متى يتم التطهير من المخدرات القاتلة والمواد الاستهلاكية المضروبة ؟

بوشعيب حمراوي

ألم يحن الوقت لوقف انحراف الأطفال والشباب ونزيف الأرض والعرض بإعادة النظر في الأحكام القضائية التي تصدرها محاكم المملكة في حق مدمني المخدرات القاتلة (القرقوبي و الماحيا)، وفي حق مروجي هذه السموم القاتلة ؟ … ألم يحن الوقت لتصنيف هذا النوع من المخدرات الذي يفقد مستهلكه العقل والصحة والإنسانية.. ضمن السموم التي تفتك بالحياة البشرية. واعتبار مستهلكيه مرضى ومروجيه قتلة بالتسلسل وجب في حقهم أقصى العقوبات والأعمال الشاقة، وليس بضعة أشهر يقضونها داخل السجن للاستماع والرفاهية حيث يزدادون قوة و إدمانا وانحرافا… واعتبار رجال ونساء الأمن الوطني والدرك الملكي وممثلي السلطة المتواطئين معهم مشاركين في عمليات القتل الجماعي ؟
رجاء ارأفوا بأطفالنا وشبابنا الذين كتب عليهم أن يدمنوا على استهلاك (الأقراص المهلوسة) وخمر (الماحيا). هؤلاء ضحايا الخبث والعفن والإهمال الحكومي، يتم يوميا اغتيالهم في صحتهم وعقولهم ومستقبلهم. وعوض أن تبادر الحكومة إلى اعتبارهم مرضى، وإحداث مراكز ومستشفيات لعلاجهم. وتسخير أجهزتها الأمنية والدركية لحمايتهم، ووقف ترويج (القرقوبي) الذي يصدره لنا بالمجان جنرالات الجزائر، أو الذي يتم الحصول عليه بتواطؤ مع بعض الأطباء و الصيدلانيين الفاسدين أو بعض مزوري الوصفات الطبية… تكتفي الحكومة باعتبارهم جناة ومجرمين. وتحمل في وجوههم شعار (الاعتقال والإحالة على القضاء والسجن) بتهمة ترويج المخدرات . علما أن سجون مملكتنا السعيدة بينها وبين الإصلاح والتهذيب والعلاج أسوار من الفساد. وعوض أن يتم علاج المرضى المدمنين، نجدهم يزدادون إدمانا. ويتحولون إلى منحرفين ومروجين ومجرمين محترفين.
متى نطهر البلاد من هؤلاء الذين يعيشون بيننا بأجساد كلها خدوش وعفن، وعقول غائبة واهمة.. يشاركوننا إلا الأكل والشرب والنوم …هؤلاء الذين نادرا ما تجدونهم هادئين ومحاورين… يقضون معظم أوقاتهم ليلا ونهارا في العربدة والعنف… يتنافسون في إيجاد المفردات الساقطة… يجدون ضالتهم في الاحتكاك بكل من جادلهم أو حياهم، أو حتى مر بقربهم… يتفننون في أساليب سب وقذف الإنسان والأرض والعرض والواقع والدين والملة… هؤلاء ليسوا مجرمين ولا منحرفين لتزجوا بهم في السجون، وتقذفوا بهم في الشوارع والخلاء.. هؤلاء مرضى بالإدمان والسموم ومضطربين نفسانيا في حاجة إلى العلاج من أمراض تركت لتنشر وتستفحل بأمن وأمان بواسطة مروجين همهم الوحيد تكديس الثروات.
إن المدمن على (القربوبي والماحيا) يتحول إلى وحش يفقد السيطرة على نفسه. يعتدي ويسرق ويقتل ويغتصب ويرتكب أعنف الجرائم… لا يفرق بين البعيد أو القريب… بل حتى أقرب الأصول (أب، أم، أخت، أخ، زوجة..). يتحول إلى وحش عندما يستهلك تلك الأقراص السامة أو (خنيشة ميكة من الماحيا). ويتحول إلى وحش عندما لا يجدها.. ويتحول إلى ذئب بشري فاقد للأهلية، عندما يريد البحث عنها أو توفير المال لاقتنائها… وقد يعتدي على نفسه بالأسلحة البيضاء وغيرها مما تيسر له … فلا هو يبتغي المال من أجل السعادة ولا من أجل حياة جديدة ولا من أجل حاجة يفتقدها… المال بالنسبة إليه يعني (القرقوبي والماحيا).
أتدرون أن المجرمين الحقيقيين هم تجار (القرقوبي والماحيا)، الذين يحرصون على عدم استهلاكها ويجتهدون من أجل توسيع دائرة زبائنهم. لا يهمهم إن كان زبائنهم أطفال ولا تلاميذ أو طلبة أو فتيات أو … أسسوا شبكات داخل الأحياء السكنية ومحيطات المؤسسات التعليمية والشوارع والأزقة والمرافق الرياضية والثقافية والفنية والسجون… أتدرون أن (الماحيا) تصنع من العفن والصراصير والفئران ومياه الوادي الحار … وأن تلك المواد هي سموم قاتلة. وكل من يواظب على استهلاكها فهو يعلن عن بداية انتحاره تدريجيا.
أليس صانعوها ومروجوها قتلة ؟ … ألم يحن الوقت لإعادة النظر في تلك التهم البسيطة التي يدانون بها؟ .. وعوض إدانتهم بترويج المخدرات. بات من الواجب إدانتهم بارتكاب جرائم القتل الجماعي. إن ما نعيشه خلال شهر رمضان مثلا، من عنف وشغب داخل الأحياء الشعبية والشوارع والأزقة. لا يكفي أن نعتبره (ترمضينة). ولا يجب أن نحمل وزر الصائمين للشهر الفضيل. لأن ما يقع ببلادنا من عنف، نعيشه أضعافا مضاعفة خلال النهار. هو بسبب هذه الفئة المريضة. التي تحاول الصوم، ولا تقدر على الابتعاد عن (القرقوبي) و(الماحيا). فتكون العواقب وخيمة. ويكون الصائمون ضحيتها… ألم تدركوا بعد أن معظم عمليات العنف والسرقة باستعمال الأسلحة البيضاء وغيرها من الجرائم اليومية التي يتعرض لها الراجلين والسائقين، وخصوصا النساء والشيوخ. أبطالها هم فئة المرضى من مدمني القرقوبي والماحيا.. فئة مريضة تنضاف إلى فئات مرضى السكري، الضغط الدموي، الأعصاب، مدمني السجائر وباقي المخدرات (الكيف، الشيرا، المعجون…).. فهلا تفضلتم بإنقاذ أطفالنا وشبابنا وقضيتم على المجرمين القتلة…
شخصيا لا أفهم كيف سيقضي مدمن على القرقوبي والماحيا مدة سجنية لأزيد من شهر بدون استهلاك تلك السموم. وكيف سيتم التعامل معه داخل سجن، بالكاد توفر إدارته طبيبا أو ممرضا لمتابعة الأوضاع الصحية والغذائية للسجناء الذين يعدون بالمئات. بل إنني لا أتقبل أن يتم الزج بالمجرم والضحية في مكان واحد (السجن).. عوض حماية الضحية، ومساعدته صحيا ونفسيا من أجل تخطي فترة الإدمان. نجد أنه يرغم على العيش جنبا إلى جنب مع من كان يروج له تلك السموم.. ليتحول دور السجن الإصلاحي، إلى بناية لترسيخ الإدمان والانحراف..
ولا أفهم كيف أن هناك مروجين للقرقوبي والماحيا يعرفهم العام والخاص بعدة أماكن.. مدن وقرى..، ولا أحد يمنعهم من ترويج تجارتهم الفاسدة والسامة.. وكيف يتم اعتقال ومحاكمة المدمنين، الذين أفسدوا حيواتهم وحيوات أسرهم.. وباتوا يتحركون كأجساد بشرية بدون عقول.. وبات من الواجب رفع القلم عنهم.. واعتبارهم مرضى غير معنيين بتصرفاتهم. ولا يمكن لأي كان محاسبتهم أو معاقبتهم على تجاوزاتهم.. بل بات من الواجب إحداث مستشفيات لعلاجهم.. وتطهير البلاد من مصانع الماحيا السرية ووقف نزيف تلك الحبوب القاتلة التي تتدفق علينا من الجزائر.. وطرح القضية على مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة.. إذ لا يعقل أن يفتح المغرب ذراعيه للشعب الجزائري.. ويتلقى بالمقابل السموم من حكام هذه الدولة الذين وبعد أن وزعوا ثرواتها فيما بينهم، و عبثوا بمال وشرف أبنائها. حولوا أنيابهم صوب المغرب وشعبه..
بإمكان قضاة المغرب أن يجتهدوا في أحكامهم، ويعتبروا أن مروجي القرقوبي والماحيا، هم مروجين للسموم، وإدانتهم بترويج السموم ومحاولة القتل الجماعية واعتبار أن مستهلكي تلك السموم هم مرضى ويوصى بإحالتهم على العلاج.. وهي مبادرات لا تتعارض مع القضاء وقوانينه ولا مع دستور البلاد.. ولكنها بالمقابل ستحد من ضياع وهلاك فلذات أكبادنا، وتنقص من مروجي تلك السموم..
للأسف يستمر مسلسل العبث بصحة ومال وكرامة الشعب ، حتى من طرف اللوبي الاقتصادي الفاسد الذي تغلغل و تجدر بدواليب عدة قطاعات عمومية وخاصة، بتواطؤ تام مع بعض المحسوبين على الأجهزة الحاكمة في البلاد.. ليطال مسلسل الاستنزاف الذي أنهك الاقتصاد الوطني، حتى المواد الغذائية وكل المنتجات الاستهلاكية. فقد تسبب في إفلاس عدة شركات ومقاولات. طينة فاسدين من منتخبين وممثلين للسلطات والقطاعات العمومية المعنية والأمن والقضاء وجب تنحيتهم…لقد تفشى الفساد والعفن في الإنتاج المحلي، وخصوصا المهيأ للتسويق الوطني. كما تفشت عمليات تقليد بعض المنتجات الوطنية والدولية ذات الجودة، وإغراق الأسواق المغربية منتجات شبيهة بلا جودة ولا ضمانات لصحة وسلامة المستهلك، وبمنتجات (مضروبة) أو أشرفت مدة صلاحيتها على نهايتها… تعرض بأثمنة جد محفزة، وعمليات جدب واستمالة. وذلك بإيهام المستهلك أنه أمام (هميزة) أو (فرصة تخفيض استثنائية). وتنطبق عليه مقولة (القانون لا يحمي المستهلكين). والمفروض أنه تحت حماية الدولة والدستور وقوانينه الإجرائية..تلك القوانين التي لم تعد أوتارها تطرب المستهلك.

الكاتب : بوشعيب حمراوي - بتاريخ : 02/11/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *