مكيف يمكن للطب الحديث أن يخدم كأس العالم 2030 لكرة القدم ؟

بقلم: الدكتور أنور الشرقاوي والدكتور بونهير بومهدي (*)

في أحد الأحياء المغربية الصغيرة، تتردد أصداء الضحكات وصرخات الأطفال وهم يطاردون كرة من البلاستيك في الأزقة الضيقة. ومن بين هؤلاء الأطفال، يبرز فتى صغير في العاشرة من عمره، حيوي ومبهر، يجذب إليه أنظار جيرانه ومدربيه، شغفه؟ كرة القدم، بالطبع، سرعته، وتحكمه بالكرة، وغريزته الطبيعية للعب، أكسبته بالفعل لقب «جوهرة الحي»، ولكن لكي تصل هذا الموهبة الفطرية إلى القمة، تحتاج لأكثر من مجرد مهارة مذهلة بديهية، فمع اقتراب كأس العالم 2030 لكرة القدم، قد يتألق هذا النجم المغربي، شرط أن يسير قلبه وجسده معه في هذه الرحلة.

صحة الجسد، الشريك الصامت للنجاح الرياضي العالمي

بالنسبة للمغرب، الذي يستعد لاستضافة هذا الحدث الرياضي العالمي، يكتسي إعداد المواهب المستقبلية، منذ الآن، أهمية كبيرة ، ونجمنا الصغير والصاعد يتمتع بملامح موهبة كبيرة، ولكن الطريق إلى القمة في عالم كرة القدم يتطلب متابعة دقيقة وشاملة. في كواليس هذه الرحلة، تقف وراءه مجموعة طبية متخصصة، تراقب صحته وتتابعه بعناية، لتجنب أي عقبات صحية قد تعترض طريقه، وفي هذا السياق، يشكل الجانب القلبي والإشعاعي الركيزة الأساسية في متابعته، فبينما يعيش طفولته بلا هموم، يجب أن يكون قلبه وعظامه مستعدين للسنوات القادمة من التدريب والمنافسة الشديدة.

مراقبة دقيقة لقلب رياضي شاب

تبدأ المتابعة الصحية لنجمنا الصغير منذ الآن، مع مراقبة شاملة لحالة قلبه، من خلال مخططات كهربائية للقلب، وتصويرات بالموجات فوق الصوتية، واختبارات الجهد، إذ يعمل أطباء القلب على دراسة كل نبضة لمنع أي اضطراب في النبضات أو تشوه خلقي للقلب، و تكشف هذه الفحوصات عما إذا كان قلبه مستعداً لتحمل المجهود الشاق الذي يتزايد تدريجياً مع التقدم في التدريب. ويعمل طبيب القلب، مثل حارس نبضاته، على متابعته خطوة بخطوة، خاصة في فترة المراهقة، وهي المرحلة التي يخضع فيها الجسم لتغيرات كبيرة، وعند بلوغه السادسة عشرة، قد يكون مستعداً للتدريب على مستوى عالٍ، على غرار نجم المغرب وإسبانيا، لامين جمال، الذي يلمع بالفعل في برشلونة، وإذا سارت الأمور على ما يرام، فإن قلبه المدرب بعناية سينبض على إيقاع البطولات الكبرى في المستقبل.

الأشعة: بناء جسد قوي للعب

يلعب الجانب الإشعاعي، كذلك، دوراً بالغ الأهمية، فمع نموه، يخضع نجمنا الصغير لمتابعة دقيقة لبنيته العظمية والغضروفية، وهو أمر ضروري للوقاية من مخاطر الكسور والإصابات المبكرة، التي تعتبر كابوسًا يواجه العديد من المواهب الشابة، ويساهم التصوير بالأشعة في الكشف عن أي خلل في نمو العظام، وفحص متانة الغضاريف، واكتشاف أي مشكلة قد تعيق مسيرته الرياضية، لذلك يتم جدولة فحوصات دورية تراقب ركبتيه، وكاحليه، ووركيه، التي تشكل نقاط الارتكاز لقوة لاعب كرة القدم، كما توفر صور الأشعة والرنين المغناطيسي، وحتى المسح الإشعاعي، رؤية واضحة عن بنية هيكله العظمي، مما يتيح اكتشاف وتوقع المشكلات المخفية عن العين المجردة.

قصة أمل ودقة طبية

خلف الأضواء التي قد تضاء له في 2030، توجد هذه القصة الصامتة لصبي صغير وأطباء مخلصين، فريق متخصص يتابع كل نبضة وكل خطوة يخطوها، هذا الطريق للتحضير ليس مجرد حكاية رياضية، بل هو قصة انضباط طبي أساسي، حيث كل فحص هو حجر يُضاف إلى صرح مستقبله، وبفضل المتابعات المنتظمة والرعاية الشخصية، يستطيع نجمنا أن يسير على درب المجد بثقة، مدعومًا بجسد مستعد لمواجهة أكبر التحديات، وفي 2030، إذا سمح له القدر، قد يجوب الملاعب العالمية مرتديًا بفخر ألوان المغرب، وإذا ما رفع ذراعيه في يوم من الأيام بالنصر في وسط ملعب مكتظ بالجماهير، فسيكون ذلك أيضًا بفضل هذه القصة، قصة الرعاية الصحية الخفية، التي ساهم فيها الأطباء والمتخصصون بصمت، في كل خطوة من خطواته نحو القمة.

(*) أخصائي الأشعة

الكاتب : بقلم: الدكتور أنور الشرقاوي والدكتور بونهير بومهدي (*) - بتاريخ : 12/11/2024