في نقض شعار «تاريخنا لايتنافى مع إرادة التقدم؟؟»

عبد الله راكز

1/في البدء: تأييد وتحذير:

في حوار مع المفكر الماركسي أنور عبد الملك بجريدة النهار الدولي(15/1/79) يقول التالي:» المد الإسلامي هو في واقع الأمر التّعبير الفكري الشامل لرفض الأمة العربية شعوبا ودولا أن تصبح ولاية لحروب صليبية جديدة هي اليوم حروب الدولة الصهيونية ومن ورائها الغرب الاستعماري «، ثم يسترسل قائلا «والحركة التاريخية العملاقة التي يقودها الخميني باسم الإسلام السياسي الشيعي في الدائرة الثانية من الحضارة الشرقية…».
من الواضح أن ما ميّز طرح أنور عبد الملك واتجاهه على الأعم هو التّعميم الشديد الذي يَفْتقد تحديد هوية هذا الإسلام السياسي. ما نجده هو تناول عاطفي للقضية لا أكثر ودون حل لمعضلاتها. لماذا؟؟لأن العلاقة بين ثقافة متجذرة بعمق في بنية الإسلام بصفة عامة والسياسي منه بالتّخصيص وبين واقع معاصر مُلحّ، مغاير بكل قوانينه المَرْعية لتدابيرها غير المرعية، هي علاقة خلل غير مطروحة البتّة، لكن يتمّ تجاوزها ببساطة مُملة تحت شعار «تاريخنا لايتنافى مع إرادة التقدم ؟؟؟».
غير أن التاريخ هو ذاته ليس شيئا مطلقا يعمم على كل اللحظات والفترات، لأن لكل فترة تاريخية ظروفها الاجتماعية والمادية حتى الأيديولوجية.
لكن، وبنفس المنطق هذا وبدون اهتبال، سنقول إن تاريخنا هذا هو تاريخ الإنسان العربي الذي هو في أغلب فتراته تاريخ قمعه ومُعاملته كرعية.

2/ في إتلاف أفق ثقافي/إيديولوجي غير مُجْد:

تخوفنا مما سبق منبعه ومردّه التالي:
أ-إن التجمعات الدينية تربّت في كنف السلطة، وهي بالتالي مُفتقدة للرؤية الوطنية … فالأرضية الدينية (مثلا) بمصر السّنية، تربّت في كنف السلطة، والثورة الإيرانية بكل زخمها إبان فورتها كان في خلفية دعمها مجموع القوى الوطنية والتقدمية بمصر وغيرها من البلدان العربية، غير أن هذا الاتجاه الآن يُعبّر عن مخاوف حقيقية ودهشة من أن تُصبح إيران مصدرا لتصاعد حركات الجماعات الدينية المُفتقدة لبرامج اجتماعية واضحة أو رؤى مستنيرة للإسلام (هذا حال تونس الآن، ولبنان البارحة واليوم).
ب- ثم إن وضع الفريق التنويري ضعيف بالنسبة للحركة الدينية عامة، والذي يَغْلب عليها الطابع السلفي التّبريري المتخلّف والذي يقوم باستمرار بقمع اتجاه التنوير الديني وإرهابه باستمرار ( حدث هذا مثلا بمطالبة جريدة الأهرام بإعدام الشيخ محمد أحمد خلف الله وغيره..).
ج- وعليه، وانطلاقا مما أثرناه حول رؤية أنور عبد الملك، فلا يبدو غريبا أمامنا مما نراه من خلل وتآكل في بنية المجتمعات العربية الفكرية/الثقافية//الأيديولوجية التي تُعوق التقدم الذي تُحرزه بعض قوى التقدم العربية.
إتلاف هذا الأفق الأيديولوجي هو ما نحتاجه اليوم.

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 09/09/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *