قراءة في ما يجري من تطورات في الجزائر وموريتانيا والدور الفرنسي في المنطقة

حيمري البشير ..كوبنهاكن الدنمارك

 

يبدو أن اشتعال الحراك من جديد في الجزائر دفع إلى عودة الجنرالات الذين هربوا إلى فرنسا إبان الحراك الأول وعلى رأسهم الجنرال خالد نزار، الذي صدر في حقه حكم قضائي، والجنرال التوفيق الذي حوكم ضمن مجموعة السعيد بوتفليقة وجماعته الذين صدرت فيهم أحكام قاسية بتهم نهب أموال الشعب الجزائري وانتهاكات جسيمة في حق الشعب، حيث تمت مراجعة تلك الأحكام وحصولهم على البراءة ووضعت فيهم الثقة من جديد لإعادة تربية من يقودون الحراك الآن .
مايجري في الجزائر من تطورات يدفعنا للبحث في أسباب عودة خالد نزار ومراجعة الأحكام الصادرة في حق مجموعة من الفاسدين، والاتفاقية التي أبرمت بين الجزائر وفرنسا والتي تنص على تبادل المجرمين والمنتقدين لنظام العسكر من الجزائريين الذين يعيشون في فرنسا ويقودون المظاهرات منددين بما يجري في البلاد، ومطالبين بحكومة مدنية لا عسكرية .
يعتقد المحللون الذين يتابعون مواقف فرنسا ممايجري في الجزائر من انتهاكات جسيمة في حق الشعب، ومن مضايقتها للمعارضين الذي يعيشون على أراضيها، كان آخرها الأمين العام لحزب التحرير الجزائري الذي فضل الرحيل من فرنسا إلى البرتغال ومنها طلب اللجوء في المغرب خوفا من تسليمه بدخول الاتفاقية بين البلدين حيز التنفيذ.
فرنسا بمواقفها المناهضة لحقوق الإنسان تحافظ على مصالحها الاقتصادية في الجزائر ويتساءل العديد لماذا لم تسلم فرنسا خالد نزار المتهم بتبديد أموال الشعب وبتصفية المعارضين في مجازر بشعة ارتكبت في الجزائر؟ لماذا وقعت فرنسا مع الجزائر اتفاقية تبادل المحكومين في قضايا عدة في كلا البلدين؟
فرنسا التي استعمرت كلا من الجزائر والمغرب وتملك كل الوثائق المتعلقة بالحدود بين المغرب والجزائر، لماذا تسكت عن التجاوزات التي ترتكبها الجزائر ؟ ولماذا تلتزم الصمت عن احتفاظ الجزائر بالصحراء الشرقية، أعتقد أن فرنسا تلعب دورا في تأجيج الصراع في المغرب العربي، ولها مصلحة في استمرار الصراع بين المغرب والجزائر ، وفي دعم موريتانيا حتى تحافظ على موقفها في ما يخص الصحراء المغربية .
فرنسا الداعمة للنظام العسكري في الجزائر وكذا موريتانيا تسعى للحفاظ على مصالحها الاقتصادية في الدولتين معا، مادام المغرب اختار الولايات المتحدة والصين لتعزيز علاقته الاقتصادية معهما . ومتى استمرت الجزائر في تعزيز تقاربها مع كل من ألمانيا وروسيا فستبقى مصالح فرنسا مهددة في الجزائر.
وفرنسا أصبحت تنظر للمغرب كمنافس قوي لمصالحها الاقتصادية في إفريقيا، وبالتالي ستبقى حذرة من المغرب وستواصل تقاربها مع كل من الجزائر وموريتانيا حليفتيها الاقتصاديتين.
المغرب ملزم بتقوية علاقته مع موريتانيا، التي تعتمد عليه في تزويد السوق الموريتاني بكل الحاجيات التي يحتاجها، وقد ظهرت حدة الأزمة التي عانت منها موريتانيا إبان إغلاق معبر الكركرات.
إذن المغرب بيده كل الأوراق لكي يستعملها  في إعادة التوازنات في المنطقة، ولايمكن أن يبقى مكتوف الأيدي بل عليه أن يتحرك للحفاظ على مصالحه الاقتصادية، وكذلك للضغط  على موريتانيا لكي تلتزم الحياد الإيجابي في ما يخص الصراع في الصحراء وليس الانحياز لأطروحة البوليساريو .
فرنسا ستبقى وفية لماضيها الاستعماري، وستستمر في إخفاء الحقائق التاريخية وطمسها، حتى يستمر الصراع الجزائري المغربي، وستبقى، مع كامل الأسف، تخفي الجلادين الملطخة أياديهم بدماء الشهداء، وليس من مصلحتها محاسبة القتلة بل ستستمر في حمايتهم ودعمهم للعودة لسدة الحكم كما فعلت مع الجنرال خالد نزار الدموي، وستبقى تناور وتتآمر على مصالح المغرب بدعم النظام العسكري في الجزائر، وسندا لموريتانيا في كل المواقف التي اتخذها في ما يخص قضية الصحراء المغربية ، ثم لابد من الإشارة في الأخير إلى أن موقف موريتانيا من قضية الصحراء لا يختلف عن الموقف الجزائري وأنها تتآمر على المغرب كما تتآمر الجزائر، وأن فرنسا تلعب دورا خبيثا  في علاقاتها مع دول المغرب العربي دفاعا عن مصالحها الاقتصادية في المنطقة.

الكاتب : حيمري البشير ..كوبنهاكن الدنمارك - بتاريخ : 12/04/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *