قد فقد المغرب رجلاً عظيماً… عبد اللطيف جبرو، الرجل الوطني الأصيل

عمر عبادي

 

وفقا للقاموس، فإن تكريم شخص ما هو إظهار الاحترام والإعجاب له.
من جهتي، فإن مشاركة الشهادة بخصوص هذه الشخصية ليست مجرد تركيب للنص، ولكنها دليل على الإعجاب الكبير بهذه الشخصية وتطورها.
في كثير من الأحيان، يجلب لنا الناس شيئًا رائعًا أو يجلبوا لنا وعيًا معينًا للسماح لنا بالعيش بشكل مختلف، وغالبًا ما يستحقون أن يتم التعرف على أسمائهم أو أفعالهم دون البحث عن المجد كما يسعى الكثيرون إليه دون تقديم أي شيء أكثر حقًا.
عندما أردت الإدلاء بشهادتي عن سي عبد اللطيف، سيطر علي شعور غريب، أشبه بمزيج من الفخر والمسؤولية والذعر.
الشعور بالفخر، لأنني أعتقد أن قلة من الناس أتيحت لهم الفرصة لمعرفة مثل هذا الشخص العظيم لمدة 25 عامًا، والشعور بالمسؤولية لأن الحديث عن رجل عظيم مثله هو ممارسة محفوفة بالمخاطر تتطلب الكثير من الموضوعية، وهو أمر صعب بالنظر إلى الروابط التي كانت توحدنا، وأخيراً الشعور بالذعر خوفاً من تفويت شيء مهم.
على الذين لا يعني لهم هذا الاسم شيئًا ومع ذلك يقرؤون هذه الشهادة، أن يقوموا بقراءة ولو فقرة واحدة من أعماله العديدة، لأن نصًا واحدًا فقط من نصوصه، من خلال تلميحاته الدقيقة وغمزاته المدروسة بشكل رائع، قادر على تسليط الضوء على جانب واحد على الأقل من تاريخ المغرب.
إن الإشادة بعبقرية سي عبد اللطيف يعني أولا وقبل كل شيء الحديث عن الكاتب الاستثنائي الذي كرس عمله كله لتاريخ بلادنا من خلال الشخصيات التي ميزته، من محمد الخامس إلى المهدي بن بركة، مرورا بعبد الرحيم بوعبيد وعدي وبيهي وعبد الهادي بوطالب وعبد الكريم الخطيب والتهامي الكلاوي ومحجوب بن صديق… تاريخنا، الذي غالبًا ما يتم تجاهله، تم تشريحه ببراعة من قبل سي عبد اللطيف.
وإذا كان عبد اللطيف أيضًا، وقبل كل شيء، صحفيًا بارزًا، فإن أعمدته كانت تزود على مدى أكثر من نصف قرن الصحف اليومية والأسبوعية «الشباب» و»التحرير» و»الأهداف» و»المحرر» و»الاتحاد الاشتراكي» و»الأحداث المغربية»، كانت متعة حقيقية لما تضمنته من تحليلات موضوعية للوضع السياسي في المغرب وفي الخارج، والتي كانت دائما تسعد القراء الذين ينتظرون أعمدته بفارغ الصبر.
إحساس فريد بالتفاصيل، ذاكرة لا تشوبها شائبة، جمل واضحة وبسيطة، كان سي عبد اللطيف يجمع بين المتناقضات : الجدي، الساخر، وأحيانًا الشعري، كان يلعب، كان حرًا.
معه، لم نشعر بالملل أبدًا، كنا ببساطة نستمتع بأنفسنا.
إن الإشادة بسي عبد اللطيف هي أيضًا إشادة بإخلاصه ووضوحه ولطفه.
وفي عالم متغير باستمرار، كان يشعر دائمًا بالمشاركة، ويعمل على الدفاع عن الحقيقة ضد الأكاذيب.
لم يكن أبدًا محققًا، لقد سعى دائمًا إلى الفهم، ولم يقبل أبدًا الكذب أو الزائف أو التنكر، كان قاسيًا مع الماضي والحاضر، ولكن ليس مع المستقبل.
أعترف أنه أتيحت لي فرصة الجدال مع سي عبد اللطيف، لكنه لم يقدم أي تنازلات قط.
اكتشفت سي عبد اللطيف عام 1978 من خلال أول أعماله المخصصة للمهدي بن بركة، ثم ترافقنا منذ عودتي إلى المغرب عام 1985. كان سي عبد اللطيف دائما رجلا محترما، يضع القيم الإنسانية فوق كل شيء آخر، وعندما اشتكي له بشأن مشكلة ما، يعطي انطباعًا بعدم الاهتمام، ولكن في اليوم الموالي يتم حل المشكلة المعنية.
هكذا كان سي عبد اللطيف الرجل والكاتب والصحفي.

الكاتب : عمر عبادي - بتاريخ : 12/12/2023

التعليقات مغلقة.