ماذا أعددنا لمغاربة العالم لمواكبة كفاءاتهم ومواهبهم، ودعم مبادراتهم ومشاريعهم ؟

ادريس العاشري

 

أثارني، بشدة، خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب 20 غشت، الذي أعطى أهمية كبيرة للجالية المغربية المقيمة بالخارج والتي تتعدى 5 ملايين مغربي بالإضافة إلى المغاربة اليهود.
قبل أن نحلل واقع المغاربة المقيمين بالخارج عند عودتهم لأرض الوطن لابأس أن نستأنس ببعض الإشارات القوية التي جاءت في الخطاب الملكي السامي:
«ما يتعلق بإشراك الجالية في مسار التنمية، والذي يحظى بكامل اهتمامنا، فإن المغرب يحتاج اليوم لكل أبنائه، ولكل الكفاءات والخبرات المقيمة بالخارج، سواء بالعمل والاستقرار بالمغرب، أو عبر مختلف أنواع الشراكة، والمساهمة انطلاقا من بلدان الإقامة. فالجالية المغربية بالخارج معروفة بتوفرها على كفاءات عالمية في مختلف المجالات، العلمية والاقتصادية والسياسية، والثقافية والرياضية وغيرها. وهذا مبعث فخر للمغرب والمغاربة جميعا. وقد حان الوقت لتمكينها من المواكبة الضرورية، والظروف والإمكانات، لتعطي أفضل ما لديها لصالح البلاد وتنميتها”.
جميل جدا أن نستقبل أهالينا المصنفين بمغاربة العالم بلافتات وإشهارات مكتوب عليها: «توحشناكم».
ولكن السؤال المطروح هو ماذا أعددنا لهم بعد سبعة أيام المشمش؟
بعد غياب سنتين بسبب أزمة كوفيد 19 عاد ولله الحمد عدد كبير من أهالينا القاطنين بالخارج يحملون معهم نفس الهم والمسؤولية الاقتصادية والاجتماعية.
حسب السلطة المينائية لطنجة المتوسط، فإن عملية مرحبا 2022، عرفت منذ انطلاقها في 5 يونيو، وإلى غاية فاتح غشت الجاري، التحاق 530 ألفا و 436 مسافرا بالمغرب، موضحة في بلاغ صحافي، أن عدد المسافرين بالميناء ضمن عملية مرحبا خلال هذه الفترة سجل زيادة بنسبة 10 في المائة مقارنة مع سنة 2019، مضيفة أن عدد العربات المارة عبر ميناء طنجة المتوسط للمسافرين بلغ خلال الفترة نفسها 136 ألفا و263 عرية.
وتابع المصدر ذاته أن عملية مرحبا سجلت فترتي ذروة خلال نهايتي الأسبوع من 2 إلى 4 يوليوز ومن 30 يوليوز إلى 1 غشت، وذلك بعودة، على التوالي ، 62 ألفا و 759 مسافرا و 61 ألفا و 468 مسافرا.
بحب وطنهم وتربيتهم المغربية الأصيلة فإن الهم الأول عند مغاربة العالم هو التكافل الاجتماعي. اقتناء بيت. والاستثمار في بلدهم المغرب. رغم العراقيل وتعقيد المساطر الإدارية فإنهم يعملون ما في وسعهم لتحويل مبالغ جد مهمة من العملة النقدية الصعبة لبلدهم الأم.
لإعطاء صورة واضحة لهذه التحويلات ومساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد لابأس أن نستأنس بأرقام صادرة عن مكتب الصرف:
أفاد مكتب الصرف بأن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج تجاوزت 47,04 مليار درهم برسم النصف الأول من سنة 2022، مقابل 44,33 مليار درهم خلال الفترة ذاتها من السنة المنصرمة.(2021).
وأوضح نفس المصدر في نشرته الأخيرة حول المؤشرات الشهرية للمبادلات الخارجية لشهر يونيو 2022..أن هذه التحويلات سجلت ارتفاعا بنسبة 6,1 في المائة بمبلغ +2,71 مليار درهم مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية 2021 ، كما ارتفعت بأكثر من 15,18 مليار درهم مقارنة مع سنة 2018.
أرقام لها دلالتها واهميتها في :
– التحكم في مستوى العجز التجاري.
– تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة .
-التكافل الاجتماعي للعائلات المغربية.
جميل أن نحتفل يوم 10 غشت من كل سنة باليوم الوطني للمهاجر ونستمع لشكايات ومقترحات أهالينا المقيمين بالخارج. ولكن لابأس أن نكون عمليين لإيجاد حلول عملية وفعالة لمختلف القضايا المطروحة.
يجب أن نتعامل معهم كمستقبل ورافعة الاقتصاد الوطني ودمجهم في الحياة السياسية والاقتصادية للمغرب عوض التعامل معهم كأرقام.
ليس من باب الصدفة أن يشدد جلالة الملك محمد السادس في خطابه: على ضرورة إقامة علاقة هيكلية دائمة مع الكفاءات المغربية بالخارج، بما في ذلك المغاربة اليهود، ودعا لإحداث آلية خاصة مهمتها مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، ودعم مبادراتها ومشاريعها، مؤكدا أن ذلك “سيمكن من التعرف عليها، والتواصل معها باستمرار، وتعريفها بمؤهلات وطنها، بما في ذلك دينامية التنمية والاستثمار”.
وفي السياق نفسه، قال الملك محمد السادس: “حان الوقت لتحديث وتأهيل الإطار المؤسسي الخاص بهذه الفئة العزيزة من المواطنين. ويجب إعادة النظر في نموذج الحكامة الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها”.

الكاتب : ادريس العاشري - بتاريخ : 22/08/2022

التعليقات مغلقة.