في ذكرى وفاة عبد الناصر سؤال الفهم القومي؟

عبد الله راكز

 

في عمق الذكرى:

تُوفي جمال عبد الناصر يوم 28 شتنبر من العام 67 .بسكتة قلبية بعد انتهاء مؤتمر للجامعة العربية انعقد في نفس السنة. ما أثير حول تجربة هذا الزعيم العربي بمعية رفاقه من الضباط الأحرار، بدءا من تاريخ اجتراح التجربة(تجربة ثورة 23 يوليو) من نقاشات ومقاربات أنعشت لفترة المجال السياسي العربي،بل وحدّدت بالأحرى طبيعة المحاولات السياسية/الفكرية الرامية تقويم تجربة العمل السياسي العربي ومنه القومي بالتخصيص. يستحق أكثر من وقفة.
وعليه، فلقد شكّلت التجربة أياها(=الناصرية) وبعد انحسارها العام 70بوفاة زعيمها وقائدها. منطلقا أساسيا(لدى أي متتبع أو دارس) في تقويم تجربة العمل السياسي العربي ومنه القومي بالتخصيص، والسبب في ذلك في اعتقادنا هو التالي: لايجد المُتتبع أدنى صعوبة في أن يُدرك أن ماكان مقصودا ولايزال،بتقويم تجربة العمل السياسي العربي ومنه القومي بالتخصيص،لهو التجربة الناصرية في المقام الأول،وذلك لمبرّرين اثنين هما التالي:
أ- إن إن ما توفر لهذه التجربة في ظروف قيامها التاريخية من عناصر الدعم الوطني- الشعبي وكذا القومي، خصوصا في الفترات التي تلت العام 56 (وهو عام العدوان الثلاثي) وكانت قاعدته وأساسه،ذلك العدد من الإنجازات الوطنية/القومية المعروفة التي أتت العام 61 كتتويج ضخم للمعارك الغير قليلة العدد التي خاضتها هذه التجربة ضد مراكز قوى الإستعمار الجديد بالمنطقة(وهي إنجازات التطبيق الإشتراكي بالتحديد ).
ب- تلك الشعبية وذلك الإحترام الهائلان اللذان حظيت بهما التجربة الناصرية.وكانا أصلا امتدادين للشعبية والإحترام اللذين حظيت بهما شخصية عبد الناصر الكاريزمية . وهو قائدها،وهذا في معنى آخر.
في البحث
عن شرعية أخرى:

لعله من الأفيد وبناء على ماسلف القول التالي: إنه إذا كانت الظروف الخاصة والعامة،التي أطرت التجربة الناصرية في أعقاب نكسة العام 67 .بما أحدثته من انتكاس في الطموح القومي وما يُشبه الإحباط في المشاعر قد شكلت في واقع الأمر(على هذا النحو أو ذاك) تربة خصبة لانتعاش هذه وتلك من شبيه المراجعات السياسية المذكورة ومنحتها بعضا من الشرعية في ذلك(خصوصا منها المراجعات ذات النّزوع اليساري).اعتبارا للإنتكاس الذي أصاب الأغلب الأعم من المثقفين والمفكرين ورجالات العمل السياسي العربي ومنه القومي،الذين ارتبطوا أو ساندوا هذه التجربة(=الناصرية) من هذا المنطلق أو ذاك وتغدت طموحاتهم بإنجازاتها وطموحاتها هي ذاتها….فإنها شكلت على نحو ما أكثر من سبب ودافع لتجديد العديد من فصائل حركات التحرر العربي: بتبنّيها نظريا الإشتراكية وممارسة بتبني أساليب عمل بدت فيما بعد أكثر واقعية.
كانت هذه مراجعات اليسار(لديها صدقية كيف ما كان الحال) أحزابا ومنظمات. مراجعات طُبعت بتبخيس التجربة والتقليل من حجمها في ظروف عالمية خاصة(=ظرف مكافحة الإستعمار). غير أنها نسيت أو تجاهلت أن هذه التجربة شكلت من دون ريب مشتلا لقيام وظهور حركات سياسية جديدة بجل أقطار العالم العربي،قطريا وقوميا،كواقع جديد أصبح مشروطا بشروط واقع مابعد الهزيمة بعامة. نشدت الشرعية في غياب الديموقراطية،كمسلك وأفق عمل.

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 06/10/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *