نحن مغاربة ونفتخر

وعندما تحضر مشاعر الحب تحجب ما عداها من التفاصيل، لا سيما عندما يكون حبا حقيقيا متبادلا : حب الأسود لقميصها ووطنها، حب الجماهير المغربية لأبنائها الذين أبلوا البلاء الحسن، حب الملك / الأب لأبنائه في كل ربوع المملكة .
قلناها للكل هذه الليلة – ليلة السبت 8 يوليوز 2023- تتويج المنتخب المغربي الأولمبي ( لأقل من 23 سنة ) بكأس إفريقيا، وسنقولها على الدوام « نحن مغاربة ونفتخر « .
لدينا هاته القلوب الشجاعة التي تزأر حين الحاجة إليها .
لدينا هاته الرئات التي لا تتعب حين نداء الوطن عليها .
لدينا عرق الجبين المغربي، الصرف، المحض، الحلال الذي يسيل وديانا عندما يقول له المغرب « حي على رفع الراية خفاقة بين الأمم « .
يهب الفتى، يلبي النداء، وفي الفم وفي الدم منه يثور الهوى دما ونارا . ينادي إخوته في كل مكان أن هيا، لتلبية نداء العلا والوصول إليه سعيا، من أجل أن تشهد الدنيا، كل الدنيا، أننا نحن القوم الذين نسمى المغاربة لا نحيا هنا إلا بشعار واحد : الله والوطن والملك .
من الرباط إلى البيضاء وطنجة ومراكش ومكناس والداخلة وأسا الزاك وعيون الساقية الحمراء، إلى وجدة والرشيدية والسعيدية، ومن الريف الرائع إلى تخوم سلاسل جبال الأطلس الشامخ، انفجر شلال الفرح …
الأكيد أنه ما زال في جعبة هذا البلد الضارب في التاريخ ما يقدمه للعالم…
واهم من يعتقد أن الكرة جلدة منفوخة مدحرجة على عشب أخضر، إنها تعبير عن قيم قد لا تنجح المدرسة في ترسيخها.
واهم من يعتقد أن الكرة أفيون الشعوب، إنها تعبئة للنضال من أجل الوطن، إنها ترسيخ للقيمة الأولى المؤسسة لأي فعل مجتمعي هي قيمة الانتماء التي أصبحت قيمة إنسانية في زمن فوضى العولمة، بعدما كانت تحصيل حاصل زمن سيادة الفكرة الوطنية إبان النضال من أجل الاستقلال وبناء الدولة الوطنية.
شيء ما تحرك في دواخلنا ليلة هذا السبت .
هذا الشيء يسمى تمغربيت الأولى التي تقطننا دون أي استثناء… .
« تمغربيت « هوية لوحدها وانتماء لوحده وانتساب لوحده، فيها تجتمع هاته الفسيفساء التي تشكلنا نحن المغاربة جميعا، يهودا ونصارى ومسلمين وديانات أخرى، وعربا وأفارقة وأندلسيين وأمازيغ وقادمين آخرين من كل مكان على هاته الأرض كي نصنع منذ قديم القرون والعقود الأمة المغربية، وهي نسيج وحدها، وهي تفرد خاص واستثناء مغربي خالص …
ليلة هذا السبت تبوريشة مغربية أصيلة وأصلية، ذكرت كل واحد منا وكل واحدة بشيء ما داخله يقول له إنه مغربي ويقول لها إنها مغربية ….
هناك تشابه بين حقل السياسة وحقل كرة القدم، الفرجة في كرة القدم تخفي سياسة أخرى : سياسة رياضية، سياسة تدبير الرقعة؛ سياسة الهجوم والدفاع .
ما فعله أشبال الأطلس ليلة هذا السبت أمر جلل يستحق كثيرا من الكلام. ..
الأساسي في الحكاية الكروية / الإنسانية أن تتوفر على حمض نووي أو « أ دي ان « خاص بك يميزك عما وعمن عداك .
في هاته نستطيع أن نقولها بكل افتخار بالمنتخب المغربي الأولمبي …
نقولها بالصوت المغربي الواحد، لنا نحن هذا الوطن الواحد والوحيد، وهاته البلاد التي ولدتنا وصنعتنا وصنعت كل ملمح من ملامحنا، والتي تجري فيها دماء أجدادنا وابائنا وأمهاتنا، والتي تجري دماؤها في مسامنا وفي العروق .
نفخر بهذا الأمر أيما افتخار، ونكتفي أننا لا ندين بالولاء إلا للمغرب، وهذه لوحدها تكفينا ، اليوم ، وغدا في باقي الأيام ، إلى أن تنتهي كل الأيام ….
لا بد من الانطلاق من كون الأمر يتعلق بوطن، والوطن هنا ليس مجرد رقعة جغرافية لتجمع سكني، بقدر ما يعني انتماء لهوية ولحضارة ولتاريخ .
منذ قديم القديم نقولها: هذا البلد سيعبر إلى الأمان في كل الميادين بالصادقين من محبيه وأبنائه الأصليين والأصيلين …
لا نستطيع أن نعدكم بأن المغرب سيتوقف عن تقديم الدروس المجانية وعن إطلاق الصفعات الحضارية نحو أولئك الذين يتخيلون كل مرة واهمين أنهم أكبر من هذا البلد الأمين ومن هذا الشعب الأمين …

التعليقات مغلقة.