لِمَ لم  تتحقق وحدة دول المغرب العربي؟

حيمري البشير

يبدو أن جهات عدة ليس في مصلحتها ظهور  قوة اقتصادية أغصانها تعانق أوروبا وجذورها  تمتد في أعماق إفريقيا  السوق المستقبلية الواعدة.
القوى  الاستعمارية التي عمرت طويلا في بلدان شمال القارة الإفريقية ،تأتي على رأس الدول التي لا تنظر بعين الرضا أن تكون نهضة اقتصادية في دول المغرب العربي ،لكنها في نفس الوقت هي الدول التي تعاني من الهجرة غير الشرعية. من الجنوب صوب الشمال  من اليونان إلى إسبانيا والبرتغال مرورا بإيطاليا وقبرص،فالبحر الفاصل بين الشمال والجنوب،يلفظ قوافل من الجثث يوميا من  الحالمين  لفردوس أوروبا والهاربين من جحيم إفريقيا  وقسوة واستبداد حكامها.
إن تكتلا اقتصاديا في دول المغرب العربي أصبح غير ممكن التحقيق،لأنه سيكون وجهة جذب  استثمارات القوى الكبرى في العالم،لاسيما وأن هذه الدول تتوفر على أهم محرك  للنمو  والتطور الاقتصادي، ألا وهو النفط والغاز  في كل من الجزائر وليبيا  والأراضي الشاسعة والسدود  القادرة على توفير الغذاء الكافي لشعوب المنطقة، والتي تنظر لإفريقيا كسوق واعدة في المستقبل .إن ماتعيشه دول شمال إفريقيا من مصر إلى المغرب من  مؤامرات وهزات منذ سنوات بدءا بالربيع العربي ومسلسل الانقلابات التي حدثت بمصر وتونس  وليبيا  والحراك الذي تعرفه منذ سنوات الجزائر والمغرب الذي،  لم يكن استثناءً  ،حركة 20فبراير  وحراك الريف،ينضاف لهذا ظهور مايسمى بالتيارات المتشددة والتي أصبحت تغذيها  قوى لا تنظر بعين الرضا أن تعيش شعوب المغرب العربي ديمقراطية حقيقية .
وما يجري حاليا من صراع في ليبيا تغذيه دول عربية وإسلامية مع كامل الأسف تركيا من جهة ومصر والإمارات والسعودية من جهة، ولا يمكن استبعاد الدور الخبيث لإسرائيل في المنطقة والتي تسعى  بقوة لإحباط  كل تكامل بين دول شمال إفريقيا  ودول الخليج، لأن  هذا التكامل والتضامن يهدد كيانها،فإسرائيل ليس من مصلحتها نجاح دول مجلس التعاون الخليجي كقوة اقتصادية ،  فتغلغلت فيه عن طريق التطبيع  وربط علاقات مع دول خليجية والآن كسرت كل القيود  وامتدت إلى العمق الإفريقي فوصلت السودان ولن يتوقف مسلسل التطبيع عند هذا البلد العربي الإفريقي بل سيشمل دولا أخرى .
إن طموح إسرائيل وأطماعها التوسعية  في منطقة الخليج العربي ودول شمال إفريقيا ،عامل سيجعل استمرار التوتر وعدم الاستقرار يطبع  دول المنطقة.
وما تعيشه ليبيا حاليا والتوتر الحاصل بين المغرب والجزائر هو مخطط  تغذيه دول  تريد أن تبقى دبي وأبوظبي والدوحة والمنامة والرياض محطات جذب اقتصادي عالمي ،عوض دول المغرب العربي.والتواجد والتأثير الخليجي ظاهر وسيزداد في المغرب العربي .
إن تأجيج الصراع بين المغرب والجزائر طموح تسعى إليه دول عربية مع كامل الأسف، وهو مخطط يستهدف وحدة الشعوب وزرع الشك وسطها باستحالة تحقيق الوحدة العربية والإسلامية، والمستفيد من ذلك -بطبيعة الحال-  المشروع الصهيوني .
ومن حقنا أن نطرح مجموعة من الأسئلة  مع تزايد الصراع بين المغرب والجزائر،لماذا سارعت الإمارات للتطبيع مع إسرائيل ؟ولماذا كانت هذه الدولة سباقة لإقامة قنصلية لها في العيون ؟
أي علاقة كانت تربط الراحل القايد صالح بالإمارات؟وفاة القايد صالح الغامضة في وقت صعب كانت تمر به الجزائر يبقى غامضا وعلامة استفهام قائمة؟
ماهي دوافع زيارة الجنرال شنقريحة للإمارات التي كانت أول دولة عربية تفتح قنصلية لها في العيون؟
لماذا التزمت الجزائر الصمت عما يجري في ليبيا وسكتت عن التدخل التركي والإماراتي والمصري والسعودي وهي التي لها حدود شاسعة مع ليبيا؟
ما أسباب ودواعي تغير الموقف الموريتاني من قضية الصحراء والدعم الاقتصادي الإماراتي لموريتانيا بعد زيارة رئيسها للإمارات؟وما أسباب الانحياز الموريتاني للصف الجزائري فيما يخص قضية الصحراء؟
تطورات كثيرة تشهدها منطقة المغرب العربي،  وكلها تنذر بأحداث ستقع في المنطقة ستزيد من تعقيد الوضع المعقد أصلا خصوصا بعد الامتداد الإسرائيلي لدول شمال إفريقيا والذي سيكون مؤثرا مع مرور الوقت.

*كوبنهاكن الدنمارك

الكاتب : حيمري البشير - بتاريخ : 16/01/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *