فلسطين في القلب المغربي… لا نملّ التضامن لأننا فلسطين

n عبد الإله طلوع (*)
منذ عقود بعيدة، والمغرب، دولة وشعبا، لا يملّ من رفع راية التضامن مع فلسطين، لا يفتر له حماس، ولا يخفت له صوت، ولا يغيب عن الوجدان ما يحدث هناك، في الأرض المقدسة التي سالت فيها دماء الشهداء، وتشققت فيها صرخات الأمهات الثكالى.
التضامن المغربي مع فلسطين ليس موسميًا ولا مشروطًا. هو تضامن راسخ، عميق، متجذر في الضمير الجمعي. من الأزقة الشعبية إلى مدرجات الملاعب، من المدارس إلى المساجد، من قلوب الفقراء قبل الأغنياء، من الشمال إلى الجنوب… فلسطين تسكننا، نحن لا نتضامن معها، نحن فلسطين.
يقول شاعر من وجدان هذا الشعب:
لسنا نؤيدكِ بالكلامِ العابرِ
بل نحن قلبكِ في الدروبِ السافرِ
نمشي على جُرحِكِ ولا نتألمُ
لأننا فيكِ، وفيكِ نحتمي ونسافرِ
هذا الشعب المغربي لم يتعب، لم ييأس، لم يساوم. خرج بالآلاف ولا يزال، يصرخ للحق، يرفض الظلم، يؤمن بأن القضية الفلسطينية ليست فقط قضية العرب، بل قضية الإنسانية كلها. ويكفي أن نرى كيف تتزين الملاعب بأعلام فلسطين، وكيف تتغنى الجماهير باسمها، كي ندرك أن التضامن هنا لا يُعلّم، بل يُولد مع الطفل في المهد.
والفلسطينيون أذكياء. يعرفون من يقف معهم بصدق، ومن يتاجر بآلامهم. يعرفون المغرب جيدًا، كما يعرفون نبضه. يدركون أن التضامن المغربي ليس للاستهلاك الإعلامي، بل فعل مستمر، نابع من صميم القيم الإنسانية والدينية والوطنية.
أما الدولة المغربية، فقد برهنت – بفضل قيادتها – على أن الدعم لا يكون فقط بالشعارات، بل بالفعل: مساعدات إنسانية، مشاريع ميدانية، حضور دائم عبر بيت مال القدس، والمبادرات الدبلوماسية الداعية للسلام العادل، والرافضة لكل مظاهر الإبادة والعنف والتطرف.
لا أحد يمكنه أن يزايد على المغرب في حب فلسطين، لا أحد يملك أن يعطي المغاربة دروسًا في التضامن، فحين تخبو الأصوات في العالم، يبقى الصوت المغربي عاليًا، نقيًا، حرًا.
نحن لا نهتف لفلسطين من باب المساندة فحسب، بل لأننا نحس أن ما يجري هناك يجري فينا. حين تسقط قنبلة على غزة، كأنها تسقط على قلب كل مغربي. حين يُحاصر طفل فلسطيني، كأن الأمل يحاصرنا جميعا.
فلسطين ليست بلدًا هناك بعيد
بل هي نبضُ الروح حين نُريد
هي صلاتُنا، هي قِبلتُنا، هي دعاؤنا
وفيها دعاء الأم لا يُحيد
في زمن المزايدات والشعارات الفارغة، يبقى المغرب الاستثناء الحقيقي: دولة تحب السلام، وشعب لا ينسى القضايا العادلة، وقيادة تجمع بين الحكمة والوضوح، والجرأة في نصرة الحق.
في الختام، فلسطين ليست عبئًا على ضمير المغاربة، بل جزء لا يتجزأ من هويتهم. من ينكر ذلك، فليقرأ التاريخ، ولينظر إلى الحاضر، ولينتظر المستقبل. فالمغرب كان وسيبقى، منارةً للكرامة، وشعبه سندًا لا ينكسر.
(*) دكتور في القانون العام
والعلوم السياسية
الكاتب : n عبد الإله طلوع (*) - بتاريخ : 12/04/2025