على بنكيران وأصحابه أن يستحيوا قليلا

 عبد السلام المساوي 

 

 

خرجت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية تحث المغاربة على « الرجوع إلى الله وأخذ الاعتبار من كارثة زلزال الحوز، وهذا مقطع من بلاغ «البيجيدي»: « لذا من واجبنا أن نعتبر وأن ندعو إلى الاعتبار مما وقع استحضارا لقوله تعالى « وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون «، والذي يردده المسلمون كلما حلت بهم مصيبة، وعلينا أن ننتبه إلى أن من معاني « الرجوع إلى الله « ما يفيد أننا مبتعدون عنه في أمور معينة، وعليه يجب علينا أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى كي يضمد جراحنا ويعوضنا عن مصيبتنا خيرا، ولكن يجب كذلك أن نراجع كذلك كي نرجع إلى الله لأن كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار، والصواب هو أن نراجع كأمة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا ليس فقط بالمعنى الفردي ولكن بمعناها العام السياسي، لأن السؤال المطروح ليس فقط عن المخالفات الفردية وإنما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها .»
خلف هذا الخطاب الدعوي، الذي يختبئ وراء الحمولة الدينية، ينسى هذا الفاعل أنه حزب سياسي كان على رأس السلطة لمدة عشر سنوات، وهو من عليه أن يرجع إلى الله، قبل غيره، وأن يأخذ العبرة من التهاون والفشل الذي جعل عالمنا القروي بدون طرقات وبدون بنية تحتية، وبدون كهرباء، وبيوت آيلة للسقوط وبدون بنية للسائل والتطهير وبدون أدنى شروط العيش الكريم .
ينسى حزب العدالة والتنمية أن وزراء الحزب دبروا لما يناهز عشر سنوات وزارة التجهيز والنقل، بدون أن تصل الطرقات المعبدة إلى عشرات بل المئات من الدواوير في الحوز وتارودانت وغيرها من المناطق التي نجت من الزلزال، ويكفي أن نرى ما تبثه القنوات العمومية والعالمية من صور وفيديوهات لمناطق منكوبة يستحيي المرء أن يقول إنها تنتمي لبلدنا .
ينسى حزب العدالة والتنمية في غمرة حماسه، أنه كان يملك رئاسة الحكومة لعشر سنوات لم يسبق لأي حزب أن قضاها، كانت كافية لإعادة بناء عشرات الآلاف من المساكن المبنية بشكل بدائي في العالم القروي، والتي خلفت اليوم آلاف الضحايا بعد سقوطها على أصحابها .
ليس المغاربة من عليهم الاعتبار، فذلك قدر الله وقضاؤه الذي لا راد له، بل حزب العدالة والتنمية ورئيسه بنكيران ووزراؤه من عليهم الاعتبار وطلب العفو من الله والمغاربة، مما صنعت أيديهم من كوارث جعلت المواطن الفقير في المغرب العميق أكبر ضحية، فيما يعيش بنكيران ووزراء العدالة والتنمية في بحبوحة من العيش .
في الحقيقة، فإن آخر من يمكنه التعليق على تداعيات زلزال الحوز هو من كان في السلطة ردحا من الزمن دون أن ينقذ العالم القروي من العزلة والتهميش واللاتنمية،  فلو كانت لدينا طرق معبدة وكهربة تنير الدواوير وماء صالح للشرب ومجار للتطهير لكانت تداعيات الزلزال أخف ولاستطاعت فرق الإنقاذ والمتطوعون الوصول إلى الدواوير المتضررة في حينه .
لكن لا شيء من ذلك تحقق في حكومة العدالة والتنمية، لذلك على بنكيران وأصحابه الذين دبروا الشأن العام أن يلزموا الصمت ويرجعوا إلى الله، ويستحيوا قليلا مما فعلت أيديهم بنصف المغرب الذي جاء قدر الله، رغم شدته، ليذكرنا بمعاناة المغرب العميق، ولعلها ضارة نافعة أن تتحول هاته الكارثة الإنسانية التي آلمت بأهالينا في المداشر والدواوير إلى نقطة تحول حقيقية تضمن كرامة المواطن القروي بعد زمن من الاستغلال السياسي وفشل السياسات المجالية .

الكاتب :  عبد السلام المساوي  - بتاريخ : 27/09/2023

التعليقات مغلقة.