شراكة استفزازية
حمادة فراعنة
بمشاركة المبعوث جرينبلات والسفير فريدمان، باحتفال فتح النفق في بلدة سلوان المقدسية، تؤكد الولايات المتحدة أن مصالح الشعب الفلسطيني لا تعنيها ولا حقوقه ولا تراثه ولا مشاعره، وأنها لا تتوقف عند أي مظهر من مظاهر استفزاز مسلمي الأرض عبر المس بمقدساتهم والسكوت والرضا على تهويدها وأسرلتها بما يتفق وبرنامج المستعمرة وسياساتها التوسعية في القدس، وتتم هذه المشاركة استجابة لاستخراج تاريخ وتزويره وعصرنته رغم أن بعض علماء أثار إسرائيليين لم يؤيدوا ولم يوافقوا على أفعال المستوطنين بهذا التزوير وتحميله ما لا يحتمل من تضليل تاريخي وتشويه متعمد لتغطية مشاريعهم الاستعمارية على أرض فلسطين .
الولايات المتحدة تنظر بعين واحدة مأخوذة ومسخرة لخدمة حكومة المستعمرة كما يقودها التحالف الثلاثي المكون من أجنحة : اليمين، واليمين المتطرف، والمتدينين اليهود المتشددين، وبما ينسجم ويتفق مع التحالف الثلاثي الذي يقود إدارة الرئيس ترامب :
1 – التيار اليميني العنصري المحافظ الذي يمثله الرئيس نفسه، ولا يرى مصلحة للولايات المتحدة سوى تحقيق النفوذ والأرباح التجارية ولا تعنيه ورقة التوت الخافية للسياسة الأميركية من خلال الحديث عن قيم الولايات المتحدة حول حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير المصير التي تحدث عنها الرؤساء المؤسسون، فيتعمد الرئيس ترامب إلى إزاحتها لأن جشع الثراء طاغ على ما عداه من قيم موروثة.
2 – التيار المسيحي الإنجيلي المتصهين الذي يؤمن بأساطير التوراة الخرافية والتي يمثلها نائب الرئيس مايك بنس .
3 – التيار اليهودي الصهيوني الذي يمثله الثلاثي المتنفذ : كوشنير وجرينبلات وفريدمان .
سياسة ترامب وفق هذه المنظومة السياسية تسير بعدة مسارب بما يتفق مع السياسة الاستباقية والتنفيذية التي يرسمها نتنياهو، ويتم تنفيذها بحذافيرها بالتناغم بين إدارتي ترامب ونتنياهو، وعبر خطوات تدريجية منسقة ومتسارعة تسابق الزمن، وكأنها فرصة لن تُعوض :
أولاً : توظيف سياسة إيران وامتداداتها الإقليمية وإظهارها على أنها العدو الوحيد المشترك للعرب وللإسرائيليين، وهو ما تم إشاعته وإبرازه من خلال مؤتمر القمة الإسلامية الأميركية يوم 22 أيار 2017، ومؤتمر وارسو يوم 13 شباط 2019، وكان هذا أكثر شمولاً واتساعاً من حيث عدد الدول التي شاركت فيه حوالي 70 دولة، بينما القمة اقتصر حضورها على 54 دولة إسلامية مع الولايات المتحدة بحضور ترامب نفسه .
ثانياً : العمل على تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية كما حصل في مؤتمر وارسو بحضور نتنياهو شخصياً ووزراء خارجية بلدان عربية وإسلامية، ومؤتمر المنامة الاقتصادي .
ثالثاً : القفز عن احتلال الإسرائيليين لأراضي ثلاث بلدان عربية فلسطين وسوريا ولبنان، والتطاول على مقدسات المسلمين والمسيحيين في القدس وسائر الأراضي المحتلة، وكأنه حدث عابر لا قيمة له ولا تأثير .
رابعاً : شطب قضايا القدس واللاجئين والاستيطان والحدود، من جدول الاهتمامات ومسحها عن طاولة مفاوضات محتملة، والإقرار بالرؤية الإسرائيلية في التعامل مع هذه القضايا، وقد بدأت الخطوة الأولى يوم 6 / 12 / 2017 ، وإستمرت مع سلسلة إجراءات سياسية ومالية لترسيخ ما حققته المستعمرة من إنجازات بدءاً من احتلالها 78 بالمائة من خارطة فلسطين عام 1948، ومروراً باحتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967، وها هي تقفز إلى الخطوة الثالثة لبلع ما فرضت قوتها عليه بشأن القدس والاستيطان والحدود لتصل إلى محاولة شطب حقوق أكثر من ستة ملايين فلسطيني يعيشون في بلاد المنافي والتشريد واللجوء .
حضور جرينبلات وفريدمان واقعة فتح النفق الممتد إلى أسفل بلدة القدس القديمة والمسجد الأقصى طغيان لا يحتمل من قبل إدارة الرئيس ترامب، ليس فقط لأنها تتعارض مع قرارات الشرعية الدولية ولكنها تتجاوز سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ سنة 1967 .
الكاتب : حمادة فراعنة - بتاريخ : 04/07/2019