في الإستبداد وغلوائه؟ تروتسكي العرب: الكواكبي؟؟

عبد الله راكز

1/ عندما تَغْفل الأمة
عن حكومتها:

يستدل الكواكبي، وهو صاحب رؤية إسلامية مميزة(= طبائع الاستبداد)، على الحكومات المستبدة من ملاحظة غلوائها في مظاهر فارغة، كعظمة الاحتفالات ومراسيم التشريفات وتفخيم الملوك وفخامة القصور وعلائم الأبهة التي تحاول بها التعويض عما ينقصها من الحكمة في إدارة شؤون البلاد، ومن خطرها استخدام كلمات مثل: سيدي وعبدكم والمولى المقدس…إلخ.
ويرى الكواكبي أن الحكومات التي تَغْفل عنها الأمة تنقلب إلى مستبدة معتمدة على الجهل والجنود والأثرياء والممالقين والمتعممين. وإذن،عندما توجد حكومة ما، حتى وإن كانت جيدة، علينا أن نحتفظ بمراقبتها حتى نمنعها من غيّ نفسها، وحتى لاتنقلب إلى مستبدة.
حسب مونتيسكيو فإن « بالسلطة مفسدة». ومن أهم دعائم الاستبداد عند الكواكبي أن الناس هم أسرى أنفسهم « كما تكونوا يولى عليكم». وهكذا فإن المُسْتبدّ بهم يساعدون من يستبدون بهم على ظلمهم، لأنهم يخنعون ويسكتون.
أما عن علاقة الاستبداد في الميادين الأخرى، فالكواكبي يرى أن الاستبداد يفسد كل ما له علاقة به، إنه يُفسد الدين ويحرفه، وقد لاحظنا كيف تحرفت تفسيرات الآيات القرآنية في زمن الاستبداد الحميدي بما يناسب المولى المقدس الذي لم يكن ينشئ المساجد لو لم يُلزم الخطباء بالتمجيد به والجهر باسمه.
من هذا كله نرى التالي:
لابد من مواجهة الاستبداد، ولعل ذلك يبدأ بإصلاح الدين أولا، وإصلاح بعض المفردات التي تقع تحت قائمة الاستبداد، لنصل إلى الخلاص من الاستبداد وتغييره. وفي المحصلة، ما علاقة تروتسكي بالكواكبي؟؟ هل هي مكافحته هو الآخر للاستبداد (الستاليني)، واجتثات أصوله في التجربة السوفييتية؟؟.
2/ الستالينية كخيار سياسي:
من الواضح أن بعض جذور الستالينية كخيار سياسي ترسّخت قبل بروز شريحة حاكمة ما لبثت في ما بعد أن وظفتها في سبيل حماية مصالحها وامتيازاتها الاقتصادية وتوسيعها وإعادة إنتاجها على حساب الدائرة العمالية التابعة لها (أليس الحزب هنا ممثلا لها وناطقا باسمها؟؟)، بكلمات أخرى أكثر وضوحا، كان أساس الفصل الهيكلي البنيوي بين الاشتراكية والديموقراطية في كل من الحزب(وهو الحاكم) والمجتمع على حد سواء قد تم إرساؤه في ممارسات ايديولوجية بحثة سبقت عملية ظهور شريحة ذات امتيازات اقتصادية.
سرد هذه التوطئة، هو توصيف بعض ممارسات تروتسكي، في النظرية والبراكسيس، الشبيهة بممارسات الكواكبي في وصف الاستبداد، مسوغاته وتداعياته أيضا. الأول ضد النظام العربي والدولة العربية الاستبدادية، والثاني ضد استبدادية الحزب الحاكم ومشتقاته في بلد الاشتراكية الأول؟؟؟.
كان ليون تروتسكي أحد « المعارضين « الذين صبوا كمية هائلة من الماء في طاحونة الستالينية. وذلك من خلال تحويل النقابات العمالية إلى ماهو أكثر من الأجهزة الحكومية. غير أنه وبعد مدة من المعايشة(يجب أن لاننسى أنه من مؤسسي الثورة البلشفية؟) أصدر أطروحة حول تعرض «الجماهير» للإفساد من قبل النظام الحاكم الستاليني. قادته إلى مفهوم يقوم على استبدال ديكتاتورية الحزب بديكتاتورية الطبقة مع الإصديكتاتورية . المجالس لم تصبح ممكنة إلا عن طريق ديكتاتورية الحزب «؟ ومن تم فإن من حق العمال أن ينتخبوا ممثلين يكونون فوق الحزب، في تفادٍ للتأليه الصنمي للمبادئ الديموقراطية كما أجرأته قيادة الحزب الديكتاتورية/الاستبدادية. المراد من هذا طبعا هو تبيان التالي:
ليست الجذور الذاتية و»الإرادوية» للستالينية بطبيعة الحال، إلا جانبا من الصورة. غير أنها في ما يخص التنظيم السياسي الاشتراكي ذات أهمية خاصة. من الحيوي حيوية مطلقة(في إطار المقاربة الجارية ) خلق آليات من شأنها أن تؤسس بشكل فعال (قبل الإدعاء بمحاربة الاستبداد) للديموقراطية داخل الحزب/الزاوية، وتمنع في ذات السياق، ظهور الشخصيات القوية المعبودة أو المجموعات القيادية التي تمارس الديكتاتورية على الحزب وتنشره وبالا على المجتمع.

*/ ملحوظة أساسية : إن الذي ذكرناه. وبالخصوص منه، حول تجربتي كل من تروتسكي والكواكبي، لم يحدث من فراغ ثقافي/فكري، كما لا يمكن تفسيره بالعوامل الذاتية وحدها. فالعديد من الممارسات اللاديموقراطية/الاستبدادية نبتت في حضن فترات العمل السرية وخلال مراحل استثنائية تكون زاخرة بالفوضى المرافقة للثورة المضادة، إلا أن جل الاستثناءات كثيرا ما تتحول إلى قاعدة ثابتة. ( =الحالة الآن بالعالم العربي).

 

 

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 03/03/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *