وردة اشتراكيي العالم تزهر في المغرب

عبد السلام المساوي

 

«يعتز الاتحاد الاشتراكي بتجاوب كل الاشتراكيين في العالم مع إرادته في استقبال الأممية الاشتراكية، بحضور 80 حزبا من مختلف القارات ومشاركة أزيد من 250 مشاركا، لعقد اجتماعات هيئاتها التقريرية، ذلك حسب الأجندة التالية :
اللجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية، يومي 17 و 18 دجنبر 2024.
مجلس الأممية الاشتراكية للنساء، يومي 18 و 19 دجنبر 2024.
مجلس الأممية الاشتراكية، أيام 20 و 21 و 22 دجنبر 2024.
يؤمن الاتحاد الاشتراكي بأن الاشتراكية الديموقراطية هي البديل الضروري لمعالجة الاختلالات الاجتماعية، وإحدى مداخل الحداثة واستدراك التأخر التاريخي، فالاشتراكية ترتبط بالفضاء العقلي للحداثة، ومن هنا، آمن الاتحاد الاشتراكي، بضرورة تحيين الاشتراكية كمثال بفك ارتباطها بنماذج معينة وبالحفاظ على الشحنة الفكرية التي قامت عليها ، أي التشبث بالأرضية الحداثية الثقافية للاشتراكية وخلفياتها الفلسفية الأنوارية …
لقد اقتنع الاتحاد الاشتراكي أن كل معاودة للاشتراكية كمنظومة إيديولوجية تطرح الانتماء إلى الحركة التاريخية للاشتراكية لا إلى رمز من رموزها أو نموذج من نماذجها، وهذا يقتضي إدماج الثقافة الليبرالية والديموقراطية السياسية ضمن المنظومة الاشتراكية، والاعتراف بالسوق في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية والقبول بالعولمة …
إن اشتراكية قائمة على المحاسبة وعلى المعرفة بالمعطيات لعصرنا بإمكانها أن تخفف من الآثار السلبية للعولمة ( التفقير، تهديد الديموقراطية، سيادة المال والثقافة البرصوية…) الاشتراكية مشروع يتطلب جهدا وصراعا في البناء والتقويم لتجنيب المجتمع الانكسار والانفصام، ولأجل أنسنة السوق وتخليقه، فالاشتراكية مطالبة أمام انبعاث الرأسمالية من أزماتها، أن تتوسل بمعرفة المعطيات المستجدة وأن تتشبع بأخلاق اقتصادية وثقافية إنسانية…
يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ذ. لشكر ( إذا كنا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد حسمنا منذ عقود خلت في سؤال هويتنا، واعتبرنا أننا حزب يساري وطني، واشتراكي ديموقراطي، يتميز بتنوع روافده التأسيسية، ويجسد استمرارا لحركة التحرير الشعبية، فإننا في نفس الآن ، كنا نعود من حين لآخر في بعض محطاتنا التنظيمية وكلما دعت الضرورة إلى ذلك، من أجل تدقيق بعض الجوانب المتعلقة بهويتنا السياسية، ولتفويت الفرصة أيضا على بعض محاولات التشويش، والتعتيم، وخلط الأوراق في المشهد الحزبي ببلادنا…).
ونقرأ في البيان السياسي لحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فاتح شتنبر 2022: « إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إذ ينبه إلى ضرورة التأهب وقراءة المتغيرات الحالية بعين وطنية فاحصة من طرف مدبري الشأن الدبلوماسي، فإنه في الوقت نفسه يدعو تنظيماته وتعبيراته البرلمانية والشبيبية والنسائية إلى التحرك بوتيرة أعلى من السابق، والتحرك داخل كل المنظمات الإقليمية والقارية والدولية من أجل دعم حق بلادنا في السيادة على كافة مجالها الترابي، وحسم هذا النزاع المفتعل لصالح الأمن والسلم الدوليين من مدخل تأمين السيادة الوطنية في مواجهة مشاريع التقسيم التي تعد مجالا خصبا لنشاط الحركات الإرهابية ومافيات السلاح والجريمة العابرة للقارات ومآسي الهجرة غير النظامية « .
المعركة الدبلوماسية بشأن قضيتنا الوطنية ليست مهمة حصرية لمؤسسات الدولة بل مسؤولية المجتمع بأحزابه ونخبه ونقاباته ومثقفيه وبرلمانييه وجمعياته.
جاء في الخطاب السامي لجلالة الملك بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة « إن قضية الصحراء هي جوهر الوحدة الوطنية للمملكة، وهي قضية كل المغاربة، وهو ما يقتضي من الجميع، كل من موقعه، مواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية ، وتعزيز المنجزات التنموية والسياسية، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية .
وذلك خير وفاء لقسم المسيرة الخالدة، ولروح مبدعها، والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، وكافة شهداء الوطن الأبرار .»
إن الديبلوماسية الموازية مهمة جوهرية بالنسبة للحزب، يمارسها الاتحاد الاشتراكي من خلال واجهة المنظمات الدولية والجهوية والإقليمية والأممية الاشتراكية والأممية الاشتراكية للنساء، والاتحاد العالمي للشباب، بالإضافة إلى ربط علاقات ثنائية مع الأحزاب القريبة إيديولوجيا من حزبنا.
إن من أولى الأولويات عندنا، هي تعبئة كل مواردنا البشرية والتنظيمية والإعلامية التي نتوفر عليها في حزبنا، من أجل أن نكون رواد وطليعة الدبلوماسية الموازية، وأن نستثمر كل علاقاتنا الخارجية ونبني أخرى، من أجل أن نكون جزءا متينا من جدار صد مناورات خصوم وحدتنا الترابية. وإن موقعنا في المعارضة البرلمانية قد يكون ورقة إيجابية، إذا أحسن استثمارها، لبيان أن قضية الصحراء المغربية هي قضية دولة ووطن ومجتمع وشعب بمختلف تياراته ومناطقه وأجياله .
نسجل المشاركة المتميزة والمثمرة لحزبنا في المؤتمر الأخير للأممية الاشتراكية الذي انعقد بالجارة الشمالية « اسبانيا «، وهي مشاركة تعكس وعي الحزب بأهمية الديبلوماسية الموازية، وكذا تعكس قوة حضوره ومتانة علاقاته الخارجية التي تترجم الاحترام الذي يحظى به الحزب في المنتديات الحزبية الدولية، وخصوصا ذات المرجعية الاشتراكية الديموقراطية .
وإن نجاح الحزب في الحصول على مقعد نائبة الرئيس في الجهاز التنفيذي الأول لمنظمة الأممية الاشتراكية ممثلا لقارتنا الإفريقية، ومساهمته المقدرة في التصويت لصالح صديق المغرب السيد بيدرو سانشيز رئيس وزراء المملكة الإسبانية رئيسا للمنظمة، هو دليل على الموقع الذي يحتله الحزب ضمن منظومة الأحزاب الاشتراكية الإفريقية، مما مكنه من محاصرة الصوت الانفصالي الذي تزداد عزلته داخل المنظمة دورة بعد أخرى، وكذا دليل على مكانته الاعتبارية وسط مختلف الطيف الاشتراكي الديموقراطي، مما أهله للدفاع عن المصالح الوطنية، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية .
لا يكفي أن تكون اليوم، مجرد دولة لها حدود وحكومة وجيش وإدارات وشعب، بل يجب أولا، أن تكون لك مقومات هذه الدولة، تاريخيا وتنوعا ومؤسسات وتداولا ديموقراطيا للسلطة، وبناء سياسيا ومجتمعيا ودستوريا صلبا يسند ظهرك في المواجهات الكبرى، ويصد عنك الأطماع والمؤامرات ومخططات الهيمنة، التي تستعمل فيها وسائل استخباراتية قذرة .
ولم تعد الدعوة إلى تحصين الجبهة الداخلية ترفا نخبويا أوخطابا سياسيا يردد في الانتخابات، لكسب بعض الأصوات والمقاعد، ولاستعماله كورقة للابتزاز السياسي، بل أصبح ضرورة وطنية لإسناد الموقف المغربي الرافض لكل الصفقات التي يتم عقدها لإخضاعه بالقوة لمصالح الآخرين، أو التهديد بالمس باستقراره وأمنه . فالجبهة الداخلية كانت وما زالت هي الحصن الحصين لهذا البلد عبر مختلف المراحل، التي شهدتها المعركة الوطنية من أجل وحدتنا الترابية وبناء دولة المؤسسات، حيث كانت قوة البيت الداخلي هي أقوى ورقة يمتلكها المغرب في مواجهة خصومه، وبدون شك سيستمر هذا المعطى حاضرا إلى اليوم، مهما تغيرت السياقات الوطنية الدولية والإقليمية الحالية . لذلك فان المهمة الأكبر للأحزاب والحكومة والبرلمان والنقابات والإعلام بشقيه العمومي والخاص، هي تعزيز الجدار الوطني كل من موقعه، فالجبهة الداخلية القوية هي أفضل سلاح دفاعي ضد الأخطار الخارجية …
31 ماي 2023 بمراكش تم انتخاب الحسن لشكر نائب رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب رئيسا للشبكة الدولية للبرلمانيين الاشتراكيين والاشتراكيين الديموقراطيين، وذلك خلال انعقاد المؤتمر الدولي للبرلمانيين الاشتراكيين والاشتراكيين الديموقراطيين .
في 20 أكتوبر 2023 عقد المنتدى الدولي للبرلمانيين الاشتراكيين والاشتراكيين الديموقراطيين اجتماعه الدوري بدعوة من رئيسه الحسن لشكر .
يومي 10 و 11 نونبر 2023 نظم الحزب الاشتراكي الأوروبي مؤتمره بمدينة مالقة الإسبانية، وهو موعد سنوي ينتخب من خلاله قيادة الحزب ويحين كذلك خلاله توجهاته وأجندة عمله .
الاتحاد الاشتراكي ( العضو الملاحظ في الحزب الاشتراكي الأوروبي ) حضر ممثلا بكل من الأخت خولة لشكر ( مسؤولة العلاقات الخارجية للحزب ونائبة رئيس الأممية الاشتراكية ) والأخ المهدي المزواري ( ممثل الاتحاد الاشتراكي لدى الحزب الاشتراكي الأوروبي ) .
وشاركت الشبيبة الاتحادية في المؤتمر الدولي للشباب ومهرجان « اليوزي « الذي أسفر عن انتخاب قيادة جديدة من أجل مواصلة الدفاع عن مختلف القضايا التي تناقش داخل المؤتمر .
وتم تقديم ترشيح هند قصيور، منسقة العلاقات الخارجية، من أجل تقلد صفة عضو لجنة المراقبة لتحل على 96 صوتا ، بالتالي تربح الشبيبة الاتحادية هذه العضوية التي غابت عنها لسنين طويلة لتعود إليها من الباب الواسع …
وعقد وفد الشبيبة الاتحادية العديد من اللقاءات الثنائية مع وفود مختلف المنظمات الشبيبية المشاركة بداية بوفود عدد من أصدقاء الشبيبة الاتحادية بإفريقيا من الرأس الأخضر وأنغولا وبوركينا فاسو ومالي والكونغو وقارة أوروبا مع شبيبة الحزب العمالي الاشتراكي بإسبانيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من الأعضاء من جمهورية الدومينيكان والمكسيك وكولومبيا وفنزويلا …
في دجنبر 2023 استضافت الشبيبة الاتحادية، هند مغيت رئيسة الاتحاد العالمي للشباب الاشتراكي « اليوزي « في لقاء مفتوح بمقر الحزب بالرباط، بحضور عضوي المكتب السياسي، خولة لشكر وأحمد المهدي المزواري، وهي أول مرة في تاريخ « اليوزي « تقدم رئيستها عرضا مفتوحا أمام الشبيبة الاتحادية .
ونظم المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين الديمقراطيين الدورة الأولى من ملتقى مسؤولي المنتدى تحت شعار : «الأجندة التقدمية لحقوق الإنسان الأساسية : الوصول إلى المياه ، الأمن والحريات» بمشاركة 20 برلماني من إفريقيا أمريكا الجنوبية و أوروبا أيام 7 – 8 – 9 شتنبر 2024 بعاصمة المملكة المغربية – الرباط بالمقر المركزي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .
إنه حدث عظيم …ولعل الأهمية التي يحظى بها هذا المحفل الشبابي التمثيلي داخل النسيج الشبيبي الاشتراكي أو في الفضاء الديموقراطي العالمي، تتأتى من الموقع الذي صار يحتله الاتحاد الاشتراكي داخل أكبر تجمعات الاشتراكية الديموقراطية في العالم ( الأممية الاشتراكية، التحالف التقدمي )، والذي تتفرع عنه العديد من الديناميات الجديدة ذات الأثر الواضح في علاقة بلادنا مع جزء كبير من صناع القرار الدولي « رسالة الاتحاد ؛
ولا بد من التذكير بأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يظل الحزب الوحيد في شمال إفريقيا، العضو في الأممية الاشتراكية، الذي حافظ على تواجده المؤسساتي .
فهو عكس العديد من الأعضاء في هذه الأممية، الذين رحلوا برحيل أنظمتهم، كما في تونس ومصر، ظل قائما، وحافظ على وجوده المؤسساتي الذي يجعله شريكا فعليا لكل الاشتراكية ؛
ولعل أبرز ما يهم التحول الذي يحصل، بفعل دينامية شباب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومنتخبيه وممثليهما في هذه المنظمات الشبابية الدولية، هو منسوب الفعل الميداني خدمة لتجويد العلاقة بين بلادنا وشباب العالم الاشتراكي .
وليس سرا في هذا الباب ما حصل من تحولات تهم شبيبة العالم الاشتراكي ( اليوزي )، في ارتباطها مع قضية المغرب الأولى، ولا المساحات التي « حررتها « شبيبة الاتحاد الاشتراكي في السنوات الأخيرة داخل هذه المنظمة، والتي جعلت صوت بلادنا مسموعا في الأوساط الاشتراكية الدولية بكل مستوياتها .

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 16/12/2024