2 نونبر 1917 وعد بلفور: جريمة في حق الشعب الفلسطيني المناضل

خليل البخاري *

مرت 103 أعوام على صدور وعد بلفور، والشعب الفلسطيني لايزال يعاني يوميا المآسي والويلات نتيجة زرع كيان إرهابي صهيوني غاصب على أرص فلسطين .
ففي 2نونبر 1917 أصدر وزير خارجية بريطانيا وعد بلفور كجزء من السياسة الإمبريالية التي كانت تتزعمها بريطانيا وتدعمها الحركة الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية.
وقد عرضت الحكومة البريطانية نص تصريح بلفور على الرئيس الأمريكي ولسون الذي وافق على مضمونه قبل نشره ووافقت عليه أيضا فرنسا وإيطاليا رسميا سنة 1918، ثم تبعها الرئيس الأمريكي رسميا وعلنيا سنة 1919، وكذلك اليابان. وفي 25 أبريل 1920 وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ، حسب ماورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وفي 24 يوليوز1922 وافق مجلس عصبة الأمم على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 شتنبر 1923. وبذلك يمكننا القول إن وعد بلفور كان وعدا استعماريا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
لقد عملت بريطانيا، بدءا من مرحلة الانتداب 1920 إلى 1947، على تكريس جهودها لتنفيذ الوعد من خلال تمكين اليهود من الاستيلاء على الأرض وفتح أبواب الهجرة من   شتى أنحاء العالم وإنشاء الوكالة اليهودية وغض الطرف عن العصابات اليهودية. فسلطة الانتداب البريطاني كان هدفها هو تغيير الواقع الديمغرافي والاقتصادي بفلسطين، وذلك عن طريق تهجير السكان الأصليين خارج أرضهم المحتلة والاستيلاء على أراضيهم ومنح تسهيلات للأقلية اليهودية من أجل الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.
ويعتبر وعد بلفور المشؤوم أكثر وثيقة مخزية لبريطانيا، وعد يتعارض مع وعد الإنجليز للعرب قبلها بعام بمنحهم الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية (اتفاقية سايكس بيكو)، لقد كان اليهود يشكلون أقلية من سكان فلسطين، في ما كان الفلسطينيون يمثلون 90% من سكان فلسطين ويمتلكون 97%من الأراضي. ويقول المؤرخ توينبي إن تحقيق حلم الحركة الصهيونية بإقامة دولة يهودية قومية في فلسطين لم يكن ليتم لولا صدور وعد بلفور .
إن وعد بلفور للصهاينة هو نهج يلتقي في نتيجة واحدة وهي أداء خدمة فعلية لحساب الحركة الصهيونية الإمبريالية العالمية، بريطانيا كانت أم فرنسية، للحفاظ على المصالح الحيوية للغرب في شرقنا وقودها اليهود وشعوب المنطقة.
إن وعد بلفور هو جريمة تأتي في ظل موقف إسرائيلي متعنت ورافض لكل جهود السلام في المنطقة ولوقف الاستيطان والممارسات التعسفية في حق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبالضفة الغربية والقدس  الرافضين للتهويد والراغبين في العيش بكرامة وحرية وإنهاء الاحتلال.
إن وعد بلفور وجد طريقه للتطبيق والتنزيل، وتم انتزاع حق من ورثته الشرعيين منذ آلاف السنين ومنحه لمن لا حق لهم ولا يستحقونه. إن وعد بلفور هو الغطاء السياسي  الدولي للمشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، كما سوف يبقى هذا المشروع الجريمة شاهدا على العبث التاريخي ويذكرنا بالحقوق الفلسطينية والأرض العربية التي جرت فوقها خمس حروب دامية.
وخلاصة القول، فإن الكرة اليوم في ملعب الفرقاء والفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتهم منظمة التحرير الفلسطينية، وأبو مازن رأس الشرعية الفلسطينية وبيده المفاتيح والصلاحيات لاستنهاض الحالة السياسية الفلسطينية، وفي انتظار أن يتحرك لتبديد الخلافات مع حماس وتصويب مسارات الحراك الوطني الفلسطيني، بكل أطيافه، والالتفاف حول الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني والمساهمة في تصحيح المسار التاريخي باستعادة الحق الفلسطيني ومسح كل آثار الظلم والعدوان على الشعب الفلسطيني البطل.

* أستاذ مادة التاريخ

الكاتب : خليل البخاري * - بتاريخ : 03/11/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *