وريه وخليه : التيار الثالث يجهز على حزب القوات الشعبية في جهات الجنوب

محمد الوحداني

 

إن هذا التجرؤ المتكرر من طرف فلول التيار الثالث على حزب القوات الشعبية، وعدم وضع حد له كل مرة من طرف من يهمه الأمر، بمبرر أنه هناك من يصدق داخل ردهات المخزن، أن الأذرع الانتخابية لهذا التيار ستفوز بأغلبية عددية في صناديق الاقتراع، تمكنها من التربع على كراسي الصدارة في الحكومة و باقي المؤسسات، تبين يقينا و طيلة ستة عقود أنها لم تفز ولا مرة واحدة بهذه الأغلبية….! بل فتحت الطريق على مصراعيه فقط للفساد المالي، والتخلف، والإرهاب، والفساد الإداري، والأميين، وارتفاع قياسي لنسب المقاطعة، وهجرة النخب السياسية والانتخابية المؤهلة وذات الكفاءة للتنظيمات …
ألم يكتفوا من الإصرار على تكرار هذا الغباء البئيس والبليد ؟ نفس الخطة، ونفس الوجوه، وعند كل موعد انتخابي يفرخون حزبا جديدا أو يحاولون بعث الحياة في حزب متهالك، يرحل إليه الفاسدون الفاشلون في الإنتخابات السابقة، ويضعون أحزاب الحركة الوطنية والديمقراطية ومناضليها، وفي أغلب الأحيان حزب القوات الشعبية، هدفا حربيا لهم، موظفين بعض أجهزة الدولة وكل الوسائل الممكنة من ( اعتقالات ومحاكمات وقضايا تشهير واستنزاف مالي وتهديدات واغتيالات….) وفي الأخير لا يفوزون بأي موعد إنتخابي….و في أغلب الحالات كان حزب القوات الشعبية يحقق بسبب شعبيته وتاريخه وبرامجه وشرعيته الوطنية والدولية، نتائج إيجابية، وبعدها تزور الانتخابات، أو يتم الإجهاز على المنهجية الديمقراطية، وفي الحالات التي يتعذر على التيار الثالث اهتبال هذه السلوكات، يتم عرقلة عمل المنتخبين الاتحاديين بكل الوسائل، بما فيه تفخيخ الإدارات الترابية ببعض الموظفين المستعدين لتقديم خدمات للتيار الثالث …
وفي الأخير الذي نجح فيه التيار الثالث وأذرعه الانتخابية، هو تضييع فرص نموذجية وحقيقية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفتح الطريق المعبدة أمام حزب العدالة والتنمية كي يكتسح صناديق الاقتراع الانتخابي…
ولنتمعن جيدا وبكل موضوعية في ما وقع في القلعة الاتحادية عاصمة جهة سوس ماسة مدينة أكادير، تلك الجهة التي استطاعت أن تحقق أثناء التدبير الاتحادي لها، ما جعلها قطبا وطنيا ودوليا، في مجالات السياحة، والفلاحة، والصيد البحري، والخدمات…ووجهة عالمية في ميدان الاستثمار، لكن تهافت الحزب المعلوم على مشروع التحكم فيها، وتوظيفه لخدمات بعض موظفين يقومون بالوكالة بتقديم خدمات لأذرعه الانتخابية، وتلغيمه لحزب الاتحاد الاشتراكي، واختراقه لتنظيماته هناك، لم تسفر في الأخير إلا عن إنهاك حزب القوات الشعبية في الجهة، وفتح الطريق مشرعة أمام حزب العدالة والتنمية… لسيطرة مطلقة على جل مفاصل المؤسسات الانتخابية !
وهذه الأيام جاء الدور الآن على جهة كلميم واد نون، وقد تابع الجميع وطنيا ودوليا ما يحدث في الولاية الانتخابية الحالية 2021/ 2015، حيث إن المؤامرة التي نسج تفاصيلها الحزب المعلوم بدعم قوي من فلول التيار الثالث، ليتم تهريب وسرقة نتائج الانتخابات التي فاز فيها حزب القوات الشعبية وبأغلبية ساحقة، فآلت رمزيا رئاسة مجلس جهة كلميم واد نون لصالح حزب الأحرار، وتبين بعد ذلك، أن الذي كان يسير الجهة فعليا هو حزب العدالة والتنمية ! لنطرح الأسئلة الحارقة والمباشرة التالية على من يهمه الأمر :
– ماذا يعني أن تفرز لنا إرادة المواطنين خيارا حزبيا وشعبيا معينا ( حزب القوات الشعبية )، و يعمل التيار الثالث على سرقة هذه النتائج ويكون حزب الأحرار مجرد واجهة في مجلس الجهة، ويكون حزب آخر ( العدالة و التنمية ) هو المسير الحقيقي والفعلي ؟
هل هذه هي روح الدستور المغربي ؟ وهل هذه حقيقة هي إرادة الدولة العميقة؟ وإرادة الشعب الذي أعطى أغلبية أصواته لحزب الاتحاد الاشتراكي ؟!!
بتقييم مختصر، ماذا استفاد الوطن والمواطنون وجهة كلميم واد نون التي تعتبر واحدة من الجهات الجنوبية الصحراوية الثلاث، التي راهن عليها الملك محمد السادس والنخب السياسية والانتخابية، لكي تكون ورشا كبيرا مفتوحا لإنجاح تجربة الجهوية الموسعة، والديمقراطية اللاممركزة، والتنمية المجالية ؟
استغل الحزب المعلوم الممكن وغير الممكن ديمقراطيا وقانونيا، وقربه من بعض أجهزة الدولة، كي يسرق نتائج القوات الشعبية، فقط ليورط الدولة والصحراء المغربية، والديمقراطية الانتقالية، وكما العادة منذ ستين عاما في أزمة تدبيرية كان من نتائجها :
– تعطيل المنهجية الديمقراطية والتنمية في جهة كلميم واد نون .
– الضرب في صميم المبادرة الملكية للتنمية في جهة كلميم واد نون.
– الرفع من سقف المطالب الحقوقية والسياسية لنخب متضررة في جهة كلميم واد نون، حيث إن شعارات مضادة للوحدة الترابية، أمست موقفا يتقوى لتيار سياسي وإعلامي من أبناء المنطقة بالداخل والخارج وتحديدا بفرنسا .
ليستقر رأي الدولة في الأخير ولتصحيح الوضع، على عزل رئيس مجلس جهة كلميم واد نون، الذي وجد نفسه هو أيضا ضحية لهذا الضعف الانتخابي والسياسي الذي يعانيه حزبه، فتم إعادة انتخاب رئيس جديد لمجلس الجهة، ولغرائب الصدف ومكرها، أن تحالف حزب القوات الشعبية الذي كان من المفروض ديمقراطيا أن تكون له الرئاسة، لأن له أغلبية تمكنه من ذلك، تم توجيه كل الترسانات القانونية و غير القانونية من : فبركة ملفات وتهديدات وتلويح بالاعتقال…كي يصوت على الأقلية العددية مرة أخرى…و هذا ما وقع في الأخير .
وتستمر الحالة على عهدها، ومن بعدما تأكد للجميع أن انتخابات هذا العام 2021، لا محالة، ستؤول إلى حزب القوات الشعبية، وتأكد للحزب المعلوم أن اللاعبين المنتمين إليه لا يمكنهم نهائيا تحقيق أهدافه الانتخابية وحساباته السياسية، فيبقى أسهل سبيل هو استقطاب الأسماء الوازنة شعبيا وانتخابيا إلى دكاكينه الانتخابية من خلال نفس الأسلوب: « الوعيد بالاعتقال والحرمان من الترشيح «.
أليس هناك رشيد في هذه المهزلة، يوقف سفائفها المتكررة ؟
في هذه الزواية الأسبوعية « وريه و خليه « أوردنا أمثلة حية لتسجيل موقف استباقي كي يتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل فوات الأوان، نعم ركزنا على أن نطل من نافذة جنوب الوطن، ولكننا كنا نطل على شارع السياسة والانتخابات بالمغرب كله من طنجة حتى الكويرة .
اخترنا أن نتحدث ونسلط الضوء أكثر على الجنوب المغربي من أكادير حتى الداخلة، وبإمكان اتحاديين في جهات أخرى، أو مهتمين، بالبحث عن ما عاشه حزب القوات الشعبية، وباقي الأحزاب الوطنية والديمقراطية الأخرى، من مثل هذه الممارسات اللاديمقراطية و اللاقانونية… كي نؤكد لراشدي هذا الوطن أن الوقت قد حان للدفاع عن القانون والديمقراطية وسيادة العدالة في تدبير الشأن العام والاختلاف، وأن استغلال موظفي الدولة وأجهزتها السيادية، يجب القطع معه نهائيا من أجل تقدم هذا الوطن .
تعالوا إلى قول حق وعادل، وانظروا إلى حال ساكنة ووضع عاصمة سوس ماسة وجهتها، تلك الجوهرة التي كانت تضيء سماء المغرب وتشع أنوارها على العالم…. اطفأتم بريقها، أنتم مسؤولون عن كل ما تعيشه ….
تآمرتم على حزب القوات الشعبية واستنزفتم قواه الشعبية والتنظيمية، وبعدها جعلتموه لقمة سائغة وبشكل ديمقراطي لا خلاف حوله لحزب العدالة والتنمية .
ولأنه قوي على الحزب المعلوم شعبيا وتنظيميا، فلا يمكنه منافسته.
الحزب الذي كان مؤهلا لمنافسته هو حزب القوات الشعبية لكنكم أجهزتم عليه، وكونوا على يقين أنكم لن تفوزوا بالأغلبية عليه في جهة سوس ماسة هذا العام و لا الذي يليه….
الآن والحق أقول لكم التاريخ حكم بيننا :
ما تقومون به هو فقط تكرار لنسخة جهة سوس ماسة .
ولنفرض جدلا أنكم اعتقلتم كل أبناء الحركة الاتحادية، ومنتسبي حزب القوات الشعبية، والمكلفين بالمهام الانتخابية في جهة كلميم واد نون وجهتي الصحراء الجنوبية الأخريين، فلن تفوزوا بالأغلبية، فقط تعبدون الطريق لحزب العدالة والتنمية في جهة كلميم واد نون، ولتقوية أصوات جيل جديد يدافع عن رفع السقف ضد رموز الوطن،أما جهتي العيون والداخلة، فأغلبها لحزب الاستقلال، والباقي لحزب الاتحاد الاشتراكي والبام والحركة الشعبية .
علمتنا الحركة الاتحادية وآباء هذه الحركة، أن ننهج النقد الذاتي، أن نقف أمام أنفسنا واضحين ، ليس جلدا للذات أو بحثا عن تصفية حساب، لكن أن نتجه كل مرة للمستقبل بالتحليل الملموس للواقع الملموس، فنحن نؤمن عن قناعة مبدئية و تاريخية أن التشخيص الحقيقي للمرض هو أول طريق العلاج .
نعم أخطأنا كاتحاديين في الجنوب المغربي في تقديراتنا في محطات عديدة، وهذا قدر كل من يمارس، وأنتم أخطأتم وتخطئون عن إصرار وترصد، الفرق بيننا وبينكم أنكم لا تريدون الاعتراف بذلك، نحن نخطئ في أغلب الحالات دون قصد ويكون هدف أغلبنا هو الصالح العام، ونحاسب أنفسنا بعد ذلك، أما أنتم فأغلبكم يخطئ لأنه يمارس السياسة بهدف شخصي، أو كما قال ملك البلاد لأنه يعتبر السياسة غنيمة، ورجل هنا ورجل هناك …. مع استحضار الخلفيات الأيديولوجية لكل تيار منكم .
نحن قد نموت، قد نتعب، قد ننسحب، قد نخطئ، قد نسجن ونظلم ….لكن قيم الحركة الاتحادية وحزب القوات الشعبية مستمرة لا تموت، لأننا مقتنعون بأفكار ومبادئ، وهذه لا تموت، أما أنتم فمرتبطون بأشخاص والأشخاص يموتون .
وفي الأخير نحن حينما يكون الخصم منافسا قويا، نعترف بقوته ونحترم حضوره، وننافسه دون وعيد أو فبركة ملفات أو قتل أو اغتيال رمزي أو مادي، ولم يسجل علينا التاريخ أننا نقول كحزب أننا الدولة أو أننا القصر…
ولا يضيرنا أن نعترف للآخر بقوة برهانه، ولا ينقص من قيمتنا الاعتبارية والتاريخية والنضالية، أن ندافع عن منجزات الآخرين أفرادا وجماعات و مؤسسات، فنحن أبناء تلك المدرسة السياسية العملاقة التي تكلمت حينما سكت الجميع، أو حينما لا يتجرأ الكثيرون…
ونحن أبناء الحركة الاتحادية في الجنوب المغربي، من يشكل امتدادا للحركة الاتحادية التي تعتبر السياسة ليست مجرد انتخابات، بل مبادئ وطنية واضحة، وخدمة إجبارية للوطن، ندافع دون ابتزاز او مزايدات، لسنا مثل بعضهم من هو مستعد كي يحصل على كرسي تدبير أو ريع ما أن يحطم المعبد و ما فيه !
نختلف في التقدير السياسي أو تدبير ملف ما، لكننا نقول مواقفنا وفقا قناعاتنا، وبما فيه أمام المؤسسات، بما فيه هذه الصحراء المغربية، التاريخ يذكر ذات عقد ثمانيني حينما قال المرحوم الحسن الثاني فيها بالاستفتاء، وقالت قيادة الحزب قولا آخر حفاظا على قناعات الحزب بمغربية الأرض، ونحن أيضا من يدافع الآن عن إنجازات الملك محمد السادس في تطورات الوضع الدولي وعلى الميدان هذه الأيام، من أصاب دافعنا عنه، و من أخطأ في تقديرنا اقترحنا عليه تصويبنا .
نقول ما يجب قوله و في الوقت الذي يجب أن يقال .
لا نزايد .
لا نبتز .
لا نتعارض مع مواقفنا، فذلك تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا .
نحن هم نحن وكفى ! وفي ذلك فليتنافس المنتافسون، وكما نقول نحن أهل الجنوب الصحراوي : التاريخ لا يرحم و اللي تقيد لا تحيد « .
وزحف ربيعنا لا تزعجه غيوم مقاعد انتخابات عابرة…

الكاتب : محمد الوحداني - بتاريخ : 03/03/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *