مخططات التهجير وتقويض فرص السلام
سري القدوة(*)
استمرار الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه وانتهاكاته وجرائمه يشكّل تهديدًا للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وبات من الضروري مواصلة الجهود الدولية لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم بهدف إنهاء الاحتلال وتنفيذ حلّ الدولتين بما يؤدّي إلى تجسيد سيادة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران/يونيو لعام 1967، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
المجتمع الدولي، وخصوصًا مجلس الأمن الدولي، مطالب بالوفاء بالتزاماته والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لاستكمال مراحل تنفيذ «خطة الرئيس ترمب» بما يضمن فتح معبر رفح بشكل دائم وآمن في الاتجاهين، وضمان حرية الحركة ووصول المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، وتحقيق الوقف الفوري والشامل لإطلاق النار، ووضع حدّ لمعاناة الشعب الفلسطيني.
وتهدف التصريحات الإسرائيلية المتعلقة بفتح معبر رفح في اتجاه واحد إلى تهجير أبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة قسرًا، وخاصة في ظلّ الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة جرّاء الحرب الوحشية التي امتدّت لعامين، وأسفرت عن تدمير كامل للبنية الأساسية ولنُظُم الحياة في القطاع. ويشكّل التهجير القسري جريمة حرب وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأكد بيان مشترك صادر عن الدول العربية والإسلامية، حيث عبّر وزراء خارجية جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية إندونيسيا، وجمهورية باكستان الإسلامية، وجمهورية تركيا، والمملكة العربية السعودية، ودولة قطر، عن رفضهم للتهجير القسري وممارسات حكومة الاحتلال، وعن قلقهم البالغ إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح باتجاه واحد، بما يهدف فعليًا إلى تهجير شعبنا في قطاع غزة.
المحاولات الإسرائيلية لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، سواء عبر الضغوط العسكرية أو الإجراءات غير القانونية الأحادية أو عبر الاستمرار المتعمّد في خلق وتكريس ظروف طاردة إنسانية وكارثية، تعدّ استمرارًا لسياسات الاحتلال الرامية إلى تقويض فرص السلام والوجود الفلسطيني على أرضه الوطنية. وإن الشعب الفلسطيني، رغم ما يواجهه من معاناة غير مسبوقة، سيبقى ثابتًا في أرضه، وأن أي مخططات أو إجراءات تهدف إلى فرض التهجير والنقل القسري ستواجه برفض فلسطيني قاطع، وبموقف عربي وإسلامي ودولي متماسك يرفض المساس بحقوقه غير القابلة للتصرف.
نقدّر عاليًا المواقف المهمة للدول العربية والإسلامية الرافضة لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، كون هذه المواقف تشكّل شبكة أمان سياسية وقانونية في مواجهة السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تشكيل واقع غير قانوني للتهجير القسري. ويجب العمل على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار بشكل كامل ومستدام، وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية دون قيود، بما يوقف المجاعة، والشروع في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة الحكومة الفلسطينية لتولّي مسؤولياتها الكاملة في قطاع غزة.
لا بدّ من حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وتجسيد دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كون ذلك يشكّل أولوية وطنية ثابتة لا يمكن التراجع عنها وغير قابلة للتصرف. وإن وحدة الموقف العربي والإسلامي تمثّل ركيزة أساسية في مواجهة أي محاولات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو المساس بثوابتها الراسخة. كما تبرز أهمية تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2803، وأن الأولوية الآن هي تنفيذ الخطة الأمريكية من أجل وقف الحرب، ووقف نزيف الدم، وتخفيف معاناة شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، ومنع التهجير القسري.
سفير الإعلام العربي في فلسطين
الكاتب : سري القدوة(*) - بتاريخ : 09/12/2025

