معاناة موظفي غرف الصناعة التقليدية من تهميش مسؤولي وزارة عمور

أشرف محمد مسياح (*)

لقد اعتبرنا من داخل النقابة الديمقراطية لموظفي غرف الصناعة التقليدية بالمغرب، ومنذ الإرهاصات الأولى للتأسيس، أن خيار الحوار لتدبير معضلة وأزمة شغيلة غرف الصناعة التقليدية بالمغرب، والتي عمرت لأكثر من عقدين من الزمن، هو خيار استراتيجي في علاقتنا مع مختلف الشركاء والمتدخلين في تدبير هذا الملف وعلى رأسها وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وهذا نابع كذلك من قناعاتنا الراسخة ومن قيمنا الديمقراطية ومن أخلاقنا المؤطرة لفعلنا النقابي، والتي ما فتئنا نؤكد من خلال وثائقنا المرجعية وبلاغاتنا على أهمية الحوار كآلية لتدبير الخلاف والنزاع المفترض بين الموظف والإدارة العمومية داخل بنية غرف الصناعة التقليدية، غير أن استمرار النظرة الاستعلائية ومنطق اللامبالاة والاستخفاف التي تنهجها الوزارة الوصية تجاه الملف المطلبي لشغيلة وأطر غرف الصناعة التقليدية والمتعلق أساسا بمراجعة شاملة للنظام الأساسي الخاص بمستخدمي غرف الصناعة التقليدية، مؤسسة الأعمال الاجتماعية، مشكل الدكاترة الموظفين بالغرف، احترام الحريات النقابية بالغرف، وعدد من المشاكل المتعلقة بحالات التعسف المستمر والممنهج في حق عدد من قيادات النقابة وأطر وموظفين بعدد من الغرف، فوضى تدبير الموارد البشرية للغرف، والتي أصبحت مرتبطة بمزاجية بعض المدراء ورؤساء المصالح حيث أصبح تقييم مسار الموظف مرتبط بمدى ولائه، وهو ما شجع البعض منهم لارتكاب خروقات قانونية من خلال وضعهم معايير على المقاس لتدبير ملفات ترقية كافة موظفي وموظفات الغرف بمختلف درجاتهم وعلى الخصوص ملفات الترقية خارج السلم المبرمجة خلال نهاية سنة 2022 .
يحدث كل هذا والوزارة الوصية في وضع المتفرج والمتنصل من المسؤولية ومتخذة من موقف الحياد السلبي موقفها الوحيد والأوحد منذ عقود.
إن استمرار تلك النظرة جعل من لقاءات الحوار التي تم استدعاؤنا لها طيلة هذه السنة (3 لقاءات )، مجرد لقاءات شكلية وفي أحسن الأحوال لقاءات لإبداء حسن النية لا غير، ومع ذلك حرصنا على الاستجابة لها في إطار تعزيز مسار الثقة في أفق تنزيل الحوار الاجتماعي القطاعي وبناء آلية تشاركية مع الوزارة الوصية لتدبير ملف شغيلة غرف الصناعة التقليدية، ناهيك عن الحضور الدائم والنوعي والمشرف لممثلي النقابة رغم الغياب المتكرر وغير المبرر لمسؤولي الوزارة (السيدة الوزيرة، السيد الكاتب العام، السيد مدير المحافظة على التراث والابتكار) ، عن مختلف الاجتماعات والاقتصار على حضور رئيس قسم بالوزارة لا يمتلك تفويضا صريحا ومسؤولا من طرف الوزيرة، كما عبر عن ذلك في عدة مناسبات، من أجل اتخاذ قرارات وهو ما تأكد فعليا من خلال عدم الوفاء بالالتزامات والوعود، التي قدمت لنا، لمعالجة عدد من الإشكالات التي تمت مناقشتها على الرغم من بساطتها.
إن هذا التوصيف السريع والمقتضب لوقائع سنة من الحوار الاجتماعي المغشوش يؤكد أكثر من مرة الصورة النمطية التي ترسخت في أذهان مسؤولي الوزارة الوصية على قطاع غرف الصناعة التقليدية بمختلف مكوناته الإدارية والمنتخبة، والتي تختزل في كون هذا الأخير مجرد ملحقة تابعة وتنفيذية لأجندة الوزارة، وليست كما أرادها المشرع كمؤسسة عمومية تتمتع بالاستقلالية المالية والبشرية وأناط بها جملة من الاختصاصات والمهام على مستوى تجويد الأداء الإداري والخدماتي باعتبارها كمرفق عمومي، وكذا الرفع من جاذبيتها الاستشارية والوظيفية والتسويقية من أجل الإسهام في التنمية الترابية والتنمية المستدامة في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وهذا لن يتأتى بالفعل إلا من خلال توافر إرادة سياسية لأجرأة حوار اجتماعي جاد ومسؤول وبأجندة زمنية محددة واتفاقات موقعة وملزمة لكافة الأطراف، والذي ما زلنا نأمل كنقابة في توافر ذلك، بالشكل الذي يفرز لنا إدارة من داخل هذه الغرف ذات موارد بشرية مؤهلة، ولها إمكانات قانونية ومالية تتيح لها القيام بالأدوار والوظائف المنوطة بها في سياق تكريس أهداف النموذج التنموي الجديد.
وفي انتظار أن تتحقق الإرادة الحقيقية لمسؤولي الوزارة الوصية للنظر بجدية في واقع موظفي غرف الصناعة التقليدية وفي أحقيتهم المماثلة للوضعية الأجرية والإدارية والمهنية لباقي موظفي ومستخدمي القطاعات الوزارية والجماعات الترابية والمؤسسات العامة، يبقى خيار الاحتجاج السلمي المشروع خيارا لا محيد عنه مدام صوتهم مقموع وغير مسموع…

(*) الكاتب العام للنقابة الديمقراطية لموظفي غرف الصناعة التقليدية

الكاتب : أشرف محمد مسياح (*) - بتاريخ : 29/12/2022

التعليقات مغلقة.