الإنساني وترك مجال الإبداع وعدم محاربة أي انتاج فكري من قبل وسائل الإعلام العربية والعالمية مع أهمية التأكيد على حرية الإنتاج الفكري والإبداع من قبل مؤسسات الرقابة والتشريع في مختلف دول العالم فلا فكر حر ولا إبداع ولا مساهمة في تطور الواقع والتعبير الحقيقي في ظل استمرار قوانين الرقابة والملاحقة والحد من حرية الكلمة والمساهمة الفاعلة في التعبير عن الواقع وملامسة مشاكل الإنسان من خلال مكوناته الاجتماعية والثقافية وضرورة إطلاق وإعادة إنتاج الرواية التي تجسد التعبير المطلق للإنسانية في مجالاتها المختلفة ومساهمتها في تحسس الظروف المعيشية من أجل دور أكبر للمثقفين والإعلاميين في واقعنا وظروفنا التي نعيشها وخاصة في ظل التطور الهائل في المجال التقني والاتصالات وسرعة النشر واتساع قاعدة المعلومات على المستوى الدولي.
إننا برحيل شاعرنا الكبير محمود درويش قد افتقدنا فراغا أدبيا وفكريا من الصعب أن يملأ في السنوات القريبة المقبلة حيث تمكن الشاعر درويش من كسر كل الحواجز واجتياز المسافات وليطلق العنان لقصائده لتصل إلى كل العالم، وما أحوجنا إلى هذا الدور وخاصة في ظل هذه الظروف المعقدة التي نمر بها وتكالب كل القوى واشتداد المؤامرات للنيل من الشعب الفلسطيني واستمرار العدوان ومصادرة حقوقه التاريخية.
لقد ترك لنا شاعرنا الكبير وللأجيال القادمة ثروة تراثية فكرية وثقافية متعددة المجالات ما زالت دور النشر تتسابق على طباعتها في مجموعات كاملة أو منفردة، وترجمت أعماله إلى 39 لغة حية وما زالت تترجم إلى عدد من اللغات الأخرى، وتشكل تراثا فكريا وإرثا هاما بالنسبة لنضال الشعب الفلسطيني، ومن ـهم ما تركه لنا شاعرنا الكبير هو وثيقة إعلان استقلال دولة فلسطين التي قام بصياغتها لتشكل محورية مهمة للنضال الوطني الفلسطيني ولتكون النبراس الذي يسترشد منه الأجيال خلال مرحلة التحرر الوطني وهدفا ساميا للشعب الفلسطيني والذي يؤكد على أهمية الاستمرار في النضال حتى قيام الدولة الفلسطينية.
إن محمود درويش هو تاريخ سياسي ووطني جامع عبر عن مضمون وأصل الحكاية الفلسطينية سيبقى تاريخه يعيش معنا وسيمتد لتتوارثه الأجيال ليكون نبراسا تسترشد منه على طريق النضال فهو حمل هموم الشعب الفلسطيني مجسدا النكبة والاستقلال في قصائده وشعره ورمزيته الوطنية فعهدا للشاعر الكبير أن نبقى على عهده وخطواته من أجل الاستمرار في رسالته التي حملها منذ طفولته وأن نجسد فلسطين العظيمة والكبيرة في مضامين رسالتنا الإعلامية الهادفة من أجل شعب فلسطين وقضيته العادلة وكفاحه الوطني ضد قوى الظلم والاستبداد والاحتلال والتخلف الفكري والرجعية المقيتة.

الكاتب : بقلم: سري القدوة - بتاريخ : 12/08/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *